استفادت "عايدة محمد" من استخدام ابنها لمواقع التواصل الاجتماعي، وروّجت لـ"خبز التنور" والفطائر التي تصنعها في تنورها القديم بجانب نبع "عين حسان"، محققةً شهرة وسوق تصريف يلبي احتياجاتها.

الشاب "محمد خليل حسن"، وهو من منطقة "القدموس" زبون إلكتروني دائم لدى "عائدة محمد"، قال: «أعرف هذا "التنور" منذ عدة سنوات، وبالفعل نالت الجدّة "عايدة" ثقتنا كزبائن دائمين، من خلال تقديم أجود وألذّ إنتاج بأسعار مناسبة وأقلّ من بقية البائعين، كما أن فكرة الترويج عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي كانت مفيدة وموفرة للوقت بالنسبة لنا كزبائن؛ فبدل أن نقصدها ولا نجد طلبنا لنفاد الكمية؛ نتواصل معها لنحجز خبزنا وفطائرنا، حتى إننا نرى صورها مسبقاً، وهذه فكرة غير مسبوقة بالنسبة للعاملين بالتنور في المنطقة بكاملها».

يغطي الدخل الناتج من هذا العمل الجزء الأكبر من الاحتياجات الضرورية للحياة؛ كتأمين المواد الأولية اللازمة لصناعة الخبز، وتأمين بعض المؤن المنزلية، إضافة إلى تغطية ما يحتاج إليه أبنائي الأربعة من مصروف، وخاصة ابني طالب الهندسة الزراعية في جامعة "تشرين"

أدركت ربّة المنزل "عائدة محمد" أن التسويق والترويج أمر مهمّ لعملها ولو كان بطرائق مختلفة، بحسب قولها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 تشرين الثاني 2016، وتتابع: «على الرغم من وجود أكثر من تنور ومطعم وفرن للمعجنات بجوار تنوري؛ إلاّ أنني نجحت في كسب ثقة الزبائن من خلال معاملتي الحسنة اللطيفة وابتسامتي الدائمة، والأهمّ الصدق في التعامل، وتقديم أفضل إنتاج نظيف، وتركيزي على فكرة تقديم رغيف خبز مجانياً لكل زائر لموقع العمل، على مبدأ أن يصبح بيننا "خبز وملح"، ولاحقاً استثمرت مساحة بسيطة من الأرض حول المنزل وزرعتها بالنباتات العشبية الغذائية كالسلق، ليكون المنتج محلياً ومصدره موثوقاً بالنسبة للزبائن؛ وهذا أمر مهمّ بالنسبة لهم عبروا عنه مراراً أمامي».

الترويج الإلكتروني

الترويج الإلكتروني واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، كان استثمارها الناجح بفضل ابنها الشاب "أسامة مسعود"، حيث قال: «مع بداية الأزمة في بلادي وخاصة الاقتصادية؛ لاحظت أن دخلنا من عمل والدتي على التنور بدأ يتراجع؛ فكان لابد من العمل على إيجاد حلّ سريع ومجدٍ بذات الوقت لكوني فرداً من هذه الأسرة المعتمدة على العمل بهذه المهنة، والاستفادة من تقانة المعلومات وثورة الاتصالات، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي مثل: "الفيسبوك"، و"واتس أب"؛ لأنها وسيلة ترويج مهمة وسريعة، ومنخفضة التكاليف، ومنتشرة على نطاق واسع، حيث يمكنني تحقيق دخل مادي، وجذب عدد كبير من جميع محبي الأكلات التراثية.

وهنا بدأت البحث عن الصفحات المحلية التي تعنى بنشر الأصالة والتراث الريفي، وتمكنت من التواصل معها بإرسال صور التنور ومراحل تحضير الخبز والفطائر، حتى إنني صمّمت صفحة خاصة بأمي لتتواصل مع الزبائن مباشرة، وحققت الفكرة الهدف المراد منها، وذاع صيت العمل والتنور؛ وهذا انعكس على المردود الاقتصادي إيجاباً، وأصبح أغلب العابرين على الطريق يسألون "أين تنور عايدة؟"، والكثيرون منهم يتواصلون مسبقاً إلكترونياً عبر "الفيسبوك" أو رسائل "واتس أب" لتجهيز طلباتهم وفق مواعيد محددة ويتم التنسيق معهم؛ وهذا وفّر الكثير من الوقت والجهد، ونظّم العمل، وحدّد الكميات المطلوبة، حيث كانت والدتي تعاني أحياناً وجود فائض، وأحياناً أخرى نقص الإنتاج، والأهم أنها واكبت الفكرة ووظّفتها بطريقة جميلة ومفيدة وبزمن قياسي».

محمد حسن

إذاً، ربّة المنزل "عايدة سليم محمد" صاحبة التنور على الطريق الواصل بين منطقة "القدموس" ومدينة "مصياف"، وتحديداً ضمن منطقة سياحية معروفة بنبع "عين حسان"، واكبت التقانة وأدركت الأصالة الجاذبة لهذا العمل التراثي، وهنا قالت: «في البداية كان الاعتماد الرئيس على ما يجنيه زوجي من عمله في مجال الأعمال الحرّة، لكن منذ سنوات وبالتحديد مع بداية الأزمة أصبح من الصعب أن يجد عملاً، وهنا كان لا بد من التفكير بحلّ بديل لنكسب لقمة عيشنا، فبدأت الفكرة القديمة في ذهني تتبلور والاستفادة من موقع المنزل على طريق عام "القدموس- مصياف" وبالقرب من موقع "عين حسان"، الذي يعدّ استراحة للمسافرين المتنقلين بين الساحل والداخل، فحصلت على الترخيص اللازم لبدء العمل وبناء التنور، مسخرة المواد الأولية البسيطة المتوافرة حولنا في البيئة الزراعية الريفية المحيطة».

وتتابع: «يغطي الدخل الناتج من هذا العمل الجزء الأكبر من الاحتياجات الضرورية للحياة؛ كتأمين المواد الأولية اللازمة لصناعة الخبز، وتأمين بعض المؤن المنزلية، إضافة إلى تغطية ما يحتاج إليه أبنائي الأربعة من مصروف، وخاصة ابني طالب الهندسة الزراعية في جامعة "تشرين"».