زرع أهالي قرية "العليقة" الكثير من حقولهم المستصلحة بأشجار الجوز، كاستثمار لتلك الحيازات الزراعية الصغيرة، حتى أصبحت زراعة رديفة تؤمن مصدر دخل اعتمد عليه الكثيرون في حياتهم المعيشية.

أسباب كثيرة كانت أساس انتشار زراعة أشجار الجوز في قرية "العليقة"، أهمها براعة المزارعين في استثمار الحيازات الزراعية الصغيرة، حسب قول الجدّ "علي محمود"، وهنا أضاف: «تعدّ جغرافية قرية "العليقة" صعبة ووعرة؛ وهذا دفعنا إلى محاولة استثمارها زراعياً بما يتوافق والمناخ البارد في أغلب فصول السنة، نتيجة ارتفاعنا عن سطح البحر ما يزيد على 1000 متر، وأغلب تلك الحقول الزراعية صغيرة المساحة على الرغم من استصلاحها يدوياً وبمهارة أبناء القرية، ولكنها لم تصبح حقولاً خصبة قابلة للزراعة بمختلف الأصناف، فكانت أشجار الجوز التي تتوافق وطبيعة المناخ ومعدل الهطول المطري الذي يصل إلى نحو 1000 ميليمتر سنوياً، هي الحل الأمثل، فانتشرت زراعتها وأصبحت الزراعة الأساسية إلى جانب زراعة أشجار التفاح والكرز».

يبلغ طول عصا "المرواط" نحو ثمانية أمتار وتزيد، وتتميز بخفة وزنها؛ لأنها مقطوعة من أشجار "المران" أو "الشزريق" أو "السرك" أو "الريحان" أو "التقد"؛ وهذا يسهّل على العامل في قطاف الجوز أو ما يسمى "النابور" حملها خلال مراحل القطاف "النبر" الطويلة

لقد أصبح موسم الجوز ذا مردودية اقتصادية جيدة بالنسبة للأهالي، ويحتسب له الكثير، وهنا قال المدرّس المتقاعد "علي عبد الحليم حسن" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 تشرين الأول 2016: «لا توجد عائلة في القرية إلا ولديها أشجار الجوز في حقولها، وبمختلف الأصناف، حيث أصبحوا أصحاب خبرة ومعرفة بأفضل الأصناف المطلوبة والمرغوبة في السوق؛ وهذا أدى إلى توسع أسواق التصريف وزيادة الطلب على منتجنا دون غيرنا، وعلى سبيل المثال مُزارعنا يدرك عدد الثمار في الكيلوغرام الواحد بعد معرفة الصنف، وهذا يعدّ خبرة لها ثمنها في الأسواق الاقتصادية».

هيثم حسون

الدكتور "مضر حسن" من أهالي وسكان القرية، قال: «عرفت زراعة أشجار الجوز بأنها زراعة بعلية؛ أي إنها لا تحتاج إلى العناية الصعبة والدائمة، لذلك كانت بالنسبة لنا زراعة رديفة ومكملة لحياتنا الاقتصادية، حيث يقدر إنتاجنا منها بمئات الآلاف من الثمرات سنوياً، ومنهم من يقيس مصدر الغنى بعدد أشجار الجوز التي يملكها المزارع».

ويتابع: «تعدّ هذه الزراعة تراثية وقديمة جداً في قريتنا كزراعة التبغ، وعليه فإننا نملك أشجاراً معمّرة وبأطوال تزيد على الثلاثين متراً ارتفاعاً؛ وهذا ما أدى إلى إنتاج وفير؛ لأنه من المعروف أنه كلما زاد عمر شجرة الجوز كان إنتاجها أكثر، وبعض مزارعي الجوز في القرية يملكون الجرأة بتحديد سعر الكيلوغرام على مستوى المنطقة، وهذا العام وصل سعر الجوزة الواحدة إلى عشر ليرات».

أشجار الجوز في قرية العليقة

الشاب "هيثم حسون" من العاملين بحقول "العليقة"، قال: «في بداية شهر آب نبدأ قطاف ثمار الجوز عن الأشجار، وهنا نتسابق وحيوان السنجاب الذي يغزو القرية بفضل توافر هذه الثمار اللذيذة بالنسبة له، ومع هذا فإنه يحصل على حصته الوفيرة كل عام لتكفيه حتى انقضاء فصل الشتاء، وبالنسبة لمرحلة القطاف، نهيئ العصا الطويلة التي تسمى "المرواط"، وتستخدم لإسقاط ثمرة الجوز الصلبة البعيدة عن مركز جذع الشجرة التي يتم قطفها باليدين، وهنا يجب التنبيه إلى أن فروع أشجار الجوز الطويلة سهلة التكسر، لذلك يحذر الاقتراب من أطرافها خشية السقوط عنها».

ويضيف: «يبلغ طول عصا "المرواط" نحو ثمانية أمتار وتزيد، وتتميز بخفة وزنها؛ لأنها مقطوعة من أشجار "المران" أو "الشزريق" أو "السرك" أو "الريحان" أو "التقد"؛ وهذا يسهّل على العامل في قطاف الجوز أو ما يسمى "النابور" حملها خلال مراحل القطاف "النبر" الطويلة».

الجدة خوندة أحمد

الجدّة "خوندة أحمد" من أهالي قرية "العليقة"، قالت: «بعد مرحلة القطاف نضع ثمار الجوز في مكان مكشوف معرض لأشعة الشمس والهواء لتجف القشور الخضراء التي تغطي المادة الخشبية "اللب" فيسهل تقشيرها، ونسمي هذه المرحلة "المرج"، وهنا تقدر المدة بعشرة أيام، وبعدها تصبح الثمار جاهزة للكسر وإخراج محتواها أو الاحتفاظ بها، وذلك بحسب الطلب وحاجة السوق».

وتضيف: «الكثيرون من أهالي القرية يستنبتون شتول أشجار الجوز في حقولهم؛ فهم لا يعتمدون على الشجيرات الجاهزة المستقدمة من المشاتل الزراعية، وذلك بهدف الحصول على نوعية جيدة من الأشجار، حيث تزرع حبات الجوز اليابسة في مشاتل صغيرة تجهز قبل ذلك، ويتم الاعتناء بها مدة معينة لتنبت وتصبح جاهزة للغرس في مكانها النهائي بعد نحو ثلاث سنوات تقريباً».