مغارة عتيقة ذات بعد مجتمعي وروحي بالنسبة لأهالي القرى المحيطة بها، فهي المكان الذي احتضن الشيخ "إبراهيم السواح" وتحولت إلى بيت أقام فيه لسنوات، فارتبط اسمها به منذ أكثر من ثمانية قرون.

تقع المغارة في منطقة "الدريكيش" وتحديداً في قرية بيت الخدام، حيث يمكن الوصول إليها من طريق ترابي ينطلق من جسر القرية نحو الغرب، ولا بد لزائرها أن يقطع مجرى مائياً على شكل ساقية أو نهر صغير لكي يصل إليها، وتحيط بها غابة صغيرة من أشجار "الدلب، السنديان، البلوط، الصفصاف، الغار".

ترك الشيخ "السواح" قبل رحيله موسوعة من الكتب وزعت على شيوخ المنطقة آنذاك، إضافة إلى القصائد والتلاميذ الذين تعلموا عنده ونهلوا من علمه الواسع

المغارة التي كانت في يوم من الأيام بيتاً للشيخ "إبراهيم السواح" سميت منذ مئات السنين باسمه "مغارة السواح"، ويقول "علي إبراهيم" رئيس بلدية "حيلاتا" في حديثه لمدونة وطن "eSyria" في 5 كانون الثاني 2015: «في العام 1293 جاء الشيخ إلى منطقتنا وأقام في هذه المغارة بعد أن حولها لمكان قابل للسكن ووضع لها باباً مازال شكله واضحاً تماماً فقد نحت بالصخر، وجعل الشيخ من هذا المكان صرحاً علمياً يجتمع عنده طلبة العلم والمعرفة لتلقي العلوم الروحية والإنسانية، ويتبادلون الشعر والأدب معه؛ فقد عرف عنه كتابة الشعر».

المغارة من الداخل كالسرداب

بات الشيخ في المغارة قرابة 12 عاماً وغادرها عام 1306؛ بحسب "إبراهيم" الذي يضيف: «ترك الشيخ "السواح" قبل رحيله موسوعة من الكتب وزعت على شيوخ المنطقة آنذاك، إضافة إلى القصائد والتلاميذ الذين تعلموا عنده ونهلوا من علمه الواسع».

وعن سبب تسميته بالسواح قال "إبراهيم": «بحسب الروايات فقد جاء إلى المنطقة في إطار رحلة شملت عدة مناطق وقد غادرها إلى "حماة"، وعلى ما يبدو أنه كان أشبه بالسائح الذي يجول حاملاً علمه معه، وهو ما دفع الأهالي لمنحه لقب السواح، فهو وعلى الرغم من أنه من مواليد "سورية"، إلا أن نسبه -كما تشير الروايات الشعبية وحتى الكتب والقصائد- يعود للأمير الحسن بن مكزون السنجاري؛ أي إنه ينحدر من "العراق"».

استكشاف المغارة

المغارة وبحسب "لين سليمان"؛ وهي من فريق "هوانا" المهتم بالاستكشاف، يزيد طولها على 80 متراً فيما يتراوح عرضها بين 70سم إلى مترين، وبعد 50 متراً من دخول الزائر إليها يجد نافذة صغيرة يقال لها "الطاقة" وبجانبها نبع ماء غزير يسمى نبع "صالح"، وهو نبع مستثمر؛ حيث قام سكان القرية بتأمين مخرج مائي له من المغارة ليروي كل أراضي قرية "القليعة" المجاورة.

وتضيف "سليمان": «المغارة قديمة جداً سكنها الإنسان البدائي والدليل هو حفرها من الداخل بأساليب بدائية لا تزال واضحة، كما أن مدخلها عبارة عن تشكيلات كلسية ويستطيع أربعة إلى خمسة أشخاص أن يدخلوها مع بعضهم بعضاً».

موقع المغارة على خارطة غوغل

الشيخ "السواح" احتل مكانة رفيعة في قلوب أهل المنطقة الذين خلدوه من خلال نصب تذكاري أو ضريح الغاية منه تخليد ذكراه؛ حيث اعتبروه بمنزلة تشريفة له علماً أنه توفي بعد مغادرة المنطقة ولم يدفن فيها.

المغارة ما لبثت أن تحولت إلى مقصد للسواح من مختلف المناطق والمحافظات السورية، ويقول السيد "نضال حسن" وهو من الناشطين في مجال الرحلات والمسر: «موقعها جميل، وهي تشير بطريقة أو بأخرى لعراقة الإنسان ومتعة الطبيعة في آن معاً، فهي بالتأكيد تشكلت بفعل الطبيعة، لكن وجود الشيخ فيها ساهم في إضفاء لمسة بشرية عليها.

كما أن محيطها غني بالمناظر الطبيعية الجميلة خصوصاً الشلال الواقع أمامها؛ الذي يزيد ارتفاعه على خمسة أمتار وهو غزير جداً في الشتاء».

يذكر أن الشيخ "السواح" قبل أن يسكن في المغارة كان قد تنقل في أكثر من منطقة وانتقل من مغارته إلى محافظة "حماة" للإقامة هناك، ونظراً لكثرة ترحاله سمي بالشيخ "إبراهيم السواح".