"الطفلة الصغيرة التي ارتدت ثوباً جميلاً وأرادت أن يراه العالم كله" هكذا وصفت الشاعرة "ليندا ابراهيم" حالها لحظة ولادة قصيدة شعرية جديدة حيث كان للشعر الذي لم تمتهنه بل هوته نصيب كبير من حياتها منذ الطفولة.

وتوضح الشاعرة خلال لقائنا إياها عشقها للشعر الذي رافقها منذ نعومة أظفارها حيث تقول: «عشت طفولتي في مناخ محب للأدب حيث كان جدي رحمه الله يحفظ جميع أشعار الشعراء القدامى ومعاصري جيله وكان يحتفظ بذاكرة عجيبة حتى إنه لحظة وفاته عن عمره ثمانية وثمانين عاماً قرأ قصيدة من مئة بيت على مسمع أهالي القرية».

أراها حالة إبداعية تنطلق من تفاعل ذاتي بين بنيتها وبيئتها ولكنها تفتقد إلى حالة التمرد القطعي على الواقع الذي يقيد الفكر والعقل معاً

وتضيف: «تعودت أذني على الوزن الشعري ونميت هذه الموهبة من خلال اطلاعي على الأشعار في كتب إخوتي ومازلت أذكر حتى الآن عنوان كل قصيدة قرأتها واسم الشاعر الذي ألفها، وقد ميزت الأوزان الشعرية منذ الصف السابع عن طريق السمع وبدأت أعرف اسم البحر من أول كلمة في البيت الشعري وفي صفي العاشر أكملت تعلم البحور الستة عشر وكانت الكتابة العروضية بالنسبة لي أمراً سهلا وممتعاً وكنت أحفظ القصائد التي تطلب منا بكاملها وليس فقط مجرد أربعة أبيات للاستفادة منها في الامتحان».

من مشاركتها في احدى المهرجانات بالسويداء

وترى أن كتابة الشعر مرتبطة بشعور الإنسان فالمشاعر الإنسانية كثيرة ومتنوعة ومتناقضة أحياناً الفرح والرفض والانزعاج والمواجهة والارتياح والعشق والشاعر يكتب من مختلف المشاعر التي يحس بها أما لحظة الكتابة بالنسبة لها حسب قولها: «هي"الهام" يلح على روحي ويحوم في فكري لأمسكه فأحيانا في السيارة أو في لحظة صفاء وأسارع لتسجيله لأنه يغيب عن ذهني نهائيا إذا لم أسجله في اللحظة ذاتها».

وعن مراحل تدرجها بالكتابة تقول: «بدأت مباشرة بكتابة شعر التفعيلة وقصيدة العمود وخواطر أو قصائد نثرية وقد نظمت لأول مرة في رثاء جدي خمسة أبيات كان عمري حينها سبعة عشر عاما وأطلعت عليها أخي الكبير فقط الذي شجعني، وفي أيام الجامعة كنت أنظم الشعر العمودي ولم يتجاوز عدد أبيات قصيدتي العشرة أو خمسة عشر بيتاً الا بشق الأنفس لكن قراءتي المستمرة لمصادر مختلفة ساعدتني في الإبداع حيث تمكنت فجأة من انجاز أول قصيدة مؤلفة من اثنين وعشرين بيتاً في وقت لا يتجاوز اثنين وعشرين دقيقة ونشرت في العدد الثاني من مجلة "نورس الهندسي" في "طرطوس"».

امام مكتبتها

مشاركاتها الأدبية كثيرة ومتنوعة توضحها بالقول: «شجعني اتحاد الكتاب العرب "بطرطوس" حيث أدرج اسمي في العام "2002" للمشاركة لأول مرة بأمسية في مهرجان "الأدباء الشباب" ثم بدأت أتدرج بالمشاركة في المهرجانات والأمسيات الشعرية وأبرزها مشاركتي لمدة خمس سنوات في مهرجان المجاهد الشيخ "صالح العلي" الذي أعطاني دفعاً قوياً لكوني بنت المنطقة وحفيدة رفيق من رفاق المجاهد الذين شاركوه أيام النضال ضد الاحتلال إضافة إلى مشاركتي العام "2010" في مهرجان الشعر في "حماة" الذي ضم أربعة وستين شاعرا من مختلف المحافظات السورية».

وتضيف: «لمهرجان الشيخ "صالح العلي" فضل كبير في انطلاقتي حيث بدأنا بتشكيل وفود ثقافية من المركز الثقافي في "الشيخ بدر" إلى محافظات أخرى مثل "السويداء" و"ادلب" والغاية منها التوجه إلى مسقط رأس الثوار الذين ساندوا المجاهد الشيخ في ثورته على المحتل مثل "سلطان باشا الأطرش" قائد الثورة السورية الكبرى و"ابراهيم هنانو" حيث انطلقنا كوفد يحمل اسم المجاهد الشيخ "صالح العلي" إلى المحافظتين وأقمنا فعاليات ثقافية وأدبية وندوات تعريفية بالمجاهدين وانجازاتهم وتضحياتهم».

من مشاركاتها

وعن فائدة اطلاعها وقراءتها لتجارب شعرية تقول: «أعطاني الاطلاع على تجارب الآخرين المبدعين سواء في "سورية" أو خارجها مثل تجربة "محمد عمران" و"جوزيف حرب" و"محمد الماغوط" و"أدونيس" الدافع والوعي لتشكيل إبداع خاص بي يذكر به اسمي كما هؤلاء المبدعون وغيرهم من الشعراء السوريين المتميزين».

شغفها بالأدب لم يدفعها لاختياره مهنة بل أرادته هواية فقط وتوضح ذلك: «نجحت في الثانوية العامة وكنت من المتفوقين ودخلت قسم الهندسة الكهربائية على الرغم من شغفي الشديد بالأدب الذي أردت أن أمارسه كهواية حيث شعرت بأن الناحية العلمية تعطيني أكثر من دخولي مجالات الأدب فالهندسة أعطتني دقة المعنى ووضوح الرؤيا ومكنتني من إيصال ما أريده بأقل عبارات ممكنة وبأكثف لغة».

ويرى الشاعر "محمد حمدان" أن الشاعرة "ليندا" ذات إحساس مرهف تمتلك مفردات تعبيرية راقية توصل المستمع أو القارئ إلى الغاية المنشودة والفكرة المطلوبة فتنعكس أحاسيسها الداخلية على تعابيرها ومفرداتها بحيث يشعر القارئ بأنه يعيش هموم تلك الشخصية وأحاسيسها العاطفية والوجدانية والإنسانية معاً.

ويضيف: «أراها حالة إبداعية تنطلق من تفاعل ذاتي بين بنيتها وبيئتها ولكنها تفتقد إلى حالة التمرد القطعي على الواقع الذي يقيد الفكر والعقل معاً».

يشار إلى أن الشاعرة من أهالي قرية "بريصين" التابعة لمدينة "الشيخ بدر" وهي خريجة هندسة كهربائية وتستعد حالياً لإصدار مجموعتها الشعرية الأولى وتجتهد لأن تكون جميع قصائدها بمستوى واحد ومتميز.