قدم الموسيقي "سومر محمد" موهبته الموسيقية عزفاً وتأليفاً على طبق من فضة لكل موهوب، فأصدر عدة كتب مهمة في مجال التعليم وصقل الموهبة، وجرب فاعليتها على طلابه، فكانت بصمة ورسالة إنسانية خاصة على الرغم من صغر سنه.

مدونة وطن "eSyria" التقت الموسيقي "سومر محمد" بتاريخ 12 حزيران 2018، وكانت البداية من عشق الموسيقا، فقال: «الموسيقا عشق قديم باقٍ لا ينتهي، فكل طفل في هذا العالم يولد وموهبته في وجدانه، يبدع حين يجد من يكتشفها ويدعمها وينميها، بدأ وعيي ولا شيء يشدّني أكثر من الموسيقا التي تعبر أجزاء جسدي وروحي عند كل استماع، وخاصة آلة الغيتار.

لدي بعض الألحان البسيطة وبعض المؤلفات التي لم تنشر بعد، لأنه لم يحن وقتها، وقد أسست استديو خاصاً منذ عام 2009 للتسجيل والتوزيع الموسيقي الآلي والغنائي، بعد دراستي لعلوم الهارموني والتوزيع والتأليف الموسيقي، وما زلت أعمل فيه حتى الآن

البداية كانت صعبة نوعاً ما لقلة مدرسي الموسيقا والمعاهد الموسيقية في التسعينات، لكن لعامل الوراثة دور في وجود الموهبة، فوالدي كان محباً للموسيقا وآلة العود، وبالنسبة لي بدأت تعلم العزف على آلة الغيتار عندما أهداني أحد أقاربي هذه الآلة حين نجحت في الصف التاسع، وكانت أجمل هدية حصلت عليها طوال حياتي، وبدأت الإبحار في عالم هذه الآلة غير المحدود، وازداد حبي بدعم والدتي. كنت أعزف الإيقاع بطريقة جيدة حينئذٍ، فانضمامي للفرق الموسيقية في الشبيبة والمعسكرات الترفيهية الموسيقية بقيادة الموسيقي "مهدي إبراهيم" كان له دور أساس في تأسيسي.

من مؤلفاته

وفي عامي السابع عشر بدأت العمل مع فرقة موسيقية بقيادة الموسيقي "سعيد خضر" كعازف غيتار مع أغلب الفنانين والنجوم، وفي كل بقاع "سورية"، و"لبنان"، واكتسبت الخبرة الكبيرة، ثم درست في معهد إعداد المدرسين بـ"طرطوس"، وتخرجت عام 2002 كمدرس لمادة التربية الموسيقية.

وأكملت طريقي كعاشقٍ نهمٍ للموسيقا لا يشبع، وأبحرت في دراسة العلوم الموسيقية وأغلب الآلات كالعود والبيانو والآلات الإيقاعية».

غيتار

وعما قدمه في مجال الموسيقا، قال: «عندما خضت في مجال تدريس الموسيقا والعزف على أغلب الآلات الموسيقية، كان أكثر ما يؤلمني عدم وجود المناهج الكاملة والصحيحة للآلات الشرقية، وأن كل منهاج نحصل عليه يفتقر إلى شيء ما، فكان هاجسي أن أضع منهاجاً لكل آلة على الأقل، لأعتمده في التدريس وأنشره للعامة.

وحينئذٍ وضعت منهاجاً لآلة العود، أظن أنه الأشمل للطالب المبتدئ ليتأسس تأسيساً جيداً، ووضعت منهاجاً لآلة الغيتار الكلاسيك، وهو أول منهاج باللغة العربية لهذه الآلة، ونظراً لعدم وجود دور النشر التي تدعم كتب الموسيقا؛ لم أستطع النشر، فاكتفيت بنشر كتاب العود على نفقتي الخاصة.

مع فرقته دندنة

يجب تأليف المنهاج وتجربته على مئات الطلاب للوصول إلى المنهاج الأفضل، نظراً لكثرتها في أيامنا، لكنني اعتدت التأليف والتجريب، لذلك نجح كتاب العود؛ ولم يقتنيه أحد إلا وتعلم وأبدع من خلاله.

