عذوبة مياهه وبرودتها، وانخفاض الرواسب الكلسية مقابل ارتفاع العناصر المعدنية؛ جعلت من نبع "عين سناد" مقصداً لأهالي قرية "كاف الجاع" والقرى المحيطة بها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 2 آذار 2017، مدرّسة الجغرافية "غنوة كامل عباس"، لتحدثنا عن موقع النبع، وقالت: «يقع نبع "عين سناد" بالقرب من الطريق الرئيس لقرية "كاف الجاع" التابعة لمنطقة "القدموس"، وعند التقاء ثلاث حارات: "الحارة الغربية"، و"عين الجوز"، و"الحارة التحتانية"، وهذا الموقع أعطاه أهمية من حيث استفادة قسم كبير من أهالي القرية من مياهه، ويعدّ أحد الينابيع الرئيسة التي تنبع من قاعدة جبل "زغرين"، الذي يتميز بجزأين أحدهما التوائي تشكل الصخور الكلسية أساسه، وقد تشكلت فيها شبكة "كارستية" باطنية ساهمت في تغذية الينابيع من المياه المتسربة من أكبر مساحة ممكنة. أما الجزء الثاني وهو الأكثر ارتفاعاً، فهو ناتج عن نشاط بركاني يعود إلى فترة الحقب الرابع الجيولوجي؛ وهذا أعطى نبع "عين سناد" ميزات إضافية من حيث انخفاض نسبة الرواسب الكلسية في مياهه مقابل ازدياد بعض العناصر المعدنية الأخرى الناتجة عن القسم البركاني لجبل "زغرين"؛ وهذا جعله من أفضل ينابيع قرية "كاف الجاع"، وربما المنطقة بأكملها».

أثناء عودتي من عملي في مدينة "القدموس" أقصد النبع لآخذ حاجة المنزل من مياه الشرب عن طريق تعبئتها في عبوات بلاستيكية سعتها تكفي للاستخدام لعدة أيام، فمياهه باردة عذبة، وبحسب الجيولوجيين الذين قدموا لمعاينته وفحص مياهه، فإنها تحوي الكثير من العناصر التي تجعلها متميزة عن مياه باقي ينابيع المنطقة

منذ القديم؛ أي ما يقارب الستين عاماً، قام أهالي القرية وبجهود شخصية، بإجراء إصلاحات على النبع؛ هذا ما قاله المهندس المدني "ماهر علي حسن" المشرف على آخر مشروع لتحسين مياه النبع، ويتابع: «في الماضي كانت مياه نبع "عين سناد" تشحّ صيفاً، وبني بالقرب منه "جرن" استخدم قديماً لجمع المياه لأغراض متعددة كالشرب وسقاية المواشي، وبعد اجتماع رجال القرية قرروا تحسين النبع من خلال قيامهم بالحفر مستخدمين قوتهم العضلية وبعض الأدوات البسيطة، حيث استمر العمل لعدة أشهر ليتمكنوا من جمع فرعين من فروع النبع الذي أصبح أكثر غزارة، وبعدها بسنوات؛ أي ما يقارب العشرين عاماً قامت مديرية الخدمات الفنية في المحافظة بإجراء إصلاحات على منطقة النبع، وفي عام 2010 قمنا في بلدية "كاف الجاع" بأعمال حفريات في موقع النبع على عمق يتراوح ما بين خمسة إلى ستة أمتار، حيث تم جمع أربعة من فروع النبع، وبناء خزان لتجميع المياه مع جعل سطحه مساوياً لمستوى سطح الأرض، وذلك لسهولة تنظيفه وصيانته، إضافة إلى تمديد عدة أنابيب على مسافة تقارب مئة متر من موقع النبع، ليسهل استخدامه بالنسبة للأهالي، والآن مياهه متوافرة وغزيرة، لكن الجدير بالذكر، أنّ الغزارة الحقيقية له موجودة في عمق خمسة عشر متراً تحت سطح الأرض، وتحتاج إلى معدات وآليات أكثر تطوراً».

المهندس المدني ماهر حسن

يقتسم أهالي عدة حارات في القرية مياه نبع "عين سناد" مستفيدين منها في عدة أغراض، عن كيفية استثماره يقول "محمود حسن أحمد" أحد الأهالي المقيمين بالقرب منه: «يتم اقتسام مياه النبع وفق أوقات زمنية محددة لكل عائلة يتم الاتفاق عليها فيما بيننا، حيث يتم استجرار المياه بأنابيب بلاستيكية لاستخدامها في الشرب، وتعبئة الخزانات للاستعمالات المنزلية المختلفة. أما الفائض منها، فيتم استخدامه في ري بعض المحصولات منها الخضراوات الحقلية التي تتم زراعتها حول المنازل».

ويكمل: «إضافة إلى ذلك تقع بالقرب من النبع العديد من المؤسسات، منها: روضة الأطفال، ومدارس القرية، والمقسم الآلي، والمركز الصحي، وهناك أيضاً عدد من المحال التجارية، وكلها تتزود من مياه النبع؛ وهذا جعل منه مركزاً ونقطة علّام رئيسة للقرية، وقبل أكثر من عشرين عاماً قبل انتشار السيارات والدراجات النارية بكثرة كان طقس التزود بالمياه يومياً حالة مميزة لدى الأهالي؛ فعند اقتراب فترة العصر كان شبان وشابات القرية يقصدونه ليس فقط لتعبئة مياه الشرب، بل كفرصة للقاءات وتبادل الأخبار والأحاديث فيما بينهم. وفي كل صباح أثناء ذهاب المزارعين إلى أراضيهم، وبمختلف المواسم، وخاصة موسم الحصاد، كان يعدّ مقصداً رئيساً لهم للتزود بمياه الشرب التي تتميز ببرودتها الشديدة صيفاً، وخصائصها الصحية الأخرى، ناهيك عن استخدامها لتبريد شتلات التبغ أثناء القيام بزراعتها».

زراعة الخضار المنزلية ومشاتل التبغ عند النبع

إذاً، مجموعة من الميزات التي تتمتع بها مياه نبع "عين سناد" جعلت منه مقصداً حتى لأهالي القرى المجاورة، ومنهم "يوسف خضور" أحد أهالي قرية "تلة"، الذي يتردد دائماً للتزود بمياهه، ويقول: «أثناء عودتي من عملي في مدينة "القدموس" أقصد النبع لآخذ حاجة المنزل من مياه الشرب عن طريق تعبئتها في عبوات بلاستيكية سعتها تكفي للاستخدام لعدة أيام، فمياهه باردة عذبة، وبحسب الجيولوجيين الذين قدموا لمعاينته وفحص مياهه، فإنها تحوي الكثير من العناصر التي تجعلها متميزة عن مياه باقي ينابيع المنطقة».

النبع مقصد أهالي القرى المجاورة