على الرغم من ارتفاعها البالغ 750 متراً عن سطح البحر، تميز مناخ قرية "الشندخة" بالدافئ لأسباب طبيعية فريدة، رافقه حالة اجتماعية استثنائية أسست للمدرسة والجامع والطرق بالعمل الشعبي، كما أن أغلب العائلات تعود بنسبها إلى الجد الشيخ "علي الحبيب".

تتوسط قرية "الشندخة" قرى "جرد العنازة" بموقع متميز وفق ما قال المهندس "خليل محمود" من أبناء القرية، حيث تتربع وسط تلة ترتفع عن سطح البحر 750 متراً، وتتوسط الجبال والوديان المحيطة بها، وتابع في حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 نيسان 2018: «موقعها الجغرافي جعلها من أهم القرى المحيطة بها، لتشكل صلة وصل بين مثلث ثلاث محافظات هي: "طرطوس"، و"حماة"، و"اللاذقية"، كما أن هذا الموقع الذي شبهه القدامى في القرية بالصحن، جعل مناخها دافئاً مقارنة مع القرى المحيطة بها، وهذا المناخ ساهم بزراعة تبغ متميزة.

يحد القرية من الجهة الشمالية خربة السنديانة وقرية أبو رجيلة التابعة لمحافظة "اللاذقية"، ومن الجهة الشرقية قريتا "مصييت" و"بيت جاش"، ومن الجهة الجنوبية قريتا "الجديدة" و"دير الجرد"، ومن الجهة الغربية قرية "الدالية"

كما أن طبيعة الموقع الجغرافي المطل على وادٍ كان يعدّ من أهم الطرق التجارية في القرن التاسع عشر، يصل مباشرة بين الشريط الساحلي غرباً والمناطق والمحافظات الداخلية شرقاً، أثرت إيجاباً في طبيعة السكان، التي تميزت بالبساطة والمحبة والتعاون».

المهندس خليل محمود

وفيما يخص تسمية القرية، قال "خليل": «ترجع تسميتها بحسب بعض المصادر القديمة إلى وفرة نوع من الصخور تسمى صخور "الشندق"، وهي ذات لون رمادي وطبيعة سهلة التعامل معها، حيث تتكسر بسهولة؛ وهو ما يمكن عملية تشذيبها والبناء بها بيسر، فأغلب منازل القرية القديمة التراثية مبنية بها، كما أنها -بحسب مصادر أهلية تراثية- كانت مصدر دخل مادي في السابق بالنسبة لأبناء القرية، حيث أغلب القرى كـ"سلحب" و"الدالية"، كانت تشتري هذه الحجارة منها».

وفي لقاء مع المدرّس "عيسى نعوس" من أهالي وسكان القرية، قال: «مثّلت القرية نواة تنويرية تعليمية بالنسبة للقرى المحيطة بها؛ من خلال مدرستها الابتدائية التي بنيت بالعمل الشعبي الأهلي عام 1970، وكانت مركز استقطاب للمهتمين، وكذلك أسست فيها أول جمعية استهلاكية وأول جمعية فلاحية على مستوى "جرد العنازة"».

المدرس عيسى نعوس

وفيما يخص الزراعة والعمل الزراعي، أضاف "عيسى": «نعتمد في معيشتنا الأساسية على زراعة التبغ بكميات كبيرة ضمن حيازات زراعية صغيرة جمعت بعضها مع بعض بعملية نقل للتربة منها وإليها، إضافة إلى بعض أشجار الزيتون الداخلة حديثاً إلى منطقتنا، وكذلك أشجار الغار الطبيعية التي بدأ استثمار وجودها استثماراً لافتاً، حيث بدأت عمليات العناية الزراعية بها وكأنها شجرة زراعية للحصول على الزيت والأوراق منها».

وأضاف عن الحدود الجغرافية: «يحد القرية من الجهة الشمالية خربة السنديانة وقرية أبو رجيلة التابعة لمحافظة "اللاذقية"، ومن الجهة الشرقية قريتا "مصييت" و"بيت جاش"، ومن الجهة الجنوبية قريتا "الجديدة" و"دير الجرد"، ومن الجهة الغربية قرية "الدالية"».

قرية الشندخة ضمن الدائرة الصفراء وفق غوغل إيرث

أما مختار القرية "عيسى محمد نعوس" أول المخاتير وآخرهم حتى الآن، فقال عن الحالة الاجتماعية: «تميزت القرية التي يبلغ عدد سكانها نحو 1000 نسمة، بكلمتها الواحدة التي جمعت السكان على العمل الشعبي الأهلي، فبنينا المدرسة، وشققنا الطرق، وأسسنا للعديد من المؤسسات الحكومية والمنظمات الشعبية بجهودنا الخاصة، كالجمعية الفلاحية والمؤسسة الاستهلاكية.

وأيضاً هذه الحالة الاجتماعية شملت حالة التعاون في تربية المواشي ورعيها عندما كان في القرية قطيع كبير منها، حيث تتكفل كل عائلة بعملية الرعي يومياً، وينوب عنها فرد من أبنائها، لكن هذا القطيع تلاشى شيئاً فشيئاً نتيجة صعوبة التربية والتكاليف المادية الكبيرة، إلا أن حالة الاهتمام بها بدأت العودة والظهور لدى بعض العائلات في القرية».

وعن عائلات القرية وأنسابهم، قال المختار "عيسى": «أبرز عائلات القرية: "آل نعوس"، و"آل حمود"، و"آل ديبو"، و"آل محمود"، و"آل مهنا"، وأغلبهم يعود نسبهم إلى الجدّ الشيخ "علي الحبيب".

وبالنسبة لعمر القرية، فهو قديم جداً بدليل وجود أبنية حجرية قديمة مبنية من الحجر الطبيعي وفق نظام عمارة الحجر الغشيم الذي يعود إلى مئات السنين خلت من دون معرفة العمر الحقيقي لها، وقد قيل في هذا الأمر، إن القرية كانت خربة قديمة مملوكة للملكة "هيلانة" بدليل لقى نقدية على أحد وجوهها صورة الملكة».

الجدّة "عزيزة مهنا" تحدثت عن الطقوس التراثية بالقول: «كانت الطقوس التراثية أساس الحياة الاجتماعية في القرية، واستمرت حتى مدة قصيرة خلت، وكانت ربة المنزل مهتمة جداً بمؤن المنزل، فتصنع كل شيء، كالبرغل والغذائيات والمربيات، لأن القرية في فصل الشتاء تنقطع عن محيطها نحو عشرين يوماً بحكم إغلاق جميع الطرق المؤدية إليها؛ نتيجة تساقط الثلوج بكثرة».

بقي أن نذكر، أن أهم مطالب أهالي القرية إحداث مدرسة ثانوية؛ لأن أقرب ثانوية إلى القرية تبعد نحو خمسة عشر كيلومتراً؛ وهو ما أدى إلى معاناة الطلاب صيفاً وشتاءً.