"لين خضور" الطفلة ذات السنوات الثمانية، تنثر في ساحة النادي أوراقها البيضاء وبعض الألوان كما يفعل أقرانها، وبحماسة تبحث عن مكان مناسب تجلس فيه؛ لتبدأ رسم لوحتها الخاصة كما تفعل كل نشاط.

مدونة وطن "eSyria" حضرت بتاريخ 20 حزيران 2015، نشاطاً لنادي الرسم المجاني للأطفال في "طرطوس"، وتحدثت إلى الطفلة "لين خضور" التي وصفت مشاركتها بالقول: «أعشق أنشطة نادي الرسم وأشارك بها من عمر الرابعة، هنا أستطيع أن "أسرح وأمرح" كما يحلو لي، أرسم على أرضية الشارع بالطباشير الملونة، وأشعر بحرية تامة أمام هذه المساحة الواسعة المتاحة، أتعلم الرسم والفنون، وأستمتع كثيراً بالموسيقا الهادئة التي تنتشر في الأجواء وأنا أرسم على أنغامها، أشعر بأنني فعلاً في مكان آخر في قمة الجمال والهدوء، وحولي أصدقائي الأطفال نتشارك معاً تلك السعادة».

يعلمني نادي الرسم نفس العادات الجيدة التي أتعلمها في المنزل ويكملها وكأنه بيتي الثاني، وفي إحدى المرات تم اختيار لوحتي على أنها الأجمل، وتم تعليقها أمام الجميع؛ الأمر الذي منحني شعوراً رائعاً بالفخر والقوة

وتضيف: «يعلمني نادي الرسم نفس العادات الجيدة التي أتعلمها في المنزل ويكملها وكأنه بيتي الثاني، وفي إحدى المرات تم اختيار لوحتي على أنها الأجمل، وتم تعليقها أمام الجميع؛ الأمر الذي منحني شعوراً رائعاً بالفخر والقوة».

الطفلة ز"ينب محمد" تشكر القائمين على النادي بطريقتها الخاصة

بدورها تحدثت "زينة بلال" والدة "لين" عن الأسباب التي تشجعها على إرسال ابنتها للمشاركة بأنشطة نادي الرسم، وتقول: «"لين" ابنتي الوحيدة، والنادي يمنحني شعوراً كبيراً بالثقة والأمان حين تكون أمام أعين المشرفين، تتعلم النظام والانضباط والعادات المفيدة، إضافةً إلى المواهب المتنوعة التي تكتسبها من تمثيل وغناء ورسم وفنون، ولا أنسى المكتبة الموجودة في المقر التي تنمي لديها روح المطالعة بتشجيع من الأطفال الذين يشاركونها ذات الهواية بجو من المنافسة الجميلة؛ الأمر الذي يصعب تحقيقه في المنزل».

نادي الرسم المجاني يستقطب الأطفال من كل حدب وصوب من سنّ الثالثة حتى الخامسة عشرة، ومنهم التقينا الطفلة "زينب محمد" - 13سنة، القادمة إلى "طرطوس" من منطقة "صافيتا" للمشاركة في النشاط، فتحدثت إلينا بالقول: «أنتظر يوم النشاط بفارغ الصبر، يصطحبني أهلي أو أحد الأقارب إلى "طرطوس" للمشاركة فيه، أشعر بالفرح والراحة في جو النادي وكأنني في المنزل، النشاطات هنا تدعونا دائماً للحب والتعاون ونشر الجمال في محيطنا بأساليب مختلفة، وتساعدنا على خلق علاقات جيدة في حياتنا اليومية، تعلمت في النادي التنظيم والمحافظة على نظافة المكان وتحمل المسؤولية».

المشرف "سعيد حسين" يروي القصة للأطفال

"سعيد حسين" أحد المشرفين القدامى في نادي الرسم المجاني، تحدث عن مهمته في هذا النشاط قائلاً: «قدمت اليوم قصة للأطفال تهدف إلى التوعية نحو علاقة الطفل بالشجرة والطبيعة بوجه عام وتعلم الطفل الإخلاص والمحبة، ثم لعبنا لعبتي الحواس والكراسي، هذه الفقرات المتنوعة من "سكيتشات" وقصص وألعاب وعزف وغناء تقدم من قبل المشرفين وأحياناً يتم تدريب بعض الأطفال الراغبين للمشاركة في تقديمها؛ هذا كله يتم في القسم الثاني من النشاط؛ وهو قسم مهم نحرص فيه أن تكون القصص والألعاب مسلية وهادفة بنفس الوقت، إضافةً إلى كونها تفاعلية، فيشعر الطفل بأنه يشارك وأن رأيه مؤثر؛ الأمر الذي له أهمية كبرى في صقل شخصيته».

الدكتورة "غادة زغبور" مديرة "نادي الرسم المجاني للأطفال، تحدثت عن نشاطات النادي بالقول: «النشاطات تتم بموعد ثابت قرب حديقة "السموءل" في منطقة "الإنشاءات" في مدينة "طرطوس" يوم السبت كل أسبوعين، ونقوم أحياناً بنشاطات جوّالة خارج المدينة، وتهدف جميعها إلى خلق ذاكرة جديدة لدى الطفل تنطلق من هذه الساحة التي يجد فيها هامشاً واسعاً من الحرية بعيداً عن التأثيرات النمطية التي تقيد مخيلته، يرسم ما يشاء من دون توجيه من الأهل أو المشرفين، ويتعلم النظام عبر انتظاره لدوره كي يأخذ كرتونته الخاصة ويبدأ الرسم، ويتعلم النظافة عبر إلقائه للمهملات في السلل الموزعة في ساحة النادي، إضافةً إلى غرس روح المسؤولية بداخله عبر التزامه بإعادة مواد الرسم التي استخدمها للمشرفين المسؤولين».

الدكتورة "غادة زغبور" مديرة نادي الرسم المجاني للأطفال

بين الفترة والأخرى يقترح القائمون على النادي إدخال بعض الأفكار الجديدة للابتعاد عن الرتابة، تقول الدكتورة "غادة": «أنشأنا ضمن مقر النادي مكتبة صغيرة منظمة ومرتبة يستطيع الطفل أن يزورها مرتين في الأسبوع ولمدة ساعتين كل مرة، يقرأ في المكتبة أو يستعير كتاباً ما ويعيده في وقت محدد؛ وهذا ينمي لديه إحساساً أكبر بالمسؤولية، ونقدم له نجمة صغيرة كعربون شكر وامتنان على مشاركته بالمطالعة في المكتبة، فيشعر الطفل بمتعة القراءة ويستمتع بحريته في اختيار الكتاب الذي يريد، فيكبر وتكبر معه هذه العادة الغاية في الأهمية».

يذكر أن النادي يحاول اليوم تأمين المواد من تبرعات المشرفين أو من أصدقاء النادي ممن يؤمنون بأهمية استمراره لإنشاء جيل متميز من الأطفال، فضلاً عن التشبيك الذي تم مع منظمة الهلال الأحمر وجمعية أرض الإنسان الإيطالية؛ اللتين تقدمان الدعم له.