ضمن تربة فنية خصبة نشأ، وعلى إيقاعات العود ترعرع، فما كان لموهبته الغنائية إلا أن تنتفض ليبدأ مشواره الفني الغنائي.

eSyria التقى الفنان "أحمد عبد الحميد قنوطة" بتاريخ "10/7/2011" ليحدثنا عن مشواره الفني وكيف بدأ: «نشأت في قريةٍ جبليةٍ جميلةٍ جداً، كان لها تأثيرها الكبير على موهبتي الفنية، ومن سماع إيقاعات العود بريشة الفنان "محمد عبد الحميد قنوطة"- أخي الأكبر مني سناً- عشقت الفن والعود الذي هو أساس التخت الموسيقي الشرقي، وذلك من خلال السهرات الفنية الشعرية التي كان يقضيها أخي ورفاقه الفنانون والشعراء في منزلنا، حيث كنت صبياً صغيراً يسترق السمع ليروي عشقه الفني، وفي غيابه كنت أتلمس العود كثيراً وأحاول العزف والغناء».

إن مقام "السيكا" يحتاج إلى طبقة صوت وخامة نقية ومرتفعة، ولو لم يمتلكها الفنان "أحمد" لما كان بمقدوره تقديم أغاني العمالقة القدامى وانتهاج نهجهم الغنائي الذي يمتلك نفوذه الفني في قلوب المهتمين حتى يومنا هذا

ويتابع: «بعد وفاة أخي رحمه الله لم ينقطع أصدقاؤه عنا ورحبوا بي كثيراً ضمن مجموعتهم الفنية وشجعوني بعدما سمعوا مني معزوفاتٍ وأغاني شرقية تراثية قديمة جداً، وهنا كانت الانطلاقة إلى حفلات الأعراس الشعبية والوطنية، وكانت بدايتها مع عرس وطني لاتحاد شبيبة الثورة على خشبة المركز الثقافي العربي في "طرطوس"، ولكوني أقيم في المدينة وضمن حي شعبي يهوى الموسيقا والفرح تتالت دعوات الانضمام إلى الحفلات الشعبية والأعراس.

الفنان "احمد عبد الحميد قنوطة"

حيث بدأ خطي الغنائي يتبلور بهدوءٍ وأصبحت أنتقي من الموسيقا ما يتناسب مع طبقات صوتي، وإن كان من الأغاني الطربية القديمة التي لها عشاقها الخاصون جداً، فأغاني الفنان الكبير المرحوم "محمود الحاج" لها تأثيرها عليّ، لذلك كانت ملهمي ومنقذي من الأغاني الصاعدة أو ما يعرف بالطقطوقات، فأغنية "طولوا" و"يا أرواد القلب اشتاق" و"لومي" أغان أقدمها في جميع المحافل الفنية الطربية».

ويضيف: «لن أنسى في حياتي وقفتي الأولى على المسرح الذي أعتبره شيئاً مهماً جداً للفنان، فهو التزامٌ واحترافٌ يجب أن ينطلق منه كل فنان عاشق للفن، لأن تكرار الحفلات التي قدمتها على المسرح أعطتني رصيداً جيداً بين الناس والحضور والمهتمين في مجال العزف والغناء، وشكلوا بجانبي كادراً فنياً مختصاً له علاقاته الجميلة والهامة مع قلوب أصحاب الآذان الموسيقية».

لم تكن حفلاته الفنية مقتصرة على المسرح في مدينة "طرطوس" بل تعدّتها إلى مدن ودول أخرى، وهنا يقول: «في إحدى الحفلات الفنية اقترح أحد الأصدقاء الذين تعرفت عليهم خلال مشواري الفني تقديم حفل فني هام في "بيروت" بين مجموعة من الفنانين العمالقة فوافقت وبدأت حينها بالتحضير لتقديم بعض من أغاني الفنان "كارم محمود" الذي أجد في أغانية ما يتناسب مع طبقات صوتي المرتفعة، والحمد لله كانت انطلاقة هامة وموفّقة بالنسبة لي لخارج "سورية".

وأعدت حينها تشكيل خط سيري الفني ورسمت لنفسي الخط الغنائي الجديد المناسب لطبقة صوتي، وبعدها كانت الانطلاقة لبقية الدول العربية، حيث قدمت فيها كامل أغاني هذا الفنان الكبير، وكنت واضحاً بطريقة تقديمها للجمهور».

ويتابع: «أنا أقدم أغاني طربية قديمة على آلة العود لفنانين غيّبتهم الحياة، ولا أخجل من هذا وأتقبّل نقد البعض لذلك، فمن المهم جداً بالنسبة لي العيش على هذا القديم لأنه ذاكرة ومخزون يجب أن يعاد إحياؤه بالكامل، ففترة ازدهار الحركة الفنية في "سورية" كانت على يدي هؤلاء العمالقة القدامى وستبقى لهم ولن تهزّ تلك الفترة وذلك المخزون أغاني هذا العصر».

وعن بعض أعماله يقول الفنان "احمد": «في عام /1994/ تعرفت على إحدى الإذاعات اللبنانية الهامة، واقترح كادرها تسجيل كوكتيل غنائي أختاره أنا وتموله الإذاعة، فقمت بتحضير أغان طربية بعضها لي شخصياً وبعضها لعمالقة الفن الجميل، وكانت تجربة ناجحة جداً لاقت الصدى المتوقع، أما في عام /1996/ وضمن مهرجان فني في دولة "الكويت" فقدمت عدة حلقات تلفزيونية حول الطرب القديم في "سورية" وفق أغان لها وقعها الخاص عند المهتمين وخاصة الكويتيين، إضافة إلى مشاركتي في مهرجان "طرطوس" السنوي».

وفي لقاء مع الفنان والملحن "نزار نداف" أكد أن الطرب الأصيل يحتاج إلى صوت وفن وأخلاق عالية، وهذا ما رآه في الفنان "أحمد" الذي تعرف عليه من حوالي /6/ سنوات وأعجب بخط سيره الفني الذي رسمه لنفسه، مضيفاً: «إن مقام "السيكا" يحتاج إلى طبقة صوت وخامة نقية ومرتفعة، ولو لم يمتلكها الفنان "أحمد" لما كان بمقدوره تقديم أغاني العمالقة القدامى وانتهاج نهجهم الغنائي الذي يمتلك نفوذه الفني في قلوب المهتمين حتى يومنا هذا».