عرف اسمه بـ"القفص السوري"، وتميّز عن غيره من أقفاص الصيد بدقة قياساته، وإتقان تصميمه وصناعته اليدوية؛ وهذا انعكس على أسلوب عمله وطريقة احتجازه للأسماك المميزة بنوعها وسوقها التجاري.

يعدّ قفص الصيد السوري من أفضل أنواع أقفاص الصيد البحرية المعروفة والمنتشرة في الدول المجاورة، والمستخدمة في الصيد بالأعماق؛ وفق رأي الصياد "أحمد موسى" ابن العائلة التي امتهنت هذه الصناعة وتوارثتها عبر الأجيال، وتابع حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 29 آذار 2017: «هذا النوع من أقفاص الصيد البحرية الذي أعمل على صناعته يدوياً، هو النسخة الأولى القديمة من الأقفاص، وهي مستمرة بالعمل وتجدد بوجه دائم؛ لأنها بعد التجربة أثبتت أنها الأفضل على الإطلاق في عمليات الصيد بالأعماق، ناهيك عن أنها ميراث العائلة الباقية والمستمرة حتى الآن».

يبدأ الصيد بالأقفاص من تاريخ 15 آذار بعد الانتهاء من "نوة الحسوم"، ويستمر حتى منتصف شهر تشرين الأول، وهذا التاريخ هو العمر الافتراضي للشباك المعدنية التي تجدد في كل موسم صيد، بخلاف الهيكل المعدني الذي يعمر لموسمي صيد، وقد تزيد إلى ثلاث سنوات

ويتابع: «القفص مهم في عمليات الصيد البحرية لأنه يصطاد مختلف الأنواع التي تتميز بجودتها من حيث النوعية والنكهة، وأيضاً الرواج والسوق التجاري لها، ومن هذه الأنواع: "السلطاني"، و"اللقس"، و"الفريدي"، و"الكلماري"، وغيرها. وله أوقات محددة يستخدم فيها، حتى إن له مختصين يعملون به، لأن طبيعة التعامل معه خاصة، فهو يحتاج إلى غطاس بحري متمرس ليضعه في القاع على أعماق كبيرة تصل إلى ثلاثين متراً».

أحمد موسى

وعن طبيعة تكوينه وصناعته، قال: «القفص السوري له من اسمه نصيب كبير، فهو عبارة عن قفص معدني بحجم تقريبي يصل إلى متر مربع، له هيكل معدني مؤلف من طبقتين مرتبطين إحداهما بالأخرى بواسطة محاور "أعمدة" عددها ثمانية، وارتفاع كل منها نحو سبعة وأربعين سنتيمتر، ويحيط بهذا الهيكل المعدني شباك معدنية، وتحصره بقوة من مختلف الجوانب.

هذه الشباك نوعان: الأولى ذات فتحات كبيرة قياس طولها 2سم، وعرضها 2سم. والثانية ذات فتحات صغيرة وقياس طولها 1سم، وعرضها 1سم، ويعدّ النوع الثاني الأفضل لصيد الأسماك التي تعتمد أساساً في غذائها على الصيد، وهذه الأسماك من الأنواع الغالية الثمن كسمكة "الديك" أو "اللقس"».

مصطفى دانيال يصنع الهيكل المعدني

وعن عملية الصيد بالقفص، يقول الصياد "خالد خليل": «تتم عملية الصيد بواسطة ما يعرف بالطعم؛ وهو عبارة عن سمكة صغيرة توضع داخل القفص لتجذب بوجودها وحركتها المستمرة داخله الأسماك الجائعة، فتبحث بإثارة كبيرة عن مدخل للوصول إلى الطعم، وعند دخولها من البوابة تجد نفسها في مكان لا يمكن مغادرته أبداً بسبب طبيعة البوابة التي يصل طولها إلى ثلاثين سنتيمتراً، والتي تضيق كلما اتجهنا فيها نحو الأمام، إضافة إلى ميولها نحو الأعلى؛ أي باتجاه الطبقة الثانية من الهيكل العام؛ وهو ما يعدّ صيداً دسماً لواضع القفص في المياه البحرية».

أما عن مواعيد بدء الصيد بالأقفاص، فيقول الصياد "رائد بشير": «يبدأ الصيد بالأقفاص من تاريخ 15 آذار بعد الانتهاء من "نوة الحسوم"، ويستمر حتى منتصف شهر تشرين الأول، وهذا التاريخ هو العمر الافتراضي للشباك المعدنية التي تجدد في كل موسم صيد، بخلاف الهيكل المعدني الذي يعمر لموسمي صيد، وقد تزيد إلى ثلاث سنوات».

خلال عملية تركيب الشباك على الهيكل

وعن شكل القفص السوري والأقفاص بالعموم، قال الحرفي "مصطفى دانيال" العامل في هذه الصناعة: «شكل القفص السوري شبه دائري، وله في نهايته انحناء، ويشبه شكل القلب، وبوابته جانبية بشكل قمع متضيق ومنحنٍ نحو الأعلى؛ وهو ما يعني عدم فرار السمكة الداخلة بالمطلق، وقياساته دقيقة جداً لا يمكن التلاعب بها؛ وهذا يعني ثباته في المياه البحرية العميقة، حيث يوضع بحسب معلوماتي بين الصخور في مكان تكون عمليات الحتّ فعلت فعلها، وجعلت المكان شبه رملي، حتى على صعيد الوزن؛ فهو مدروس ولا يتجاوز 3.2 كيلو غرام، بينما "القفص اللبناني" له شكل دائري بالعموم، وبوابته من الأعلى وارتفاعه أقل من القفص السوري».