هي رمز لانتصار الحياة على الموت، يد في السماء تقول سننتصر، ويد في الأرض تقول سنبقى؛ هذه العبارة هي هدف وانطلاق الملتقى الثقافي العائلي في "مشتى الحلو"؛ الذي جمع العائلة السورية في الداخل والخارج.

مدونة وطن "eSyria" زارت الملتقى الثقافي العائلي في "مشتى الحلو" بمحافظة "طرطوس" بتاريخ 10 كانون الأول 2015، والتقت "وائل الصباغ" مؤسس فكرة الملتقى؛ ليحدثنا عن الانطلاقة قائلاً: «بدأت حكايتنا في الملتقى الثقافي العائلي في الشهر السادس من عام 2013 عندما سقط جذع من شجرة "الدلبة" وهو غير متوقع، كان شيئاً مؤلماً لأن هذه الشجرة تعيشُ في وجدان أولاد المنطقة، لم أقف عند هذا الشعور المحزن، فأطلقتُ "صفحة أصدقاء الدلبة" على "الفيسبوك"، وأنشئت حملة لحماية هذه الشجرة التي أعدّها روحاً عظيمةً وأمّاً جامعة لكل أفراد المنطقة. لقد تفاجأت بالتجاوب الكبير خلال أيام قليلة، صنعنا برنامجاً علاجياً وتواصلنا مع اختصاصيين زراعيين، وسيجّنا حرماً للشجرة لنبعد متطفلي اللوحات الإعلانية والنعوات، ووجدنا تجاوباً كبيراً من أهالي المنطقة والمغتربين الذين يقولون دائماً أنتم أعدتمونا إلى البلد على الرغم من المسافات».

مسيرة الملتقى مستمرة والتدريب لا يتوقف، نحن بدأنا وبنينا المحطة، والقطار الذي سيكمل مسيرتنا الثقافية يجب أن يستمر بهّمة الأجيال القادمة، ويجب أن تبقى الدلبة حيّة لأننا نستمد منها طاقتنا

ويتابع تكملة حكاية الملتقى: «بعد وقوع الجذع تواصل معي المغترب "فراس الشماس" المنحدر من "مشتى الحلو"، وظهرت فكرة أن الجذع الذي سقط يجب أن يذهب للأعمال الفنية ليعبر عنا وعن هويتنا، وطريقه ليس محكوماً بالنار! جمعنا الجذوع وتواصلنا مع النحات "علاء محمد "الذي لبى النداء، وكان ملتقى ثقافياً جميلاً لأهالي المنطقة؛ فهذا أحضر عوده، وذاك تناول البزق، إضافة إلى نشاطات الأطفال الذين تجمعوا حولنا، فكان عملاً جماعيّاً فعالاً، وانتهت المنحوتة خلال عشرة أيام وأصبحت رمزاً لنا».

منحوتة الوجوه

النحات "علاء محمد" تحدث عن العمل بالقول: «الشيء المعروف عن خشب الدلب أن اسمه "الزان السوري" أو بديل الزان؛ فهو خشبٌ قاسٍ صلب يتحمل عوامل الزمن ومهيأ للنحت؛ لذلك خطرت ببالي فكرة "منحوتة الولادة"؛ فهو جذع سقط من الشجرة، ودوري كان بإعادة إحياء الشجرة وإنتاج أنثى تمثل "سيدة المشتى"، انتهت المنحوتة وتمت معالجتها؛ لأن الخشب حساس لعوامل الطبيعة، ونصبت أمام الشجرة الأم، ومن الأغصان المتبقية قمنا بعمل منحوتة "ذاكرة الدلبة"؛ وهي عبارة تسعة وجوه "ماسكات" وأقنعة لمجموعة شخصيات من وحي الذاكرة، ومن المثقفين والممولين والشعراء المشاركين الذين كانوا داعمين للملتقى».

وأضاف: «بعد سنة أنجزنا نشاطات النحت والرسم، وفي الملتقى الثاني أنجزت منحوتة من الشجرة نفسها عبارة عن شخصية كهل لكنه قوي الملامح يدل على عمر الدلبة، ومنها ترتقي مجموعة شخصيات مستندة على بعضها وكأنها تقول: (نحن نكبر نكبر باتجاه الأعلى) معنوياً، وتابعنا الأنشطة عاماً كاملاً وكلل الملتقى الثالث بالنجاح نتيجة البيئة الحاضنة والتفاف أهالي "المشتى" وأصحاب رؤوس الأموال سواء هنا أم في الخارج.

علاء محمد

وبعد نهاية الملتقى الأول اتخذنا قراراً أن الشيء الجميل يجب ألا يتوقف، ولدينا رسالة شعارها الفن يخلّص العالم، وإيماننا بالفن كبير، وهو مشروع للخلاص نحن بحاجةٍ إليه في هذا الوقت أكثر من أي وقتٍ مضى».

وأضاف "حميد حماماتي" موسيقي وعازفٌ في الملتقى ومشارك دائم في النشاطات الموسيقية: «هي حالة ثقافية اجتماعية مميزة فيها نشاطات تحمل قيمة ثقافية وفنية وإنسانية عالية، ويظهر ذلك في عنوان الملتقى الذي يحمل اسم الملتقى الثقافي العائلي، وتجد المواهب والفنانين مشغولين على مدار العام تحضيراً للقادم، وفي السنة القادمة تنطلق الفرقة المسرحية بقيادة المخرج "بسام مطر" كنشاط جديد».

وأنهى "وائل صباغ" حديثه بالقول: «مسيرة الملتقى مستمرة والتدريب لا يتوقف، نحن بدأنا وبنينا المحطة، والقطار الذي سيكمل مسيرتنا الثقافية يجب أن يستمر بهّمة الأجيال القادمة، ويجب أن تبقى الدلبة حيّة لأننا نستمد منها طاقتنا».