الدقة والشفافية في وضع الألوان المائية مهارة حقّقتها الرسامة "ليديا صالح" فطرياً؛ لذلك سعت جاهدة إلى بلورة تجربتها أكاديمياً وبالممارسة المستمرة، ضمن حالات نفسية أوجدت مناخاتها فاستثمرتها اقتصادياً.

أولى لوحات الرسامة "ليديا صالح" كانت في الصف العاشر، أي ليست بعمر مبكر، ومع هذا كانت متميزة برأي المختصين، وأوضحت رأيها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 27 أيار 2017، فقالت: «عندما رسمت يداً بشرية في الصف العاشر بتفاصيل غريبة، انجذبت معلمة الرسم للوحة، وفاجأتني بإشادتها بها أمام زملائي الطلاب؛ وهو ما حفزني لمتابعة صقل مهاراتي حتى على المستوى الأكاديمي في معهد إعداد المدرسين، قسم الرسم بعد تلك المرحلة، ومن مفارقات تلك المرحلة أيضاً أنني قمت برسم الفنان "كاظم الساهر"، ولدقتها اقتنتها إحدى زميلاتي مجاناً.

امتلكت قدرة جيدة بتطبيق الألوان ومزجها متناغمة أو متضادة، مع المحافظة على شفافية كل منها، وكأنها تمنحها خصوصية غير معلنة؛ وهذا انعكس على جمالية اللوحة المائية الخالية من الأخطاء بفضل وضوح الفكرة وحسن تطبيقها على السطوح الغرافيكية

وأذكر أن مدرّس الرسم "محمود عيسى" هو من دفعني إلى التعلق بالرسم المائي، لدقة ما كان يقدمه من لوحات على الرغم من صعوبة هذا النوع من الرسم، واستمريت به لمناسبته لطبيعتي الفيزيولوجية ومكان العمل الخاص بي في المنزل، وتابعت في معهد "مجيب داوود" للفنون التشكيلية كنوع من مزاولة الحرفة والغوص في عالم الرسم مع بقية الزملاء من مختلف الانتماءات المدرسية التشكيلية».

خلال مشاركتها ببازار آذار

وأضافت "ليديا": «الرسم يحتاج إلى مورد مالي ثابت يقدم الدعم اللوجستي للفنان، وهنا كان لدي مشكلة لم أستطع تجاوزها بسهولة، علماً أنني امتلكت مهارات الرسم المائي المميزة أكثر من بقية فنون واختصاصات الرسم المتنوعة، وخاصة أنه لا يحتمل تصحيح الخطأ بسهولة، إنما يحتاج إلى مهارة عالية لتصويب أي خطأ مهما صغر، لذلك الأفكار لدي تكون جاهزة ومتخمرة في ذهني قبل تفريغها على السطح الغرافيكي؛ وهذا خفّف عليّ أعباء اقتصادية غير محسوبة».

وعن تطوير مهاراتها وتوجهها إلى الرسم على الزجاج، قالت: «الرسم على الزجاج له خصوصيته، ومواده الأولية باهظة الثمن، لكن منتجه غاية في الإبداع والإتقان، لأن استخدام الريشة و"السيرنك" الطبي في الرسم، يمنح العمل معيارية النقاء والشفافية وفق مقاييس معينة على اللوح الزجاجي، وأيضاً دقة مزج الألوان واختيارها بالنسبة لي مهارة تراكمية، مع الاختيار الجيد للمواضيع، وخاصة منها النباتية والشخصية التي قلما نجد فناناً يتطرق إليها لصعوبتها ودقتها».

من أعمالها

وعن ابتعادها فترة عن الفن، قالت: «توقفت في مرحلة معينة عن الرسم، وهذا كان خطأ؛ لأنني كنت متمكنة من تحقيق نسبة كبيرة جداً من الشبه في رسم البورتريه بقلم الرصاص، ومع تحسن الظروف، عدت أحمل الكثير من الشغف والاهتمام، فالرسم يحتاج إلى ممارسة دائمة، وهو ما يحقق تطور الأدوات والمهارات، وقد تمكّنت من هذا الأمر بكل براعة على الرغم من بساطة تجربتي».

تتميز الرسامة "ليديا" بحساسية عالية خلال مرحلة الرسم، وهنا قالت: «لا أعلم إن كانت حساسيتي العالية سلبية أم إيجابية في العمل الحرفي المهني، فكثيرون من الرسامين يرسمون في ظروفهم النفسية السيئة على عكسي تماماً؛ لأنني قبل البدء بالرسم يجب أن أخلق ظروفاً خاصة بي لأتمكن من الرسم، وأهمها الحالة النفسية الجيدة، وهذا -يا للأسف- لا أستطيع توفيره دائماً؛ وهو ما انعكس على غزارة إنتاجي بوجه عام، وقلل مشاركاتي في المعارض، ومع هذا أجد سوقاً جيداً للوحاتي عند أي مشاركة».

لوحات رسم على الزجاج

وفي لقاء مع المدرّب الفني "محمد ملاحفجي" أكد أنه خلال تدريب الرسامة "ليديا" لاحظ الدقة في اللوحات التي قدمتها في مراحل التدريب، والقدرة والمهارة في التعامل مع الألوان، وأضاف: «امتلكت قدرة جيدة بتطبيق الألوان ومزجها متناغمة أو متضادة، مع المحافظة على شفافية كل منها، وكأنها تمنحها خصوصية غير معلنة؛ وهذا انعكس على جمالية اللوحة المائية الخالية من الأخطاء بفضل وضوح الفكرة وحسن تطبيقها على السطوح الغرافيكية».

أما "ياسر عبد الرحمن" المتابع لأعمالها، فقال: «تقدم الرسامة أعمالها بطريقة بسيطة توصل من خلالها إحساسها باللوحة؛ وهذا يجعل أعمالها تلامس الواقع، مع تقديم المهارة كاستخدام الألوان الخشبية مع الألوان المائية، وهي تملك إنسانية جياشة تظهر أيضاً في أعمالها بكل جمالية؛ وهذا ساهم بالترويج المناسب لأعمالها».

يشار إلى أنّ الرسامة "ليديا محمد صالح" من مواليد "طرطوس"، عام 1976.