تعد الخبرة التي يكتسبها النحات المساعد من الملتقيات الفنية، بمشاركته للقامات الفنية المتجذرة فنياً، إشكالية يأبى بعض الفنانين تقديمها، وبعضهم الآخر يتمنون السؤال فيها لتحفر مكانها في الخلود المهني.

النحاتة المساعدة "حنان الحاج" خريجة فنون تطبيقية أكدت أن مشاركتها بالملتقيات النحتية المتعددة، أكسبتها خبرة جيدة وقيمة تحتاج إلى الكثير من الوقت والعمل المهني لتحقيقها بمفردها، وهي لفتة جميلة من وزارة الثقافة بدعوتها لتشارك عمالقة النحت من مختلف المحافظات، وهنا تضيف: «في كل ملتقى نتابع نحاتين مختلفين عما تعرفناهم سابقاً، ونتابع خبراتهم الجديدة وتقنياتهم بالعمل، فعندما نكون مع الفنان ندرك كيفية تفكيره، ونتعلم كيفية البدء بالعمل النحتي ورؤية العمل منذ البداية، وندخل في عمق التفاصيل الدقيقة لعمله، كما نجد حلولاً لمشكلات قد تعترضنا خلال العمل على الكتلة.

شاركت بالعديد من الملتقيات النحتية السابقة، كنحات مساعد، والفكرة هنا بمشاركة العديد من الفنانين من مختلف المحافظات، إن لكل محافظة هويتها الفنية الخاصة بها، وهنا تكمن الفائدة بالنسبة لي بمعرفة كيف يفكر كل فنان، وكيف يعمل، وما التقنيات الجيدة التي لم ندركها بعد، وكيف ينتج عملاً فنياً خاصاً به وبهويته المجتمعية الطبيعية

كما نتعلم كيفية استخدام الأدوات النحتية بطريقة سهلة وسريعة وموظفة بشكل أعمق عما تعلمناه أكاديمياً، وحقيقة تعلمت كيف أغوص في أعماق التفكير بالكتلة قبل وبعد الإنجاز، وكأني أراها جاهزة أمامي بتصور فكري بصري».

النحاتة المساعدة حنان الحاج

وتتابع: «مع تعدد النحاتين المشاركين تتعدد الأساليب النحتية التي يمكن الاطلاع عليها وتعلمها، ما يمنحنا أفقاً أوسع، ويساهم في تراكم الخبرات والمعارف، فأنا مثلاً استقيت من ملتقى النحت على الخشب بـ"طرطوس"، الذي حمل عنوان "سورية أنت الأجمل" الكثير من خبرة نحاتي "طرطوس" الذين التقيتهم للمرة الأولى، ورأيت خبرتهم العالية وحسهم الرفيع وأساليبهم النحتية المميزة على الكتل النحتية الخشبية، ويمكن إرجاع هذا إلى توافر مادة الخشب بكثرة لديهم».

أما النحات المساعد "أنطون أدلبي" فقال: «شاركت بالعديد من الملتقيات النحتية السابقة، كنحات مساعد، والفكرة هنا بمشاركة العديد من الفنانين من مختلف المحافظات، إن لكل محافظة هويتها الفنية الخاصة بها، وهنا تكمن الفائدة بالنسبة لي بمعرفة كيف يفكر كل فنان، وكيف يعمل، وما التقنيات الجيدة التي لم ندركها بعد، وكيف ينتج عملاً فنياً خاصاً به وبهويته المجتمعية الطبيعية».

النحات المساعد أنطون أدلبي

ويضيف: «تعلمت من آخر ملتقى شاركت به بعنوان "سورية أنت الأجمل" تقنيات التعامل مع الكتل الضخمة، وتعرفت على أسلوب بعض الفنانين ممن كنت أجهلهم وأجهل التعامل معهم سابقاً، كما تعرفت على طريقة التعامل مع التقنيات الفنية، وكيف أبدأ بتشكيل الفكرة الفنية على الكتل النحتية، كما أدركت أيضاً كيفية تنفيذ الخطوط على الكتل، كما أدركت أهمية الفراغات بها، والخطوط العرضية أيضاً».

إن إشكالية الفائدة وتحقيقها من المشاركة بالملتقيات النحتية بالنسبة للنحاتين المساعدين، الذين تعمل وزارة الثقافة على زجهم في خضم التجربة الفنية، لتأهيل كوادر فنية بخبرات عالية، إشكالية لامستها مدونة وطن "eSyria" وحاورت بها النحات "علي سليمان" بتاريخ 29 أيلول 2014، فقال: «لا بد لكل فنان من أن يمر بمراحل تعزز لديه تقنيات العمل، فلا شك أن الخريجين الجدد يمتلكون الأفق الواسع جداً بـ"السكتشات والماكيت"، فالملتقيات تطلب الخبرة، فأي طالب أو خريج جديد من الفنون الجميلة، أعتقد أن عليه أن يساعد مرات عدة ليعتاد الأدوات، خاصة أن هذه الأدوات خطيرة وتحتاج إلى جهد قوي جداً، ويجب على الخريج التدرب كثيراً قبل الخروج إلى الواقع وتنفيذ كتلة نحتية».

أما النحات "أكسم السلوم" فقال: «عندما يتقدم النحات المساعد لمساعدتي أتابع طريقة مسكه للأدوات، وأحاول تصحيح الخطأ منها وأثني على الجيدة، كما أوضح له كيفية استخدامها وتوجيه ضرباتها لتكون أكثر فاعلية على الكتلة، أي منح هذه الضربات عملية توازن مع الغاية من الضربة على الكتلة.

وبوجوده ضمن الملتقيات ومشاركته بها يتابع مختلف النماذج الفنية ومختلف الأساليب أيضاً، فيتمكن من جمع المعلومات البصرية التي تمكنه من تحقيق هدفه الفني، أو أن تصنع منه فناناً موهوباً إن كان شخصاً مهتماً بالفن، إضافة إلى أنه يستمع إلى حوار الفنانين ويغتني به».

في حين لم يبد النحات "محمد بعجانو" أي ميول نحو تقديم المساعدة والخبرة الفنية للنحات المساعد، حرصاً على عدم وقوعه في خطأ فني يؤثر في شخصية العمل.

وفي لقاء مع النحات "عماد الدين كسحوت" مدير مديرية الفنون الجميلة، ومشرف على ملتقى النحت على الخشب "سورية أنت الأجمل"، قال: «نحاول زج طلاب معهد الفنون التطبيقية والخريجين الجدد من الأقسام الفنية ضمن الملتقيات النحتية، ليكتسبوا الخبرة العملية والتقنية بالعمل، وليشاركوا الفنانين في الملتقى بجميع حالاتهم منذ بداية العمل وحتى نهايته، فعندما يرى الفنان الشاب كيف بدأ الفنان العمل وحتى ينهيه، يكتسب خبرة سنوات طويلة من العمل، فمنهم من سيكون يوماً ما فناناً مبدعاً، وهذا هدفنا في وزارة الثقافة؛ تكوين روافد للحركة الفنية التشكيلية السورية في المستقبل، فيبقى هذا التألق الفني السوري المعروف.

وهنا أقول أيضاً، يجب على كل فنان ألا يبخل بعطاء أو أي فكرة تفيد النحات المساعد، لأن هذا الإبداع هو إبداع وكنز وطني يؤمن الاستمرار للإبداع السوري».