صمّم خمسة طلاب من كلية الهندسة التقنية في جامعة "طرطوس" آلة "تبريد الماء" بالاعتماد على الطاقة البديلة كحلّ للأماكن التي لا تصل إليها الكهرباء. وفي الدراسة التي أعدّوها لنيل شهادة "البكالوريوس"، ركّز الطلاب على خاصية الاستغلال المتقن والذكي لهذه الطاقة المهدورة والمجانية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 18 كانون الأول 2016، "وليم البدعيش" خريج كلية الهندسة التقنية، الذي تحدث عن مشروع التخرج، والفكرة التي عمل عليها مع زملائه، فقال: «ترجع معرفة الإنسان وحاجته إلى التبريد إلى قديم الزمان، حيث استخدمت فكرة التبريد بالتبخير عند اليونان والمصريين القدماء، الذين كانوا يستطيعون شرب الماء البارد من دون أن يكون في بلادهم أي نوع من أنواع الثلاجات، من خلال وضع الماء في أوانٍ فخارية وتركها فوق سطوح منازلهم وقت الغروب وطوال الليل، فيعمل نسيم الصحراء الجاف على تبخير الماء الذي ينفذ من مسام الأواني الفخارية، فيبرد الماء الموجود داخلها.

قد يكون هذا الجهاز حلّاً لكثير من المشكلات التي نعانيها، كانقطاع التيار الكهربائي المستمر، وهو يوفر على الناس الكثير من العناء خاصة في الأماكن النائية، وإذا وجد من يتلقف الفكرة، فهو جهاز مردوده الاقتصادي عالٍ، فلا خسارة مع الطاقة المجانية

هذه الفكرة تعدّ أبسط الطرائق لتبريد الماء، التي قادتنا إلى تصميم آلة تبريد ماء تستخدم طريقة التبريد الحيوي. وبما أن الشمس مصدر من مصادر الطاقة المتجددة، وصديقة للبيئة، اتجهنا إلى استغلالها بفكرة خلّاقة ومتميزة، فاستثمرنا طاقتها لتقديم مشروع يحقق الفائدة ويدفع عجلة التقدم والتطور الذي ينشده المجتمع، وهو الاعتماد على الطاقة البديلة، أو اعتمادها في الأماكن التي لا تصل إليها الكهرباء.

مخطط الجهاز

ويعرف التبريد بأنه امتصاص كمية حرارة من حيّز معزول بعازل حراري، وطردها إلى الوسط الخارجي سواء كان هواء أو ماء، وينتج عن امتصاص كمية الحرارة من الحيّز المعزول نقصان في درجة الحرارة. وتسمى الآلة الحرارية التي تقوم بهذه العملية "آلة تبريد الماء"».

وعن الفائدة من تصنيع هذه الآلة في هذا الوقت، أضاف: «التبريد ضرورة من ضرورات الحياة العصرية، ويعدّ مستهلكاً رئيساً للطاقة، وعليه فقد تم التركيز في هذا البحث على استغلال الطاقة الشمسية المباشرة في عملية "التبريد التبخيري"، حيث يمكن الإبقاء على درجة حرارة غرفة التبريد (خزان الماء) منخفضة بحدود 10 درجات مئوية؛ وهذا يؤدي إلى تبريد الماء الموجود داخل الخزان».

جسم الجهاز

وأضافت "حلا إسماعيل" المشاركة في المشروع، عن أقسام "آلة تبريد الماء": «تتألف الآلة من عدة أقسام؛ أولها الجسم المعدني، الذي يحوي بداخله غرفة التبريد (خزان الماء)، وهو مصنوع من الصاج، وفيه شفرات في الأسفل. القسم الثاني، المروحتان لسحب الهواء من الخارج، ودفعه إلى داخل الحيّز المحيط بالخزان، ويخرج من الأسفل. ومن الأقسام المهمة في هذه الآلة "الخيش" الذي يحيط بالخزان، ويمتص الماء، وتحدث عليه عملية التبخر لسحب الحرارة من الخزان. أما الرابع، فهو شفرات ملحومة على جسم الجهاز في مجرى الهواء، تعمل على تخلخل واضطراب الهواء لكي يتعشق مع "الخيش" فيزيد تبخر الماء. وتأتي خامساً الفتحة العلوية لتعبئة الماء يدوياً، ومن خلالها تتم "التخلية".

أما القسم السادس، فهو أنابيب الماء المثقبة التي تحيط بالخزان، ويمكن رفعها عند تبديل الخزان، حيث تعمل على رش الماء على "الخيش" لتبليله. ويتألف القسم السابع من جهاز لقياس منسوب الماء. والثامن عبارة عن صمام علوي لخروج الهواء عند تعبئة الخزان بالماء، وتعديل الضغط أثناء استهلاك الماء.

