رسمت دراسة الموسيقا خطى مستقبله حتى أصبحت حياته، فلحن من خلالها أجمل أعمال الأطفال مثل "شكراً طرطوس"، ونسج موسيقا طرطوسية تماشت والموسيقا الساحلية، باتت تغنى على المسارح.

فالموسيقي "غياث كابر" ابن مدينة "طرطوس" لم يكن يعلم أن الموسيقا ستكون مستقبله المشرق بحسب قوله حين تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 تشرين الثاني 2014، ولم يكن يعلم أن لديه الموهبة الدفينة، وهنا قال: «لقد كانت انطلاقتي الموسيقية بعد دراسة معهد الموسيقا، حيث أصبحت الموسيقا كل شيء بالنسبة لي وجزءاً من حياتي، وكانت التخصص بتعليم الأطفال والعزف ضمن عملي في مدرسة الأنشطة، حيث كان يطلب مني فقرات فنية لتكوين فرق صغيرة أو متواضعة، ومن هنا بدأت الخبرة تتزايد وتتوسع وتتبلور، وأنشأت "مركز الهزيم للموسيقا"، وبدأت تكوين فرق لها قوامها الموسيقي المتكامل وفقاً للآلات الموسيقية المعروفة، ومنها انطلقت إلى تلحين الأعمال والكلمات الزجلية والشعرية والنثرية، لكتاب وشعراء معروفين.

أسست فرقة موسيقية خاصة بمركزي الموسيقي، أطلقت عليها اسم "رواد الأصالة"، وأحاول من خلالها إنشاء تخت شرقي، إضافة لفرقة "النوارس" الخاصة بعملي في مدرسة الأنشطة، وهي مستمرة من حوالي عشرين عاماً

ويمكن القول إني أحببت مهنتي وعملي كثيراً، وهذا أدى إلى إبداعي بها، إضافة إلى أنها أصبحت جزءاً من حياتي وهو ما دفعني نحو البحث عن التميز ومحاولة خلق كل جديد، وهذا تكامل بالنسبة لي ما بين الأساس العلمي الذي امتلكته والموهبة التي خلقت عليها وكانت دفينة، وهو ما حاولت العمل عليه وزرعه في نفوس الجيل المحب للموسيقا، لأن الموسيقا بالعموم حالة من التميز الإنساني».

خلال إحدى الأمسيات الموسيقية

لقد قدم الموسيقي "غياث" أعمالاً فيها خصوصية المحبة الطرطوسية، وهنا قال: «شاركت بالكثير من المهرجانات والحفلات على مستوى عملي الوظيفي ومعهدي الخاص، فقدمت أعمالاً مع الأطفال الوافدين إلى المحافظة كانت أعمالاً ابداعية ومتميزة، بشهادة كل من حضرها وتابعها، وكانت البداية بحفلة لهم في "حديقة الباسل"، وتبعتها حفلات وأمسيات موسيقية بالتعاون مع فرقتي بالمعهد، ومنحت نتيجتها تكريماً جيداً.

وكان الهدف هنا نزع شعور الحزن واليأس من نفوسهم، وزرع المحبة والأمل مكانها، وهذا ما لاقى ترحيب الجميع وغير من طبيعة هؤلاء الأطفال، وأبرز ما قدمته هنا أمسية بعنوان "سورية ميلاد السلام" ضمن كنيسة "السيدة" على شاطئ البحر، وقدمنا خلالها أغاني للرحابنة.

الموسيقي غياث كابر

وبعدها قدمت عملاً بعنوان "شكراً طرطوس" كان نتيجة شكر هؤلاء الأطفال من الوافدين وأهاليهم لأبناء "طرطوس"، وكان عملاً رائعاً شارك فيه مطرب من محافظة "حلب" اسمه "أحمد خيري"، وهذا ما أعتبره شيئاً مميزاً للموسيقا في "طرطوس"».

ويرى الموسيقي "غياث" أن تقديم أعمال موسيقية من كلمات شعراء معروفين قد يخدم العمل في البداية فقط، ليبقى فيما بعد إبداع الموسيقي ذاته هو سيد المسرح، وأوضح ذلك فقال: «بصراحة قد تخدم كلمات الشعراء المعروفين العمل الموسيقي في بدايات كل مشوار موسيقي فقط، ولكن فيما بعد تبقى الكلمة الجميلة جميلة مهما كان من يقدمها، وهذا نتيجة تجربة عمل مررت بها، وتأكيداً على ذلك قدمت أعمالاً مبدعة من حيث الكلمات وهي لكتاب غير معروفين، ولاقت صدى جميلاً ورائعاً لاحظته من التفاعل».

ويتابع فيما يخص عمل "الرسام الصغير" لشاعر الطفولة "سليمان العيسى": «طلب مني في ذكرى أربعين رحيل الشاعر "سليمان العيسى" الذي رعاه المركز الثقافي بـ"طرطوس"، تقديم عمل، فقمت بتلحين "الرسام الصغير"، وكان هذا انطلاقة لإعادة إحياء هذا النمط من الكلمات والشعر، لأننا أبناء هذا الشاعر الكبير، فمن منا لم يعشق أشعاره؟ ومن لم يرددها؟ وهنا يمكنني القول إنها كانت بالنسبة لي تجربة جديدة، من حيث إنشاء حركة متكاملة على المسرح ما بين العازف والراقص والرسام، وهو ما منح المناخ العام حيوية جميلة ورائعة.

وهنا يجب الإشارة إلى أنني حاولت أيضاً تقديم موسيقا وألحان لها علاقة بالمحلية كتجربة بسيطة، ومنها أغنية "هيلا يا طرطوس" للشاعر "حيان حسن"، وتقديم شخصية خاصة عبر الكلمات والألحان والعزف الطرطوسي».

للموسيقي "غياث" آلية خاصة يتبعها في تلقين المعلومة الموسيقية أساسها العلاقة الوثيقة بين الطالب والموسيقي، وفتح قناة خاصة بينهما، ليكون المتدرب قادراً على تلقي أي معلومة، إضافة إلى تناغم تام بينهما عبر الأسلوب الناعم المعتمد على غرس البذرة بسلاسة كي تنمو، وهو ما ساهم في تأسيس فرقة خاصة، عنها قال: «أسست فرقة موسيقية خاصة بمركزي الموسيقي، أطلقت عليها اسم "رواد الأصالة"، وأحاول من خلالها إنشاء تخت شرقي، إضافة لفرقة "النوارس" الخاصة بعملي في مدرسة الأنشطة، وهي مستمرة من حوالي عشرين عاماً».

وفي لقاء مع أحد المتدربين الشباب على يد الموسيقي "غياث كابر"، حدثنا الشاب "علي حسن" عازف آلة الأورغ، فقال: «يتمتع الأستاذ "غياث" بحس مرهف قادر من خلاله على إيصال المعلومة بكل سلاسة، وقد كان لي مشاركات معه بعدة أعمال جيدة منها "شكراً طرطوس"، وقد كانت أعمالاً إبداعية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ونالت إعجاب الجميع وتصفيقهم الحار.

ولو وددت الحديث عن تأثيره الموسيقي؛ يمكن القول إنه عرفني بخفايا آلة الأورغ التي يمكن من خلالها إظهار أية نغمة لأية آلة موسيقية أخرى».