منذ الصغر شعرت عازفة البيانو "شذى طعمة" بأن هذه الآلة ملجأ لحالاتها النفسية المختلفة، واستمر شعورها حتى أصبح واقعاً أسست له أكاديمياً ليكون نواة للموسيقا الجادة عبر مشاريع فنية تخصصية.

في البداية لم يكن لديها أفكارها الموسيقية المجردة، لكن تحفيز الأهل لتعلّم الموسيقا بوجه عام، ساعد على إبراز موهبتها، حيث قالت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 كانون الأول 2016، عن بداياتها الحقيقية مع "البيانو": «بدأت العزف منذ كان عمري ثماني سنوات، على الرغم من قلة المختصين القادرين على منحي الموسيقا الجادة؛ وهذا حفّزني على المتابعة الأكاديمية في المعهد العالي للموسيقا إلى جانب الدراسة في قسم اللغة الفرنسية، كما أنني تأطرت في معهد "بالي" بمحافظة "حلب"، وبعد التخرج عام 2002 انطلقت إلى عالم الموسيقا الواسع، وبدأت أبحر فيه بكل جدية، بحثاً عن كل جديد لتقديم الموسيقا الأكاديمية للناس، وهنا كان لي مشروعي المشترك مع عازف الترومبيت "بشر عيسى" عبر تكوين ثنائي "ترومبيت وبيانو"، وتقديم الموسيقا الكلاسيكية التي يهتم بها الجمهور، ودوري كان في مساندة العازف "بشر" على مدار ساعة من الزمن خلال تقديم حفل أو أمسية، حيث ننتقي مقطوعات عالمية تناسب أذواق الجمهور، وهي محاولة لتكريس ثقافة الموسيقا الجادة، ونقدم كل عام حتى الآن نحو ثماني حفلات موسيقية».

تقديم الموسيقا الراقية مرهون بطبيعة الجمهور ومكان التقديم، فمثلاً في "دار الأوبرا" نقدم مقطوعات أكاديمية حرفية، وعلى المسارح نقدم مقطوعات "صولو" مختلفة تتوافق والذائقة السمعية للجمهور، وهنا يكون التدريب مستمراً لساعات طويلة

التدريب المستمر وانتقاء مقطوعات مهمة وصعبة هو الانطلاق نحو مشروع الموسيقا الجادة، حيث قالت: «تقديم الموسيقا الراقية مرهون بطبيعة الجمهور ومكان التقديم، فمثلاً في "دار الأوبرا" نقدم مقطوعات أكاديمية حرفية، وعلى المسارح نقدم مقطوعات "صولو" مختلفة تتوافق والذائقة السمعية للجمهور، وهنا يكون التدريب مستمراً لساعات طويلة».

عازف الترومبيت بشر عيسى

مشاريع عدة هادفة لتأسيس مجتمع موسيقي، منها مشروع بعنوان: "أطفال الموسيقا"، أوضحت عنه بقولها: «تعليم الأطفال دون سنّ السادسة الموسيقا يهدف إلى تأسيس نخبة مستقبلية للموسيقا الجادة، وذلك عبر اختيار وتقييم المناهج العالمية الأكاديمية المحكمة وتقديمها لهم، ضمن ثنائي مشترك مع العازف "بشر"، وكذلك لي مشروعي "كوال أرجوان" المشترك أيضاً، الذي أدرّس فيه الصغار والكبار، وأنا كمديرة للكورال وعازفة البيانو فيه أقول إن كورال "أرجوان" للكبار من عمر خمسة عشر حتى خمسين عاماً، هو ركيزة، وكورال "أرجوان" للصغار من عمر سبع سنوات وحتى الثالثة عشرة، هو حجر الأساس، حيث إن المجموع يقدر بنحو 100 شخص، وهذه ركيزة للتأسيس الموسيقي السليم، حيث إن الكثيرين من منتسبي الكورال هم من محبي الموسيقا، لكن لم يتسنَّ لهم التخصص بها».

وتتابع: «المشروع الموسيقي الرابع هو "جمعية أصدقاء الموسيقا" في "طرطوس"، وهو مشروع مهمّ على مستوى الساحل السوري؛ لأنه أساس لتقديم وتأسيس جادّ للموسيقا، مع عدم توفرها في المحافظة كدراسة أكاديمية، فأنا كأكاديمية لا يمكنني التفكير والتأسيس بعيداً عن المنهجية العلمية لها؛ لأنها لغة فكر أولاً، ولغة عاطفة ثانياً، ولغة جسد ثالثاً، وسنبقى نعمل ونؤسس على الرغم من صعوبة الظروف والضغوط.

كورال أرجوان

من أهم النتائج أننا غيّرنا عبر الكورال بيئة المنتسبين له؛ أي أسّسنا بيئة موسيقية ضمن 100 عائلة منها الهواة والدارسون؛ وهذا سيكون نواة لمجتمع مختلف تماماً ومتطور مستقبلاً».

وبالنسبة لها كعازفة على آلة البيانو، فهي تعدّها من أصعب الآلات، وتضيف: «يجب على محبي هذه الآلة الراغبين بإتقان العزف عليها، البدء منذ الصغر بالتدريب اليومي المستمر، وهذا حالي معها يومياً ولساعات طويلة، وهي محاولة لتكوين علاقة خاصة مع هذه الآلة الصعبة؛ فهي ملجئي الدائم لتفريغ الطاقات الإيجابية والسلبية، وكأنها صديقتي وبيت أسراري».

عازفة البيانو شذى طعمة

وفي لقاء مع عازف "الترومبيت" "بشر عيسى"، قال عن رأيه في عمل زميلته: «تميزت العازفة "شذى" بسرعة إتقانها لطبيعة العلاقة الثنائية التي كوّناها بين آلتي البيانو والترومبيت، كما أنها تميزت بتكنيكها وطريقة عزفها؛ فالأكاديمية بطريقة عزفها واضحة جداً، كما أنها تقدم معزوفاتها بثقافة عالية، معتمدة على تقديم الأفضل دوماً وبصدق واضح من مراحل التمرين الدائم».

أما "مدى سليمان" من أعضاء "كورال أرجوان"، فقالت: «سيدة البيانو "شذى طعمة" فنانة ثرية المعرفة، سخيّة التواضع، ساحرة الأداء الموسيقي والإنساني، تدعوك براعتها وحرفيتها إلى التعرّف بشخصها الساحر الذي يستقبلك بابتسامةٍ ودودةٍ لترحب بك في عالمها الراقي الجميل؛ وهذا انعكس إيجاباً علينا في "كورال أرجوان"، وزاد شغفنا في الموسيقا، وترجم عمليّاً بعملنا الجماعي معها ومع العازف "بشر"، لما تبثّه فينا من محبةٍ تستوعب زلّاتنا، وتثّمن نجاحاتنا وتحفزّنا دوماً».

يشار إلى أن عازفة البيانو "شذى طعمة" من مواليد "طرطوس"، عام 1975.