بمساعدة أيادٍ وطنية وخبرة عالية وأدوات بسيطة، تمكّن المدرّس "وسيم حسن" من تنفيذ مشروع التدفئة المركزية المعتمدة على الغاز، وهو الأول من نوعه في "سورية"، حيث استطاع من خلاله منافسة أجهزة أوروبية دقيقة ومعقدة التصميم.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 9 أيار 2018، صاحب فكرة المشروع ومنفذه المدرّس "وسيم حسن"، وهو رئيس قسم التدفئة في ثانوية "منير ديب" الصناعية في "طرطوس"، ليقدم لنا شرحاً عن مشروعه، حيث قال: «تم الطلب من قبل مديرية التربية في "طرطوس" أن تشارك مدرستنا في معرض ستقيمه المديرية، وطلب أيضاً مشاركة قسم التدفئة في المعرض، علماً أنها المرة الأولى التي يشارك فيها القسم في معارض كهذه. وفي البداية كانت الأفكار متعددة، لكن سرعان ما خطرت في بالي فكرة مشروع تدفئة مركزية تعمل على الغاز، وهنا كان التحدي الكبير؛ فهي فكرة جديدة من نوعها في بلدنا بأكمله، وقد بدأت العمل على تطبيق الفكرة على أرض الواقع مستفيداً من خبرتي في إصلاح بعض المخابر الموجودة في المدرسة، وجميعها مخابر أوروبية الصنع دقيقة ومعقدة، فنجحت في تفكيكها والتعرف إلى أجزائها وإصلاحها وإعادة تركيبها، في مدة لم تتجاوز حينئذٍ أكثر من عشرة أيام، ووفرت مبالغ طائلة، ولم نضطر إلى إحضار أي خبراء أو مختصين لإصلاحها. أما فيما يخص المشروع، فقد جرت عدة نقاشات مع مدير الثانوية الذي كان داعماً ومشجعاً، وقدم بالمشاركة مع نائب مدير التربية للشؤون الفنية والمهنية كل الدعم وتأمين ما يلزم من معدات، منها ما كان متوفراً ضمن المدرسة، ومنها ما تم شراؤه وتأمينه من دون أي عوائق أو صعوبات، وكان لزملائي خلال تنفيذ المشروع دورهم الكبير في تقديم الرأي والمشورة في كل خطوة، أذكر منهم المدرّس "هاني بلول"، والمدرّس "علي يوسف"، وقد رافقاني خطوة خطوة».

المخابر الأوروبية الصنع والمعقدة في المدرسة نتعرف إليها نظرياً فقط، لكن تطبيق هذه الدارة أمامنا على أرض الواقع، أتاح لنا فرصة التطبيق العملي واكتساب الخبرة اللازمة لدخول سوق العمل مستقبلاً

ويكمل: «عندما بدأت التنفيذ استعنت بحراق غازي موجود في السوق، لكنه لم يكن مناسباً لفكرتي، فقمت بتعديله ليناسب مشروعي ويعمل مستقلاً عن أي تيار كهربائي، وقد كان هذا الهدف الأساسي. وفي مراحل لاحقة سأقوم أيضاً بتصميم حراق أكثر مناسبة للمشروع، أيضاً قمت بتصنيع عربة مستعيناً بزملائي في قسم الحدادة، وأحضرت بعض الألواح الخشبية، وقمت بتفصيلها بالشكل الذي أريده تماماً، ورسمت عليها المخطط الذي على أساسه بدأت العمل في تركيب القطع الأساسية.

مخبر تدفئة مركزية يعمل على الغاز

في المشروع ثلاثة أساليب للتدفئة، منها التدفئة الأرضية التي تحتاج إلى دقة كبيرة في تنفيذها؛ لذلك أحضرت غلاف طاقة شمسية وألواحاً خشبية عزلتها وطليتها، وللف الأنابيب الذي يحتاج إلى معدات متطورة غير متوفرة لدينا، فابتكرت طريقة بسيطة جداً، وهي عبارة عن لوح خشبي استخدمته في لف أنابيب التدفئة، وقد كانت طريقة ناجحة وذات فعالية كبيرة. وأيضاً لاستخدام قطعة داخلية لمكيف، قمت بتعديلها من الداخل وتمديد أنابيب للمياه الساخنة تمر عبره بدلاً من غاز "الفريون" الملوث للبيئة، الذي يستعمل في أجهزة التكييف، حيث تسخن المياه في الأنابيب. أما المروحة، فمهمتها توزيع الهواء الساخن. وطريقة تدفئة ثالثة، وهي استخدام المشع الحراري الذي يتم تركيبه على الجدار».

يضيف عن مزايا المشروع: «إنه مشروع صديق للبيئة؛ فلا تلوث ولا تسرب للغاز، وهو الفريد من نوعه، وعلى الرغم من بساطته، إلا أنه يضاهي الأجهزة الأوروبية المعقدة ذات التكلفة العالية، ولم تستغرق مدة إنجازه من لحظة اتخاذ القرار سوى ثلاثة أسابيع، حيث عملت جاهداً لساعات طويلة بما في ذلك أيام العطلة».

المدرّس نذير مصطفى

أما المدرّس "نذير مصطفى"، فقد تحدث عن فوائد المشروع العلمية بالقول: «هذه المشاريع مهمة للتعليم الفني بوجه خاص، وفي الحياة بوجه عام، وهذه الشبكة نتيجة مخابر كانت تأتينا من الخارج بتكلفة مرتفعة جداً، ونحن بخبراتنا يمكننا تصنيعها بأقل تكلفة ممكنة، ناهيك عن الخبرات التي ستقدمها للطالب عندما يرى كيفية تطبيقها على أرض الواقع. كما أن تسليط الضوء على هذا الإنجاز ودعمه الجيد سيكون محفزاً لإنجازات أخرى يتم العمل عليها بأيادٍ وخبرات وطنية تساهم في توفير المبالغ الكبيرة، وتغني عن استقدام الخبراء من الخارج، وتحقق الفائدة الكبرى لطلابنا، وتحفّزهم على الدراسة والتطبيق العملي؛ وهو ما يعود عليهم وعلى الوطن بالفائدة».

يقول الطالب "حيدر تفاحة": «المخابر الأوروبية الصنع والمعقدة في المدرسة نتعرف إليها نظرياً فقط، لكن تطبيق هذه الدارة أمامنا على أرض الواقع، أتاح لنا فرصة التطبيق العملي واكتساب الخبرة اللازمة لدخول سوق العمل مستقبلاً».