من ينظر إلى لوحاته يلاحظ تنوع الألوان وكثرتها، وربما يتساءل حول الطبيعة التي شكلتها وفي أي زمان ومكان عرف توقيتها.

في هذا الحوار الذي أجراه "موقع طرطوس" مع الفنان "حيدر هولا" بتاريخ 29/8/2009 يجيب عن هذه التساؤلات ويتحدث عن فن الرسم.

للفنان دور مهم في المجتمع وهذا الدور هو دور تنويري مثله مثل أي جنس ثقافي آخر، ونظرة الجمهور إلى أسلوبي في العمل تختلف من شخص لآخر بحسب ثقافته البصرية وذوقه الفني ورؤيته الشخصية للعمل لكن أغلبهم إيجابي وهذا يشجعني على ممارسة العمل بنفس الأسلوب إلا أنّ البعض يفضل لوحة عن أخرى

يقول عن بدايته ومرحلة الدراسة: «منذ المرحلة الابتدائية كان اهتمامي بالفن وتطور بتطور مراحل الدراسة حتى كان التخصص في "شعبة التربية الفنية" في "معهد إعداد المدرسين" في "دمشق" عام 1974 وكانت الشعبة الوحيدة على مستوى "سورية"، تتلمذت على أيادي فنانين مشهورين مثل "ممتاز البحرة"، "شريف أورفلي" و"ممدوح قشلان" وبالخط العربي "نجاة علبي" و"تيسير حباس"، وفي المرحلة الثانوية المرحوم "نجيب داوود" في "طرطوس" وقد أثروا فينا في تلك المرحلة».

في مرسمه

ويضيف: «درست مادة "التربية الفنية" في مدارس "طرطوس" ومعاهدها وبعدها استلمت رئيس "شعبة المسرح المدرسي" في "مديرية التربية"، ثم عملت كعضو في قيادة اتحاد شبيبة الثورة في "طرطوس" ورئيساً لمكتب الثقافة والفنون لمدة 17 عاماً منذ 1980 م.

نشطت خلال هذه الفترة في تعميق وتفعيل جوانب الحركة الفنية في "طرطوس" وكان توجهنا من خلال العمل في مكتب الثقافة والفنون قد خلق جيلاً فنياً يؤثر ويتأثر إيجاباً في حركة المحافظة الفنية للمستقبل».

الخريف

ترك ممارسة الرسم لفترة لكنه لم يترك التفكير به كما يبدو فقد كانت مرحلة عابرة يقول عنها: «من المحطات نشاطات هامة في الشبيبة مثل "دورة ألعاب المتوسط" حيث كنت رئيس لجنة الأنشطة الموازية للدورة في "طرطوس"، ومنها أيضاً المعسكرات الفنية الداخلية التي عممت تجربتها على مستوى "سورية" من خلال معسكر أقيم في "أرواد" عام 1983 م.

يضاف إليها المشاركة في المهرجانات الفنية القطرية والفرعية التي كنا نحصل فيها على درجة التميز، علماً أنني خلال هذه الفترة لم أمارس العمل الفني لضيق الوقت».

لوحة الحواس الخمس

بالإضافة إلى البراعة في مزج الألوان مهارة في نقل المشهد إلى اللوحة يصفها قائلاً: «أعتبر نفسي متأثراً بالمدرسة الواقعية وحالياً أصبحت أقرب إلى الانطباعية، أتى ذلك من خلال الممارسة اليومية والخبرة والثقافة البصرية المكتسبة خلال الفترة الماضية وإقامتي ومشاركتي لكافة المعارض التي أقيمت لـ"نقابة المعلمين" و"نقابة الفنانين" و"وزارة الثقافة" و"وزارة السياحة" ومعارض مهرجانات المحافظة ومنها "مهرجان حصين البحر"، "مهرجان السنديان"، "مهرجان عمريت" و"مهرجان المشتى" الذي أقمته مع "حسن هولا" و"محمد خليل".

أعمل حالياً موجهاً اختصاصياً لمادة "التربية الفنية" في "مديرية التربية" وأمارس حياتي الفنية اليومية بمحترفي الخاص في "حصين البحر" منذ عام 1997 م».

علاقته بأدواته لا تقلّ أهمية عن علاقته ببيئته فهذا ما أوضحه من خلال حديثه: «أتعامل مع اللوحة من خلال ألوان أقرب إلى الواقعية مستمدة من طبيعتنا الساحلية والجبلية، لأنني أعيش الحالة اللونية بانفعالاتها الحسية يومياً، وبتبدل الضوء عبر اللحظة حيث ومن خلال جلساتي مع زميلي "سليمان حيدر" على شاطئ البحر نلاحظ تبدل الضوء اللحظوي من البنفسجي إلى البنفسجي المائل للبرتقالي إلى الرصاصي وبحسب ميلان قرص الشمس.

في هذا السياق نرى كماً هائلاً من الألوان وهذا يعطيني شحنة تقودني إلى محترفي لأطبع ما بمخيلتي على المساحة البيضاء».

سهولة التلقي وقوة التأثير هي من سمات فن الرسم وبالأخص الواقعي، وعن مكامن هذه القوة في لوحاته يوضح الفنان "حيدر هولا" قائلاً: «للفنان دور مهم في المجتمع وهذا الدور هو دور تنويري مثله مثل أي جنس ثقافي آخر، ونظرة الجمهور إلى أسلوبي في العمل تختلف من شخص لآخر بحسب ثقافته البصرية وذوقه الفني ورؤيته الشخصية للعمل لكن أغلبهم إيجابي وهذا يشجعني على ممارسة العمل بنفس الأسلوب إلا أنّ البعض يفضل لوحة عن أخرى».

ويضيف: «قدمت عدة معارض إفرادية في مراكز ثقافية مثل "بانياس"، "طرطوس"، "أبو رمانة"، "صالة دار البعث" ولي مقتنيات في "وزارة الثقافة" والمراكز الثقافية وبعض المقتنيات الخاصة.

الآن أعمل ومنذ فترة على إنجاز مشروع معرض بقلم الرصاص، والسبب في البدء بهذا المشروع هو فكرة جاءت من لوحة المقصود بها إذا ضممت راحة الكف على الوجه حصلت على الحواس الخمس فيه كما تعبر اللوحة».

لحظة تأمل أم صفحة من كتاب، الأهم أنّ الإيحاء وجد طريقه إلى الفنان الذي عبر: «إذا استعرضنا أهمية الوجه عبر التاريخ نلاحظ اهتمام الفراعنة وما قبلهم بالوجه بحيث أنهم كانوا لا يدفنون فراعنتهم إلا بعد أن يأخذوا قالباً للوجه وينحتوه على وجه التابوت، أيضاً ذكر الوجه في القرآن الكريم في قصة قميص "يوسف" (ع) على وجه أبيه "يعقوب" (ع)، ويمكن أن نقول أنّ لكلّ وجه سرّ خاص به عبر انفعالاته المتغيرة من ضحك وعبوس وتأمل...».