ضمن تجمّع منازل القرية القديمة وبين غرف سكنها، أوجد بعض أهالي قرية "الروضة" مكان عمل أرادوا أن يشمل مختلف الاختصاصات التجارية، فاختصر المسافات ولبّى حاجيات عشرين قرية.

سنوات طويلة كانت الحاجة وتوظيف القدرات المادية سبباً أساسياً لنشوء حالة تجارية بين أهالي قرية "الروضة"، فبعضهم وجد في منزله مساحة جيدة يمكن استثمارها في افتتاح محل تجاري يؤمن الخضار أو السلع غير المنتجة، أو اختص بعملية مقايضة تجارية بين منتج ومستهلك، وبعضهم الآخر بحسب "غسان بشارة" من أهالي وسكان القرية، اختص لنفسه حرفة تلبي حاجيات الناس من أدوات وتجهيزات خاصة بالعمل الزراعي، وتابع: «أسس القرية مجموعة من العائلات ارتبطت بعضها مع بعض بعلاقات قربى نتيجة عمليات الزواج، وهذا أدى إلى علاقات اجتماعية تحكمها الكثير من الخصوصية الأسرية؛ وهو ما انعكس على علاقاتهم التجارية فيما بينهم، فلم تكن هناك عمليات تنافس، وإنما كانت علاقة تكاملية، فكل تاجر اختص بنوع معين من السلع للمتاجرة بها، أو حرفة يدوية للعمل بها، فمثلاً جدي كان الحذّاء الوحيد في السوق، وعمله معروف بجودته ومتانته المناسبة لطبيعة الأعمال الزراعية في القرية والقرى المجاورة؛ وهذا أدى إلى عملية تصدير لمنتجه إلى دولة مجاورة يستحضر منها بعض المواد الأولية».

أغلب حجارة المحال سوداء اللون، وواجهاتها باتجاه الشرق، وتتخذ شكلاً طولانياً، إضافة إلى أن بعضها في كتلة بنائية ثانية يفصلها عن الكتلة الأولى شارع ضيق، وتشكل معها بالشكل العام زاوية قائمة

طبيعة القرية فرضت على سوقها وتجّارها حالة معينة من التجارة، وهي حالة خاصة بعملية المقايضة بين السلع، وهنا قال المعمّر "جرجس كراز" من سكان القرية: «اشتهرت القرية بزراعة مختلف أنواع المحاصيل؛ وهذا حقّق وفرة فيها انعكست على الجميع من خلال عمليات المقايضة بين المزارعين، فمنتج التين مثلاً يقايض التاجر به منتج العنب أو البيض، وهذا ينطبق على المنتج من الأدوات الزراعية التي يصنعها الحرفيون في تلك المحال القديمة المتجاورة».

عصام عويجان

ويتابع: «السوق قديم جداً قدم الاستيطان البشري في القرية تقريباً، لأن بداية العمل التجاري في محاله كانت ضمن غرف مقتطعة من منزل صاحب العمل "التاجر"، حيث يغذّي التاجر محله بسلع غير متوفرة في القرية من خلال عمليات مقايضة يقوم بها من الفائض لديه، أو مما تاجر به ضمن سوق "طرابلس" الذي يعدّ سوقه الخارجي الأساسي، فينقل بضائعه على ظهر المواشي».

تأتي أهمية السوق من كونه مغذّياً للكثير من القرى المجاورة لقرية "الروضة"، وهنا قال المدرّس "طوني أبو عيسى": «يعدّ السوق من أقدم أسواق المحافظة وأقواها لشمولية سلعه وتنوعها؛ وهو ما جعله يصل بعملياته التجارية إلى الحدود الإدارية لمحافظة "حماة" كما صرح تجاره القدامى قبل أن ينتقلوا إلى دار الحق، علماً أن تلك المحال لم تتطور أو تنقل إلى خارج تلك المنازل، بل بقيت فيها عنواناً للسوق، مع إشادة العديد من المحال المحدثة كنوع من نمو العمل التجاري».

سوق الروضة التراثي القديم

ويتابع: «بعد ازدهار التجارة بوجه عام، تمت إضافة عدة محال تجارية بجانب المحال القديمة، وذلك بمساحات مختلفة تلافياً للضيق في القديمة، حيث كانت المحال مبنية من الحجارة الصلبة المنحوتة بأيدي أمهر البنائين، وفق نظام بناء مشابه لبقية غرف المنزل، وهذا يؤكد -كما قال القدامى- أنها كانت جزءاً منه قبل أن تصبح محالّ تجارية».

وبالنسبة إلى موقع السوق حالياً، فهو في منتصف القرية بعد التوسع الذي طال الحركة العمرانية فيها، وهذا ما أكده "عصام عويجان" من أهالي القرية، وتابع: «أغلب حجارة المحال سوداء اللون، وواجهاتها باتجاه الشرق، وتتخذ شكلاً طولانياً، إضافة إلى أن بعضها في كتلة بنائية ثانية يفصلها عن الكتلة الأولى شارع ضيق، وتشكل معها بالشكل العام زاوية قائمة».