التدريب فوق الساحات الإسمنتية والإسفلتية رسم في سنوات عمر الكابتن "علي الزعيم" حكايات التميز المحلي والدولي، فتصدّر ناديه القمة لسنوات طويلة على الرغم من الإمكانيات المادية المتواضعة.

هو مدرّب وطني مصنّف على المستوى العربي، أسّس كرة اليد في مدينة "الدريكيش" توافقاً مع الطبيعة الجغرافية لها، وكان له استراتيجية عمل تعتمد التنظيم والإدارة معاً. تحدث عن هذا لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 26 نيسان 2017، فقال: «اعتمدت في تدريبي وتكويني للنادي القواعد الأساسية، وعملت عليها بمختلف الخبرات التي اكتسبتها من المدربين المحليين والأجانب، إضافة إلى خبرتي الأكاديمية وعشقي لهذه اللعبة التي امتلكتها منذ الصغر، وكان حلمي الفطري حينئذٍ أن أصبح مدرّباً لها، ومع توالي الخطوات والمراحل في اللعب وتحقيق الإنجازات، بدأت التدريب في سن مبكرة، وتحديداً في الصف الحادي عشر، عندما درّبت طلاب مدرسة "محمد مصطفى"، وكوّنت منهم فرقاً منافسة وفقاً لأعمارهم، ليكونوا رديفاً لـ"نادي الدريكيش" حين الطلب».

تميّز الكابتن "علي" بإنسانيته وتفانيه من أجل النادي، فقد أعطى الكثير من حياته لكوادره وفرقه المختلفة الفئات؛ وهذا لأنه مخلص للاعبين ومتابع لهم في أبسط التفاصيل؛ وهو ما جعله قريباً منا جميعاً، ومع هذا لم يحصل على حقّه

ويتابع: «تأتي أهمية القواعد البشرية التي اشتغلت عليها، من كونها مؤهلة لتكون الرديف، فلا يتأثر النادي يوماً من غياب أحد اللاعبين؛ لأن البديل موجود وجاهز، وقد كان التركيز على لعبة كرة اليد؛ لأنها اللعبة الشعبية الأولى في المدينة».

خلال إحدى مباريات نادي الدريكيش

أما عن البدايات، فقال: «من المراحل العمرية الأولى وأنا أهوى الرياضة، وفي عام 1986، أسست كرة اليد في المدينة بمساعدة "عصام الشمالي"، و"إبراهيم سليمان"، و"سليمان رحال"، لكنني الوحيد الذي استمر من خلال الانتساب إلى "نادي الساحل" في "طرطوس"، وهذا التأسيس اعتمد الخطوات الأساسية بأسلوبها البسيط للمربيين "سعيد يوسف العلي" و"حرب بدر"، وانتشار اللعبة على مستوى المدارس، ولكوني لاعب كرة يد تم اختياري لدورة مدربين، وتلتها دورة أخرى، ومن خلالها تم اعتمادي كمدرّب دارس على مستوى المحافظة، وهنا بدأت تأسيس وتأطير اللعبة، وكوّنت فريقاً منافساً في مدرسة "خالد بن الوليد" التي أعمل فيها مدرّساً للتربية الرياضية، وعلى مستويات عمرية متعددة. وأذكر أن أول إنجازاتنا بعد تأسيس "نادي الدريكيش الرياضي"، الصعود إلى أندية الدرجة الثانية بفئة الذكور، وإلى الدرجة الأولى بفئة الإناث بعد ثلاث سنوات فقط».

ويضيف: «الصعود إلى أندية الدرجة الأولى سهل بالنسبة لنا، لكن المحافظة على المراكز المتقدمة هو الأصعب؛ وهذا كان وعداً علينا قطعناه وحققناه على مدار عشرين عاماً، ونتيجة ذلك؛ في عام 1999 دخلنا ضمن دوري الأقوياء، وهو خاص بالأندية المتصدرة دوماً، وكنا نحتل الوصافة سيدات من عام 2007 حتى عام 2015، وأبطال الدوري السوري للناشئات من عام 2008 حتى 2014.

مدرب منتخب سيدات سورية

أما دولياً، فكنّا ثالث دورة "الأمير الحسن" في "الأردن" عام 2000 مع منتخب "سورية"، ووصيف دورة "السويس" الدولية في "مصر" عام 2010، وثالث دورة "اليرموك" الدولية في "الأردن" عام 2001، ووصيف دورة "الاستقلال" الدولية عام 2004، وتمكنت من جعل خمسة وأربعين بالمئة من لاعبات المنتخب الوطني للسيدات أساسهن من "نادي الدريكيش"، لخبراتهن ومهاراتهن العالية».

لم تتمثل إنجازاته بكونه محاضراً في التكتيك الرياضي وواضع أسس علمية للتدريب لتكون برامج دراسية فقط، بل تعدّتها، وهنا قال: «في مرحلة من المراحل كان لدي ست فرق مقسمة ما بين إناث وذكور تحت سن الثانية عشرة جاهزة للانخراط في أي تحدٍّ رياضي، وهذا كان قوة للنادي وتميزاً لمنهجية التفكير التي انتهجتها، وتجسدت بزيارة المدارس بوجه دائم بحثاً عن الرياضيين المميزين وفقاً للطول والأجسام السليمة، ومتابعة شخصية لهم ولسير تحصيلهم العلمي، ومن كان يقصر كنت أهدده بفصله من النادي؛ وهو ما يدفعه إلى الجدية في الدراسة؛ وهذا أدى إلى أن أغلب اللاعبين من خريجي الجامعات، وما قدمته للنادي بعلاقاتي الشخصية مع رجال الأعمال والتجار، من لباس رياضي متكامل كان غرساً للثقة المطلقة فيما بيننا ككوادر رياضة ضمن النادي».

وفي لقاء مع الموظف واللاعب "سمير هوارة"، قال: «تميّز الكابتن "علي" بإنسانيته وتفانيه من أجل النادي، فقد أعطى الكثير من حياته لكوادره وفرقه المختلفة الفئات؛ وهذا لأنه مخلص للاعبين ومتابع لهم في أبسط التفاصيل؛ وهو ما جعله قريباً منا جميعاً، ومع هذا لم يحصل على حقّه».

أما اللاعبة والمدرّسة "نجوى مرهج"، فقالت: «مدرّب وطني بامتياز، وقف معنا في أصعب الظروف، ومنها تدريبنا المستمر فوق ساحات الإسمنت والإسفلت، حتى إنه جعل منّا المنافس لأبرز الفرق الوطنية بجهده الشخصي وأقل الدعم المادي. شجع كرة اليد الأنثوية ونافس بها محلياً ودولياً، وحقّق حلمه بالتدريب، وشاركنا بمعسكرات مغلقة دعمت خبراتنا ومهاراتنا».

يشار إلى أنّ الكابتن "علي الزعيم" من مواليد مدينة "الدريكيش"، عام 1961.