محبة آلة البزق دفعت العازف "جميل مصطفى" إلى شرائها قبل تعلّم العزف عليها، لعله يجد من يعلّمه، لكنه تمكن منها ببراعة أساسها الفضول.

كثيرة هي الآراء التي سمعها حول أساليب العزف على آلة البزق، لكن الدافع الذاتي للتعلّم والفضول للإلمام بها دفعه بداية إلى مغامرة التعلم بالممارسة، وهنا قال العازف "جميل فوزي مصطفى" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11 آب 2017: «شدني كثيراً صوت آلة البزق منذ الصغر، لكن لم يكن في محيطي من يتقنه بحرفيته الموسيقية، فاقتنيتها بعدما عملت على جمع ثمنها، وحاولت كثيراً تعلم أصول العزف على يدي مختصين، لكن الآراء كانت كثيرة حول فكرة التعلم هذه، ومنها أن تعلم العزف يأتي بالممارسة، وهنا قررت التعلم بنفسي وبتجاربي الخاصة عبر سماع المقطوعات ومحاولة تقديمها سماعياً، ومحاولة تصويب النشاز في العزف، إلى أن قدمت أول مقطوعة صحيحة بعد عام من التمرين.

قدمت آخر حفلة مع فرقة طربية قادمة من "حلب" ضمن أسبوع الموسيقا، وكان لصداها أثر إيجابي في أفق المستقبل، وطلب مني تعليم بعض الطلاب أصول العزف

عام 2011 بدأت تقديم معزوفات أقرب إلى الاحترافية، وهنا بدأت ممارسة العزف كمهنة في مختلف الحفلات التي أطلب لها، وبعد تحسن الأحوال المادية قررت تعلم العزف أكاديمياً ودراسة الصولفيج على يدي العازف "إبراهيم حمودة" والعازف "رمضان حبيب"، وفعلاً بدأت الحصول على فائدة لم أكن أدركها سابقاً، وازدادت خبرتي».

العازف إبراهيم حمود

ويتابع: «البداية كانت على بزق خشبي عادي وكان لصوته رهبة لن أجرؤ على تخطيها إلا بعد التمكن منها، وبعد مدة قررت مواكبة التطور والحداثة واقتناء بزق كهربائي يساعدني في حفلاتي الفردية على مكسر الصوت، علماً أنني مازلت أقدم الحفلات الخاصة على البزق الخشبي العادي».

تمكن العازف "جميل" من تقديم موسيقا التخت الشرقي على البزق مع صعوبتها، وهنا قال: «قدمت أغاني طربية لها وزنها وإيقاعها الخاص على آلة البزق، علماً أنه لم يجرؤ أحد على حد علمي على تقديمها بغير آلة العود سيد التخت الشرقي، وهذا له علاقة بطبيعة الحالة بيني وبين الآلة التي تمثّل جزءاً من كياني الخاص، فأتماهى معها، وتمنحني العذوبة والرقة والطوعية مع ريشتي، وتجسدت هذه الحالة في إحدى الأمسيات حين فشلت يدي في تقديم علامة موسيقية خاصة، وتمكنت من تداركها بسرعة من دون أن يشعر بها أحد».

العازف جميل مصطفى

ويضيف: «كثيرة هي المواقف التي أحاول وضع بصمتي الخاصة بها من خلال تقديم ألحان خاصة بي ضمن معزوفات مقدمة ومعروفة على الساحة الفنية، وهنا يمكنني القول إنني وفقت في هذه الخطوة وكانت لي ألحاني الخاصة سواء معدلة أو مشكلة».

وأكد العازف "جميل" أن العزف المباشر أمام الجمهور يمنحه حافزاً لتقديم الأفضل، وتابع: «العزف أمام الجمهور له رهبته ومكانته، فهو محاولة تحتاج إلى قدرة عالية بالغوص في المخزون الفكري لتقديم الأفضل، وأيضاً يجب ألا يكون العازف كتلة جامدة، بل عليه أن يكون كتلة تشع بالطاقة والحيوية؛ وهو ما ينسيني الساعات ويبقيني متيقظاً لجميع الهفوات الصوتية وغيرها».

في المركز الثقافي العربي في "بانياس" قدم عدة حفلات ومشاركات جماعية وفردية، قال عنها: «قدمت آخر حفلة مع فرقة طربية قادمة من "حلب" ضمن أسبوع الموسيقا، وكان لصداها أثر إيجابي في أفق المستقبل، وطلب مني تعليم بعض الطلاب أصول العزف».

وفي لقاء مع العازف "إبراهيم حمود" أكد أن المحبة التي امتلكها العازف "مصطفى" لآلة البزق مكنته من تجاوز كل الصعوبات، فتعلم قراءة النوتة وإدراك المقامات بسرعة؛ وهو ما جعله يمتهن العزف بشغف لم أجده إلا عند قلة، وتابع: «العازف "جميل" طموح بتقديم كل ما يمكن أن يسمعه من الموسيقا مهما كانت مقاماته صعبة، لذلك تراه يحاول دائماً تقديم مقطوعات يتعثر فيها عدة مرات، وهذا إن دل على شيء، فهو يدل على الإصرار لتحقيق حلمه».

أما العازف "رمضان حبيب"، فقال: «"جميل" يمتلك المحبة للموسيقا وخاصة آلة البزق، وقد قصدني يوماً لتعلم الريشة وخفايا ممارستها، وقد قدمت واجبي تجاهه، لكنه فاجأني بقدر المحبة التي يحملها للبزق، وهذا برأيي كفيل ليكون مبدعاً على هذه الآلة».

يشار إلى أن "جميل فوزي مصطفى" من مواليد مدينة "بانياس"، عام 1987.