منذ الصغر وشغف الرسم والتلوين يراود "أسامة الخطيب"، فكان يحضّر فروضه المدرسية ويزيّنها بالرسومات التوضيحية، وعندما كبر، شغف بالمرأة وحالاتها الاجتماعية، فقدّمها على شكل منمنمات بتصاميم قماشية.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "أسامة حبيب الخطيب" بتاريخ 15 تموز 2017، لتبحر معه في عالم الرسم خاصته الذي أبدع فيه لوحات وتصاميم، وقال: «في مرحلة معينة -وأظنّ أنها عام 1996- تقدمت إلى مركز "أدهم إسماعيل" للفنون التشكيلية لأكون أحد طلابه الساعيين إلى تنمية مواهبهم، لكن الحظ لم يحالفني آنذاك، لكن إصراري على تأطير موهبتي كان أقوى، تقدمت للمرة الثانية وقبلت في المركز لعامين بلورت من خلالهما موهبتي بما يرضي ذاك الشغف الفطري الذي راودني منذ الصغر.

لقد وظّف الفنان "أسامة" موهبته الفطرية التي أطّرها بالدراسة والحرفية العملية لتكون مصدر دخل له، وهذه حركة جيدة منه تمكّنه من المتابعة في العمل الفني

في البداية كنت أرسم بقلم الرصاص، وأنتج نحو عشرين لوحة يومياً في حالات الرخاء النفسي واختمار الأفكار، ومنها انطلقت للمشاركة الجماعية بالمعارض التشكيلية، وكانت أولى مشاركاتي عام 1999 مع بعض الزملاء ممن اختصوا بما أسميناه حينئذٍ (الفن الحرّ)، وذلك لأن كل واحد امتلك أسلوبه الخاص، وتتالت المعارض الجماعية كل ستة أشهر، فتلاقحت أفكارنا وتبلورت رؤانا».

من أعماله

وعن أسلوبه الفني، قال: «اختصيت بالأسلوب التعبيري بالألوان الزيتية، لأنه كان أقرب إلى روحي بالتعبير عن النفس الإنسانية، وخاصة المرأة المظلومة في الحياة، فتتوجت لوحاتي بحزنها وألمها، وكان همي هنا إرضاء ذاتي بعيداً عن التفكير بالمتلقي، وكأنها شحنات داخلية تخرج على السطوح الغرافيكية، فلكل فنان إحساسه الخاص، وكان لي أسلوبي في التعامل مع الأفكار من دون النظر إلى هموم ومطالب المتلقين؛ فمن وجهة نظري على الفنان الابتعاد عن إرضاء المتلقي؛ لأنه يرسم لشغف ذاتي أولاً، ثم يرسم ليحاكي أفكار غيره».

ألوان أحبّها، فكانت عنواناً للوحاته، وكأنه يخلّد تلك اللحظة باسم لون معين، حيث يضيف: «من أهم الألوان التي أحبها: الأسود والأحمر، لأن فيهما الموت والدم؛ لذلك يرى المتلقي هذين اللونين أساسيين في لوحاتي، وهذا الأمر لم يأتِ من فراغ، وإنما كان نتيجة تأثري ببعض الفنانين، أمثال "موديغلياني" الذي حاكى بلوحاته هموم المرأة بالبورتريه على خلاف لوحاتي التي أظهرت ألم المرأة من خلال جسدها المتعري بشكل بعيد عن الفضح الجنسي؛ أي بشكل فني بحت، فالتقوقع بجسدها مثلاً يعبّر عن الخوف، ولا يظهر مفاتنها».

لوحة تعبيرية

تطور الأدوات والمهارات دفعت الرسام "أسامة" إلى خوض تجربة جديدة، قال عنها: «أعمل بالديكورات بوجه عام، وفي تصميم الألبسة وتطريزها بوجه خاص، وهذا بالاعتماد على الفن في خلق الرسومات القماشية المتناهية الدقة، بتداخل خيوطها وطرائق رسمها، وهذه عملية جمع ودمج بين الفن والتصميم والتطريز وفق منمنمات لونية وحركية خاصة توضح أسلوبي الخاص.

ومن أهم ما قدمته في هذا المجال كان رسومات قماشية تحاكي البيئة التي أسكن فيها، ومنها الدمشقية التي ولدت فيها، وأيضاً أدخلت فنّ المنمنمات إلى لوحاتي ضمن ما يمكن تسميته الخط العربي النباتي، ووظّفتها بالخطوط لجسد المرأة لتحاكي الألم، وتكون بعيدة عن التشهير بأنوثتها، وأضفت إليها عمليات حرق بالليزر على السطوح الغرافيكية الخشبية لتظهر واقعية العمل والفكرة منه؛ أي إنني مازجت بين عدة أجناس فنية، وهي خطوة غير مسبوقة على حدّ معرفتي».

تطريز ومنمنمات قيد العمل

وفي لقاء مع "خالد حيدر" مدير المركز الثقافي في "بانياس"، الذي أقيم فيه مؤخراً معرض فني للرسام "أسامة"، أكد أنه امتلك أسلوباً فنياً جميلاً يعبر عن خلجات فنية بروح إبداعية تداخلت فيها التعبيرية بالواقعية، وأضاف: «لقد وظّف الفنان "أسامة" موهبته الفطرية التي أطّرها بالدراسة والحرفية العملية لتكون مصدر دخل له، وهذه حركة جيدة منه تمكّنه من المتابعة في العمل الفني».

الشاب "شادي بيطار" من متابعي أعماله الفنية، قال: «تميّزت أعماله بألوانها اللافتة لنظر المتلقي من الوهلة الأولى، التي تثير برأيي تساؤلات عدة تجعله يتعمق بالتفكير بها، وهنا يحقق الرسام غايته بالجذب وتوصيل الأفكار».

يذكر أن الفنان "أسامة الخطيب" من مواليد "دمشق" عام 1975، ومقيم في "بانياس".