موهبتها جعلتها ترى الحياة من زاويتها كما ترغب أن تكون، فاستطاعت أن تقلبها بكل ظروفها، وأصبحت تبوح بأسرارها للورق، وتصنع من همّها قصيدة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 18 كانون الثاني 2017، الأديبة "رماح غازي إسماعيل"، لتحدثنا عن أبرز المحطات في رحلتها من بدايتها، حيث قالت: «بدأت اكتشاف ذاتي وميولي الأدبية منذ سنوات طفولتي المبكرة. شغفت بقراءة القصص المتنوعة، وأمضيت في ذلك ساعات طويلة من دون ملل، وفي الحقيقة لم يتردد والدي يوماً باصطحابي لانتقاء ما أريد من المجموعات القصصية، واستمريت حتى بدأت مخيلتي تحيك قصصاً؛ أرسم لكل قصة منها في ذهني صورةً تعبّر عنها، لكن البداية الفعلية كانت مع أول قصة أكتبها عن طفل فلسطيني يتعرض وعائلته لكل أشكال الظلم والعدوان من قبل المحتل الإسرائيلي، وحلمه أن تشرق شمس النصر على بلده "فلسطين"، كنت حينئذٍ في مرحلتي الابتدائية، وقد نالت قصتي إعجاب كل من قرأها، فكانت تلك اللحظة بمنزلة الريشة التي رسمت أمامي الخطوة الأولى من خطوات طموحي الكبير، والحافز الأهم في إصراري على الاستمرار في تطوير قدراتي ومواهبي، ليس فقط في مجال القصة التي لم أتوقف عن كتابتها، إنما في مختلف الفنون الأدبية، منها الكتابة للمسرح؛ فكانت تجربتي في كتابة مسرحية بعنوان: "الأرض الطيبة"، وعرضت في مناسبة لإحياء اللغة العربية، على خشبة المركز الثقافي في بانياس عام 2013، وقد استخدمت في نصي المسرحي الألفاظ الجزلة التي تبرز جمالية لغتنا العربية والتناغم بين كلماتها الأشبه بالألحان المنبعثة من قيثارة الأبجدية».

الكتابة صهرت روحي في بوتقة الشغف، وأصبحت حلمي الذي لن أحيد عنه، أنا الآن أكتب لمحاكاة عقل وقلب المتلقّي، أكتب لأترجم كل عاطفة شفوية على الورق، وأحيك من تفاصيلها قصصاً تشبه روح كل قارئ

وتكمل: «نظمت في مجال الشعر قصائد تحمل همّي الوطني والعربي، فكتبت عن "فلسطين" و"دمشق"، والمرأة العربية، وغيرها من القصائد. وفي عام 2013 حظيت بفرصة نشر بعضها في صحيفة "الوحدة" السورية، ولم تبقَ كلماتي سرّاً بيني وبين الورق، بل تشرفت بإحياء أمسيات شعرية في مدينتي التي أحبّ "بانياس" بحضور عدد من المهتمين بالأدب والشعر، فقدمت قصائد متنوعة مما كتبت.

من خواطر رماح

وفي عام 2015، كان لي شرف المشاركة في المسابقة الوطنية للأدباء الشباب، التي حصلت من خلالها على المرتبة الأولى على مستوى محافظة "طرطوس"، والمرتبة الثانية على مستوى الجمهورية العربية السورية. وتكررت التجربة نفسها في العام الذي يليه، ومؤخراً بدأت تتبلور في خاطري فكرة تجميع ملكاتي الأدبية وصبّها في عمل واحد ضمن كتاب يحمل اسمي؛ فقرّرت أن أكتب روايتي الأولى، وهي بعنوان: "مواسم الهوى"، وبالفعل طبّقت الفكرة على الورق، والآن يتم وضع اللمسات الأخيرة لتبصر النور قريباً».

وعن رأيها بالكتابة، وما قدّمته لها روحياً، تضيف: «الكتابة صهرت روحي في بوتقة الشغف، وأصبحت حلمي الذي لن أحيد عنه، أنا الآن أكتب لمحاكاة عقل وقلب المتلقّي، أكتب لأترجم كل عاطفة شفوية على الورق، وأحيك من تفاصيلها قصصاً تشبه روح كل قارئ».

مشاركة بإحدى الفعاليات

المدرّسة "نهلة سليمان"، وهي أمينة رابطة اتحاد "شبيبة الثورة" في مدينة "بانياس"، والمكتشفة لموهبة "رماح"، فتقول: «تميزت في مراحلها الدراسية المختلفة كطالبة موهوبة أدبياً، وفي الحقيقة ما كان يدهشني في شخصيتها أنها كانت متمردة وهادئة في الوقت نفسه، ويوماً بعد يوم أصبحت أكتشف عشقها للحرف وفنّ الكلام، ومع الأيام تركت في عقلي ووجداني أثراً كبيراً وعميقاً، وأتيحت لي أيضاً الفرصة لإبراز هذه الموهبة المتميزة، فقمت بدعوتها للمشاركة عام 2015 في المسابقة الوطنية للأدباء الشباب، حيث قدمت مجموعة من أعمالها لتقييمها من قبل لجنة مختصة، ونالت بجدارة المركز الأول على مستوى محافظتها "طرطوس"، وترشحت للمنافسة على مستوى الجمهورية العربية السورية، وقد نالت المركز الثاني. وفي شهر أيار من العام الماضي 2016، دعيت للمشاركة بذات المسابقة عن خاطرتها "زاد الرحيل"، وحصلت على المركز الأول على مستوى المحافظة، والثاني على مستوى الجمهورية عن ذات الخاطرة في كانون الأول 2016».

يذكر أنّ "رماح غازي إسماعيل" من مواليد "الدير علي" التابعة لمحافظة "ريف دمشق"، عام 1996، سنة رابعة في كلية الآداب، قسم التاريخ جامعة "تشرين"، وطالبة في كلية الإعلام جامعة "دمشق"، ومقيمة في مدينة "بانياس".

رماح

من قصيدتها الجميلة التي تحمل اسم: "في منتصف العمر"، اخترنا هذه الأبيات:

«في منتصف العمر

كنت موقفاً لمسافر

يحتار بين رحلة إلى الأبدية

وبين رحلة تنتهي بالفقدان

وكم اشتهيت يا عمري

أن تطول بي، أن تسافر بي

إلى أبعد مدى

هناك حيث السرمدية

أن أتخلص منك هذا هو المستحيل بعينه

في رنين حناجر المرتلين أسمعك

في قصيدة عن الوجود أستحضرك

في جلوسي، في قيامي، في صمتي

لك نصيب...

لك نصيب في كل تفاصيلي

وغشاوة صورتك تكتم أنفاس عيني

تتحكم بنظراتي، تستغل ضعفي

فقط لأنني أحببت من أحب نفسه

حكمت بهوى من لا هوى يحكمه

رغم قسوتك لست سفاحاً

بل كمن قتل من دون قصد

كم تمنيت ألا تكون وهماً، لكنك كنت

ومضى علي من أيام حبك ما مضى

والآن في منتصف العمر

أنتظر سفراً في محطة مات فيها القطار».