لوحات تشكيلية جمعت بين الحرفية اللونية والحرفية اليدوية لتتناسب مع الفضاءات الحركية والروحية للفنانة "روجية إبراهيم" خلال مداعبة أناملها الصغيرة لشرانق الحرير البيضاء النقية وهي تحاول صناعة تعابير فكرية خلقتها الطبيعة البكر لمدينة "الشيخ بدر".

فالملمس الناعم لشرانق الحرير التي اعتمدتها الفنانة "روجية" التي التقاها موقع eSyria بتاريخ "29/5/2011"، في عملها الحرفي بصناعة اللوحات المنزلية هو سبب تعلقها بها رغم دقة العمل بها وحساسيته، مضيفةً: «تدل هذه الشرانق برأيي إلى السلام والآمان والمحبة والعفوية والبساطة والرقي، فكانت تربى في بادئ الأمر في أروقة القصور والحكام الصينيين، وهذا دليل على قيمة هذه الشرانق ومكانتها في الماضي، والتي انتقل إلى ساحلنا السوري لتربى في مدينة "الشيخ بدر" وتصبح موردا اقتصاديا هاما يعتمد عليه السكان لتأمين معيشة جيدة، وذلك مع توافر المادة الأولية للتربية وهي دودة التربية الأساسية».

لدي لوحة تعبر عن قيمة السلام لدى جميع الناس، وأعتبرها رسالة حملتها حمامة السلام البيضاء التي صنعتها من الشرانق النقية دون إدخال أية ملونات عليها، وهي تحمل غصن الزيتون وتنقل هذه الرسالة من شخص لآخر

وتتابع: «إن محبتي لهذه الشرانق جعلتني أتعلم وبكل حرفية طريقة التعامل معها وتربيتها في منزلي بعدما انعدمت تربيتها في مدينتي، فهي بيضاء ونقية دلالة برأيي على السلام الذي حاولت أن يكون بالمجمل عنوان لوحاتي ومشغولاتي اليدوية، فعلى الأغلب أحاول صناعة اللوحات التي تنطوي بفكرتها تحت مبدأ السلام والمحبة والطبيعة الودودة، لتناسب مع قيمة هذه الشرانق، فأنا أستخدم الألوان المائية لتلوين الشرانق بحسب الفكرة التي أعمال عليها، وأحياناً أحاول العمل على فكرة لا تتحمل تغيير لون الشرانق عن الأبيض، وهذا يأتي أيضاً ضمن تناسبية المكان الذي ستوضع فيه اللوحة، فمثلاً غرف المعيشة لا تتحمل الألوان المتداخلة، وغرف النوم لا تتحمل الألوان الصاخبة، وهكذا».

من اعمال الحرفية "روجية"

وعن احدى لوحاتها التي تعبر عن تناسب طبيعة الشرانق مع طبيعة فكرة السلام التي يدل عليها اللون الأبيض كرمزية معبرة تحب دوماً التحدث عنها: «لدي لوحة تعبر عن قيمة السلام لدى جميع الناس، وأعتبرها رسالة حملتها حمامة السلام البيضاء التي صنعتها من الشرانق النقية دون إدخال أية ملونات عليها، وهي تحمل غصن الزيتون وتنقل هذه الرسالة من شخص لآخر».

إذا عندما يخص الله المرء بموهبة ما، فإنه يعطي من الحب لها ما يكفي للمحافظة عليها في قلب هذا المرء، وهنا تقول: «لقد جاءت محبتي وموهبتي في العمل بصناعة لوحات فنية طبيعة في الشكل والمضمون، من محبتي لهذا التراث "تربية دودة الحرير" الذي يحاول الانقراض دون أن يجد من يردعه، لذلك فأنا الوحيدة في المحافظة التي تختص بهذه الحرفة وتأخذ منها حرفية فنية وهواية فكرية وموردا اقتصاديا جيدا يمكن الاعتماد عليه لتحسين مستوى الدخل، ولكني لا اعتبر هذا أهم ما في قلبي لهذه الحرفة، فهي متنفسي وبوح أفكاري وحركة أصابعي ومتعة ذاتي مع الطبيعة وحوار الفكر والعقل».

شرانق الحرير المستخدمة في العمل

الحرفية "روجية" تعتبر الطبيعة هي الأم الثانية لها، لأنها هي من أعطتها المواد الأساسية للعمل وهي من يعطيها أيضاً فكرة العمل، وهنا تقول: «في كل مرة اخرج فيها إلى الطبيعة أعود إلى المنزل وأنا أحمل فكرة عمل جديد، فالمناظر الطبيعية التي تتمتع بها منطقتنا هي مصدر إلهامي المباشر، لأنه من السهل تطبيق أي منظر طبيعي بالشرانق، وأعتمد في ذلك على تلوين الشرانق بالألوان المائية للحصول على الألوان المطلوبة للأزهار مثلاً أو الأشجار، ومن ثم أعمل على قصقصتها بالمقص المعدني الصغير بحسب الأشكال والقطع المطلوبة.

فللأشجار أحاول قصقصة الشرانق طولياً، وللأزهار أقصقصها بشكل مثلثات صغيرة وكبيرة، أو دوائر متداخلة مع بعضها بعضا، «بعد تجهيز الشرانق وتجهيز الرسم المطلوب لفكرة العمل أعتمد على المواد اللاصقة المصنوعة من الطبيعة كالصمغ، لتثبيت الشرانق في مكانها».

الآنسة "رنا إبراهيم"

وعن طريقة التعامل مع الشرانق قبل العمل بها تقول: «أحضر الشرانق التي اعمل على تربيتها في منزلي وأقوم بنزع الخيوط عن الشرنقة بشكل لطيف وجيد، ثم أقوم بفتح هذه الشرنقة بالمقص لإزالة الدودة منها منعاً لبلوغها وإتلاف الشرنقة، ومن ثم أجمع الشرانق بحسب أحجامها وأرتبها بطريقة يسهل الوصول إليها ضمن الفكرة التي أرغب العمل عليها، فالأزهار تحتاج إلى شرانق صغيرة، والأشجار تحتاج إلى شرانق كبيرة».

وعن صعوبات العمل تقول: «في البداية كنت اذهب إلى محافظة أخرى لأحضر دودة التربية، ولكن الآن اعمل على تربيتها في منزلي، وأتمنى مساعدة الجهات المعنية في تأمين هذه الدودة لان هذه الحرفة هي مصدر رزق لي ومصدر متعة وتنمية الموهبة».

وفي لقاء مع الآنسة "رنا إبراهيم" مهتمة بالعمل الحرفي تقول: «أعمال "روجية" أراها نابعة من القلب ومن مشاعر جياشة أثرت فيها أحاسيس الطبيعة ومكنوناتها التي لا يمكن لأي احد الشعور بها أو تلمس جمالها، ويظهر ذلك بالحركات والتنسيقات والألوان التي تستخدمها ضمن العمل الواحد، ولا أعتقد أن هذه الجمالية في أعمالها غريبة عن طبيعة مدينتها وما تمتلكه من رؤى وأفكار تحتاج إلى أنامل خفيفة للتعامل معها وتوظيفها على السطوح البيضاء».

يشار إلى أن الحرفية "روجية" من قرية "جوبة صبيح" التابعة لمدينة "الشيخ بدر" محافظة "طرطوس".