وليم البدعيش

والتاسع عبارة عن صمّام سفلي لاستهلاك الماء المبرد عند فتحه. ويتألف القسم العاشر من باب محكم الإغلاق سهل الاستخدام، مركب عليه إطار مصنوع من المطاط (جوان) ليمنع تسرب الهواء من الوسط المحيط الدافئ إلى داخل الجهاز. وهناك فتحة تنظيف، وبطارية سيارة 90 أمبير لتشغيل المروحتين، وألواح شمسية».

وتتابع الحديث عن آلية عمل الجهاز، بالقول: «تعمل الألواح الشمسية على تجميع وتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية حسب المقدار الضوئي المسلط على الألواح، يتم تجميع كمية كافية لشحن البطارية واستخدامها لتشغيل المروحتين، فيعمل الجهاز. يملأ الخزان عن طريق الخرطوم الأساسي بعد فتح الصمام العلوي لكي يخرج الهواء، حيث نعرف منسوب المياه من خلال جهاز قياس، نغلق الصمام العلوي بعد التخلية، وعن طريق الأنابيب المحيطة بالخزان المثقبة يتم تبليل "الخيش" للوصول إلى رطوبة معينة، ومن خلال ذلك تتم عملية "التخلية" من الخزان للوصول إلى ضغط داخلي 0.5 بار.

بعدها يتم تشغيل المراوح لسحب الهواء من الوسط الخارجي، ودفعه داخل المجرى المعدني باتجاه الخزان، وضخ الهواء خلال المجرى المشفر الذي يحيط بالخزان، وبفعل الشفرات الملحومة في المجرى يؤدي ذلك إلى خلطه وتعشقه في طبقة "الخيش"؛ وهو ما يؤدي إلى زيادة في تبخر الماء وسحب الحرارة من الخزان، ودفع بخار الماء الحار إلى خارج الخزان؛ أي درجة الحرارة في غرفة التبريد (الخزان) ستنخفض من خلال عملية التبخر؛ وهذا يؤدي إلى تبريد الماء الموجود داخله.

الإبقاء على غمر "الخيش" بالماء سيبقي هذا الجهاز في حالة عمل مستمر وتبريد الماء في غرفة التبريد (الخزان) ما دامت عملية التبخر مستمرة. ويتم استهلاك الماء البارد من الخزان بفتح الصمام السفلي، ويفتح الصمام العلوي لتعديل الضغط داخل الخزان».

للجهاز ميزات كثيرة بحسب المشاركة في المشروع "ولاء أبو أحمد"، التي أضافت: «الجهاز يتميز ببساطة التصنيع، ومن مواد متوفرة محلياً، ولا تتطلب أي مصدر طاقة غير الشمس؛ وهذا يوفر في الطاقة المستخدمة، وهو صديق للبيئة ومصمم لكي يعمل بطاقة كهربائية قدرها 12 فولت، وقادر على تبريد الماء لمدة 8 ساعات متواصلة ضمن 10 درجات مئوية. وهو خفيف وسهل النقل والتشغيل، وذو شكل مميز.

أما أهم ميزة فيه، فهي إمكانية الاستخدام في الأرياف والمناطق النائية التي لا تتوفر فيها الكهرباء، فتكلفته قليلة، وتكلفة تشغيله أيضاً؛ فاستهلاك الطاقة يقتصر على المراوح فقط؛ لأن بخار الماء لا يتم إعادة استخدامه بسبب عدم وجود المضخات التي تستهلك معظم كمية الطاقة في دورات التبريد المغلقة، وكذلك المبرد المستخدم هو الماء، ولا يستخدم أي مبردات خاصة مثل الأمونيا وغاز ثاني أكسيد الكربون والكبريت، أو أي مركبات أخرى قد تكون سامة، وتكلفة تشغيلها باهظة. والآلة سهلة الصيانة؛ فالأجهزة الميكانيكية الموجودة فيها هي فقط المروحتان؛ لذلك تكون تكلفة الصيانة أقل من باقي أنظمة التبريد الأخرى، ولا تحتاج إلى خبير مختص».

المهندس "حسان أبو شبلي" المهتم بأجهزة الطاقة والعمل فيها، تحدث عن رؤيته لهذا الجهاز بالقول: «قد يكون هذا الجهاز حلّاً لكثير من المشكلات التي نعانيها، كانقطاع التيار الكهربائي المستمر، وهو يوفر على الناس الكثير من العناء خاصة في الأماكن النائية، وإذا وجد من يتلقف الفكرة، فهو جهاز مردوده الاقتصادي عالٍ، فلا خسارة مع الطاقة المجانية».

تمت الدراسة بإشراف الأستاذ الدكتور "علي محمد علي"، وساهمت بها أيضاً الطالبتان "هبة ديب"، و"علا يوسف"، ونال درجة الامتياز.