تعدّ "القنطارية" من النباتات العشبية الدوائية الطبيعية، التي يمكن زراعتها في الحدائق المنزلية، ويكمن سرّها في مرارة طعمها وتأثيراتها الشفائية في التشنجات الناتجة عن البرد.

والكلام جزافاً غير كافٍ، لكن تجربة "مهران حسن" من قرية "كاف الجاع" في ريف "القدموس" خير دليل، حيث تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 تشرين الثاني 2016، عن تجربته في استخدام نبات "القنطارية"، فقال: «في قريتنا الريفية الشتاء بارد جداً، حتى في باقي الفصول يكون هناك فروقات كبيرة بين درجة حرارة الليل والنهار؛ لذلك أعاني مثل الكثيرين من أهالي المنطقة آلام التشنجات؛ وهو ما قلّل من قدرتي على تحمّل العمل في الأرض؛ وهذا دفعني إلى القيام بجمع "القنطارية" في فصلي الربيع والصيف من الجبال والأراضي القريبة من منزلي؛ فهي -كما قال عنها جدّي في الماضي- مفيدة في تخفيف وحتى علاج مثل هذه الآلام».

هذا النبات له طعم لاذع شبيه بطعم "الزعتر" إلى حدّ ما، لكنه أكثر مرارة، ومن هنا جاءت تسميته المحلية "المريميرة"، وأيضاً من هذا الطعم المرّ يفسّر سبب استعمالها الدارج كمضاد لمرض السكري لدى العامة

ويكمل: «بعد انتهائي من عملية جمع نبتة "القنطارية" أقوم بتجفيفها في الظل وحفظها في أكياس أو علب بلاستيكية محكمة الإغلاق، لاستخدامها كلما دعت الحاجة إلى ذلك؛ فهي كالدواء لا تؤخذ إلا في حالات المرض والحاجة فقط، لتجنب أي آثار سلبية ناجمة عن كثرة استعمالها».

"مهران حسن"

وفي حديث مع الباحث البيئي "إياد السليم"، قال: «"القنطارية" أو "المريميرة" نبات عشبي ينتشر في "جبال الساحل السوري"، وقد يصل طول النبتة منها حتى المتر، أما أوراقها، فهي بلون أخضر ناصع يتحول مع الوقت إلى اللون الأبيض، وتنمو عليها الأوبار الناعمة. وهذه النبتة قد توجد بكثرة هنا وهناك وفي بقعة واحدة، غير أنها لا تزال غير شائعة وغير معروفة لدى الكثيرين، كما هو الحال مع نبات "الزعتر" البري المعروف والشبيه به إلى حدّ ما».

ومن المعروف على المستوى الشعبي تسمية "القنطارية" بـ"المريميرة" أو "المرمرية"، وذلك لأسباب قال عنها: «هذا النبات له طعم لاذع شبيه بطعم "الزعتر" إلى حدّ ما، لكنه أكثر مرارة، ومن هنا جاءت تسميته المحلية "المريميرة"، وأيضاً من هذا الطعم المرّ يفسّر سبب استعمالها الدارج كمضاد لمرض السكري لدى العامة».

"القنطارية"

ويذكر الباحث سبب شدة المرارة في طعم "القنطارية"، قائلاً: «تحمل أوراق هذا النبات مركبات ذات طعم مرّ قوي ومنفر تصنعه النبتة بهدف الدفاع عن نفسها في وجه الكائنات التي تأكلها، ولم تصنعه لتمتع به الكائن البشري كما تفعل بعض النباتات الأخرى التي نحب مذاقها كـ"النعناع" مثلاً».

وعن إمكانية زراعة نبات "القنطارية"، تقول المهندسة الزراعية "كوكب خضور": «إضافة إلى أن هذا النوع من النبات ينمو في جبالنا الساحلية، يمكن زراعته في الأرض، ولا سيما حول المنازل، وذلك من خلال بذوره بعد النمو الكامل، ويأتي موعد زراعتها في كانون الثاني وشباط وبمساحات استثمارية على مسافة أربعين سنتمتراً بين كل نبتة وأخرى، تسقى هذه النباتات كل أسبوع، ويمكن قطافها عدة مرات، ويتوقف هذا على نمو النبتة، كما يستطيع أي شخص تناولها بعد قطافها فوراً، أو تجفيفها في الظل للحفاظ على المادة الفعالة التي تحتويها، وذلك بإضافتها إلى مشروب "المتة"، أو غليها بالماء وشربها كأي نوع من الزهورات، مع الانتباه إلى تناولها فقط عند الحاجة، وبعض المختصين يقومون بإضافتها إلى أعشاب أخرى وبنسب محددة لمعالجة الأمراض، مثل السكري والكبد وأمراض الدم، أو لتقوية الجسم بوجه عام».

وهنا نعود إلى الباحث البيئي "إياد السليم"، الذي أشار إلى أن المركبات التي تحتويها "القنطارية" قد تضرّ بصحة الكبد والكلى؛ إذا استخدمت بكميات كبيرة ولأوقات طويلة، ويتابع: «في حين أن هذه الأعضاء تعمل على تخليص دم الإنسان من مركبات دخيلة على الجسم، في الواقع لم تجر أي دراسات وافية على التأثير السلبي لهذه المركبات النباتية بالإنسان، وأنا هنا لا أدعو إلى الابتعاد عن التداوي بالأعشاب، بل على العكس تماماً، لكن أدعو إلى التعامل معها بحذر؛ لأن الآثار لا تظهر في الجسم إلا بعد مدة من الاستخدام».