تدريس الموسيقا ورغبتي بوصولها إلى كل منزل، ورغبتي بمساعدة كل طالب وكل هاوٍ، ودعمي لإظهار أي موهبة على الرغم من بساطة الإمكانيات وانعدامها أحياناً، كان له أثر كبير في الرسالة الإنسانية التي أنشدها من الموسيقا، كما أن صدقي في إعطاء المعلومة وإيصالها إلى مستحقيها كان البصمة الأجمل التي يتم طبعها في ذاكرة كل من يعرفني أو تعلّم لدي».

ويتابع: «لدي بعض الألحان البسيطة وبعض المؤلفات التي لم تنشر بعد، لأنه لم يحن وقتها، وقد أسست استديو خاصاً منذ عام 2009 للتسجيل والتوزيع الموسيقي الآلي والغنائي، بعد دراستي لعلوم الهارموني والتوزيع والتأليف الموسيقي، وما زلت أعمل فيه حتى الآن».

كما أسّس مركزاً للتدريب وأنشأ فرقة موسيقية، وقال عنهما: «أسست وزوجتي مركز "دندنة" لتعليم الموسيقا عام 2004، وكانت معاناتنا حينئذٍ في إيجاد مدرسين أكفاء، لكن ساعدنا دعم وتشجيع الأهل لأبنائهم، علماً أنه لم يكن كافياً، وأسسنا أكثر من فرقة موسيقية حسب الفئات العمرية، غايتها عزف الموسيقا الصحيحة الراقية وغناء الأغاني الأصيلة والتراثية والحديثة».

وعن الأثر الإيجابي لهذه الخطوة، قال: «أي عضو في المركز عازف أو مغنٍّ يطمح أن يعزف ويغني للناس، فالثقافة الموسيقية لدى الأهل أصبحت في كل منزل تقريباً، والجميع يدركون ونحن نؤمن بأهمية الموسيقا وتأثيرها بالسلوك والذكاء والنشاط الدماغي، وأثرها الصحي، وحتى تأثيرها في بناء شخصية متزنة جريئة.

وهنا أؤكد أن هذا هو الدافع لتكوين الفرق الموسيقية من طلابنا، ومن كل هاوٍ ومحب، وتقديم الحفلات الموسيقية الراقية في المراكز الثقافية، ومثال على ذلك أسبوع الموسيقا الذي نقيمه سنوياً في المركز الثقافي العربي في "بانياس" بدعم وتشجيع مديرية الثقافة في "طرطوس"، الذي أصبح حدثاً سنوياً يترقبه الناس، ليأتوا من كل الساحل للاستماع ومشاهدة أطفالنا وكبارنا يؤدون ويبدعون الأعمال الموسيقية والغنائية».

وفي حديث للموسيقي "حسين شاطر" أكد أن للفنان "سومر" رسالة سامية في نشر الوعي الموسيقي عبر ما قدمه في هذا المجال على مستوى محافظة "طرطوس"، والمحافظات التي قدم فيها منتجه الخاص تأليفاً وعزفاً، وأضاف: «ساهمت كتبه ومؤلفاته الموسيقية الأكاديمية في تعزيز ثقافة الموسيقا ونشر أصولها بين الموهوبين والهواة والمهتمين، وكذلك كانت دراسته الأكاديمية مخرج لتأصيل ما عشقه كموهبة فطرية بعد تأطيرها أكاديمياً، إضافة إلى أنه عزّز ثقة المهتمين بمنتجه واقعياً؛ من خلال تأسيسه لفرق موسيقية تدرس أصول الموسيقا للكبار والصغار؛ فبات ما ينشده واقعاً ملموساً له بصمته الوجودية بين الناس، خاصة أن ما قدمه سد عناصر النقص في المناهج التدريسية».

يشار إلى أن الموسيقي "سومر محمد" من مواليد مدينة "الشيخ بدر"، عام 1980.