تمكن "حسن محمد" من توظيف بيئته الخاصة لإنشاء مغارة إستوائية متفردة بتكامليتها على مستوى "سورية"، فهو حلم استثمار المناخ والتربة معاً لانتاج فواكه استوائية وتقديمها كوجبات غذائية تحقق التغذية والعلاج والرفاهية.

الفكرة بدأت بالنسبة لخريج كلية الإعلام "حسن علي محمد" كحلم عاشه أيام الطفولة، وسعى جاهداً لتحقيقه بهدوء خطوة خطوة وبشكل استثماري، وهنا قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 19 كانون الثاني 2018: «المغارة الاستوائية كما أطلقت عليها لأسباب أوضحها لاحقاً، حلم منذ الصغر، ومشروع استثماري تخليت من أجله عن عملي كمراسل صحفي، لأنه يتطلب مني الكثير من الوقت والعمل المتواصل لتحقيقه والاستمرار به، والفكرة بدأت من التفكير باستثمار المكان وطبيعته الجميلة جداً بمختلف مكوناته انطلاقاً من التجويف الصخري العميق الذي اسميته المغارة وصولاً إلى طبيعة التربة "طمي" والمكان المنخفض إلى مستوى سطح البحر، والمحمي بهذا الانخفاض من مختلف عوامل الجو وخاصة الرياح.

جزء من عملية الري تكون بطريقة مطرية بواسطة مرشات هوائية تمنح المكان أجواء منعشة في أغلب الأوقات الحارة، كما أن غرس الأشجار كان بشكل يشعر الزبون وكأنه في غابة استوائية مطرية

إضافة إلى قربها تجارياً من مدينة "طرطوس"، حيث تتوضع بجانب جسر قرية "بلاطة غربية" بمحاذات الاوتستراد الدولي "طرطوس- بانياس"، واجتماع هذه العوامل تؤهل زراعة الفواكه الاستوائية التي طالما زرعتها بنجاح وحلمت باستثمارها بشكل متكامل ومتفرد على مستوى "سورية"».

جانب من المغارة

ويتابع: «هذا الاهتمام بالفواكه الاستوائية قديم جداً عائلياً يعود إلى عام 1990 تقريباً، كالبابايا والأفوكادوا والليتشي وتوت الانكا والموز بأصنافه السبعة والدراكون وغيرها من الفواكه التي سمع بها الناس ولم يتذوقوها، وإن تذوقهوها فهي مستوردة وليست منتجة محلياً، حيث تقدم هنا بمختلف الطرق التي تحافظ على مذاقها مهما اختلطت بفواكه أخرى ضمن العصائر أو السلطات، لأن لها نسب معينة حددها بلد المنشأ وجربتها وعدلت عليها هنا بفضل خبرتي وتجاربي».

ويضيف: «الأرض التي أملكها غرستها بالفواكه الأستوائية كبذار وكشتول وكثمار، بهدف تجربة كل الطرق بالاعتماد على مواقع الإنترنت التخصصية في بلاد المنشأ، وأغلبها فنزويلية وفيتنامية وتايلاندية والمكسيكية وغيرها من البلاد المدارية أو القريبة على خط الأستواء.

ولا أخفي سر أن عملي بالصحافة فتح لي أفق واسعة بالتعرف على مزارعين لهم تجاربهم الخاصة بالأشجار الأستوائية وطرق زراعتها، وحتى أني حصلت على غراس أو عقل من عندهم، تعاملت معها بحذر كبير، وانتظرتها بالدقائق والشهور لمعرفة نجاح زراعتها لدي، وهذا الأمر كان مكلف جداً، ففكرت بإنشاء مشتل متخصص بالغراس الأستوائية يعود عليّ بالفائدة المادية ريثما يقلع مشروع المغارة الاستوائية يوصبح منتج».

العمل بالمشروع يحتاج إلى نفس طويل كما قال "حسن" لأن التجارب على الزراعة كان أساس بهدف التوفير المادي: «شجرة "الدراكون" ليست موجود لدينا ومن الصعب كان تأمينها، مما اضطرني لشرائها عبر أحد المنافذ الحدودية، ومن ثم محاولة الإكثار منها يتقطيعها إلى قطع صغيرة وغرسها في مختلف الظروف البيئية الطبيعية والمصنعة لمعرفة إمكانية إنباتها، لأنها فاكهة أساسية بالنسبة لعمل المغارة الاستوائية كما البابايا ضمن العصائر أو السلطات، ففيها الفائدة للمرضى مثلاً.

حسن محمد

التجربة نجحت وأنبتها لدي وأصبحت جزء من وجبات المغارة الاستوائية، كما الموز بأصنافه السبعة التي أنتجتها في مزرعتي، والتي في الغالب لا يعلم بها الناس، مما منح وجبات مغارتي قيمة مضافة تفردت بها».

لجأ "حسن" إلى التغذية المتكاملة والعضوية لخلق بيئة قريبة جداً من البيئة الأساسية للنبات، وهنا قال: «زراعة الفواكه الاستوائية فيها الكثير من الأسرار التي لا يمكن لأي شخص أن يعطيها لمبدأ مثلي هنا في "سورية"، وهذا دفعني للتعمق في ترجمة المقالات والولوج إلى مواقع أجنبية تخصصية في بلاد المنشأ، وتطبيق طرق الزراعة وكيف يمكن الاستفادة من النبات بعد موته في تغذية التربة عضوياً، مما منحني خبرة كبيرة قاربت المئة بالمئة، انتجت نجاح في زراعة أغلب الفواكه وساعدت في تحويل مشروع المغارة الاستوائية لمشروع ناجح ومنتج في زمن قياسي».

ترتيب الغراس ونظام الري منح المغارة أجواء خاصة وأدخل الزوار بأجواء استوائية كما قال "حسن": «جزء من عملية الري تكون بطريقة مطرية بواسطة مرشات هوائية تمنح المكان أجواء منعشة في أغلب الأوقات الحارة، كما أن غرس الأشجار كان بشكل يشعر الزبون وكأنه في غابة استوائية مطرية».

في لقاء مع "فؤاد رمضان" من المهتمين بالفواكه الاستوائية وزائر للمغارة الاستوائية قال: «استثمار زراعة الفواكه الاستوائية دفع "حسن" لتقديم وجبات غذائية بالاعتماد على هذه الفواكه، وذلك من خلال فطائر تحوي قطع منها بنسب معينة مدروسة، وهذا تفرد يحتسب له، ويدفعني لزيارته بشكل دائم، ناهيك عن عقليته في الزراعة المعتمدة على الكرم بتقديم المعلومة والشروح التوضيحية إن لزم الأمر».

"كابي بشارة" أحد مرتادي المغارة قال: «من الجميل أن تدخل على مكان وتجد فيه الطبيعة موظفة بشكل دقيق وجميل لا يؤثر سلباً على مكوناته الطبيعية بخبرة شاب مبدع يسعى لتحقيق حلمه، فالرفوف حجرية وبوفيه حجري طبيعي، والوجبات استوائية غير موجودة في "طرطوس" كمنتج محلي ومستهلك محلياً، جميع هذا منح المغارة الاستوائية تفرد غير موجود، مما دفعني لزيارة دائمة اتحدث بعدها لاصدقائي عن هذا العالم الدخيل على بيئتنا».

يذكر أن "حسن محمد" من مواليد "طرطوس" عام 1986.