بدأت زراعة الأفوكادو بالانتشار في سورية وازدادت أهميتها التجارية في أواخر القرن الماضي، بازدياد الطلب على الغراس والثمار، وهذا دليل على ازدياد المعرفة عن فوائد هذه الفاكهة وعن طرق تحضيرها.

للتعرف على هذه الفاكهة المميزة بقيمتها الغذائية، eSyria زار منطقة "الخراب" الساحلية بتاريخ 17/1/2009، والتقى أحد مزارعي هذه الفاكهة - "يوسف بشارة"، الذي تحدث عن تجربته الطويلة في زراعتها قائلاً: «سمعت عن هذه الفاكهة من برنامجٍ إذاعي، فعرفت خصائصها وفوائدها قبل حوالي 18 عاماً، لهذا فتشت عن غراسها، حيث حصلت عليها بعد ذلك من شركة "غدق"، وأحضرت حوالي 70 غرسة، وكنت أنوي زيادة عددها بعد معرفة النتيجة، لكن بعد فترة ظهرت البيوت البلاستيكية، مع أنني أفضل شجرة الأفوكادو الآن».

تحتاج أشجار الأفوكادو إلى التسميد طبيعي مرة واحدة فقط كلّ عام، إضافة إلى سماد كيماوي أيضاً مرة واحدة في السنة

وعن أنواعه والإصابات المعرضة لها أضاف: «شجر الأفوكادو له أنواع متعددة، تعرف لدينا بالمبكرة والمتأخرة، ويمكن أن يكون لها أسماء علميّة أخرى، حيث يتميز شجر الأفوكادو بأنه ليس معرّضاً للإصابات مثل أشجار أخرى كالحمضيات،

يوسف بشارة

فهو يحتاج إلى الرش بالمبيدات مرة واحدة سنوياً وذلك للوقاية من ذبابة الزيتون، كما تتوفر الآن المصائد التي تحول دون إصابة الأشجار بالذبابة، وعندما يتم قطف ثماره خضراء لا تكون معرضة لأية إصابة، فتأثير هذه الذبابة يقتصر عندما تبقى الثمار لتنضج أكثر على الأشجار، لذلك الأفضل أن يتم تنضيج الثمار بالتخمير لأن النتيجة تكون واحدة، ويمكن حفظها في البراد لشهرين أو ثلاثة».

وأضاف: «تحتاج أشجار الأفوكادو إلى التسميد طبيعي مرة واحدة فقط كلّ عام، إضافة إلى سماد كيماوي أيضاً مرة واحدة في السنة».

المهندس وليم قنيزح

أما عن سقايته قال: «تكون بحسب نوع التربة فالتربة التي تحفظ الماء تحتاج إلى سقاية مرة واحدة أسبوعياً، أما الرملية أو البازلتية فكل أربعة أيام أو مرتين أسبوعياً، فالسقاية تقوي الأزهار، وبالنسبة لعقد أزهارها فتكفي نسبة قليلة جداً مثل 2% لتكون الإنتاجية جيدةً جداً، لأن الأغصان لا تستطيع تحمل الكثير من الوزن أيضاً، ومن المفضّل لأشجاره تقليم الفروع التي ترتفع كثيراً لتنمو الفروع الأخرى بشكلٍ أفضل».

وعن محصول الأفوكادو قال: «تحتاج الشجرة لتبدأ بالإنتاج بعد زرعها كبذرة حوالي خمس سنوات، أما إذا زرعت كغراس فمعدل بدء إنتاجها يكون بعد حوالي ثلاث سنوات، والنوع يرجع إلى المزارع باختيار المبكر أو المتأخر».

غراس أفوكادو في مشتل الثورة الزراعي

والجدير بالذكر حسب ما قال السيد "بشارة": «أن شجر الأفوكادو هو من أصل برّي وثمارها ليست بالمواصفات التي نحصل عليها بعد التطعيم أو التي يريدها المزارع، فحجم الثمرة يكون صغيراً مثلاً، وأغلب الأشجار عندنا مطعّمة فقد تمت زراعتها كبذور».

«ويمكن الاستفادة من محصول الأفوكادو باعتبار خدمته لا تحتاج إلى وقتٍ كثيرٍ من المزارع، وتصبح أشجاره ضخمة وإنتاجها أكبر من الحمضيات بكثير، وتكبر مثل أشجار الجمّيز وعلمياً إذا كانت في غابة مثلاً ترتفع حتى 30 متراً، وهذا ما يفسّر إنتاجها المميز».

ليس أمراً سهلاً على مزارعٍ عادي معرفة مدى نضج مثل هذه الفاكهة الكبيرة الحجم، لكن للتجربة دورها في ذلك، وعن هذا أخبرنا "بشارة" قائلاً: «بعض أنواعها تصبح ذات لونٍ داكن أو أسود في أسفلها عندما تنضج، وهناك دلالة أخرى على نضجها وذلك عن طريق رجّ الثمرة فيمكن الشعور بحركة مكوناتها من الداخل، تأخذ البذرة حيزاً كبيراً في بعض أنواعها،

ويمكن بعد قطافها تركها لمدة يومين فتصبح ناضجة كما يمكننا زيادة هذه المدة عند الرغبة في تناولها مع الخبز وأي نوع آخر من المربّيات، وهناك أنواع يتم استخدامها لسلطات الفواكه وذلك بتقطيعها مع فواكه أخرى، كما يمكن إضافة الحامض والثوم إليها فيجدها العديدين متميزة كما هي كذلك مع السكر أو العسل».

وعنها كغذاء قال: «يمكن تناولها صباحاً كفطور يكون كافياً حتى من دون أصنافٍ أخرى، وخاصة للكوكتيل مع الحليب أو أي عصيرٍ آخر، أو مع الخبز، وبالنسبة للأطفال فهي غذاءٌ ممتاز، وتستعمل أيضاً الثمرة وبذرتها لأدوات التجميل».

وردا على سؤالنا حول معدل الانتاج قال: «حالياً كمعدل وسطي تعطي بعض الأشجار الكبيرة حوالي 500 كغ سنوياً وهي بعمر 18 عاماً، ومن ناحية أخرى يأتي إنتاجها في فترة لا يوجد عند المزارع ما يعتمد عليه كمحصول، ولكن على المستوى العام فإنتاجنا المحلي ما يزال قليلاً من أجل التصدير، يذهب قسمٌ منه إلى محافظة "حلب"،

فهي فاكهة معروفة هناك وسعره أيضاً أفضل بالنسبة للمزارع، كما أن هناك كمياتٌ تذهب إلى الأردن عن طريق سورية ولكن على الأغلب ليس من إنتاجنا المحلي في مثل هذه المناطق قد نجد شجرة أو شجرتين في بساتين متفرقة، فالمزارع هنا يفكر في محصولٍ له مردود مباشر مثل البيوت البلاستيكية».

وأضاف: «بالمقارنة مع السوق اللبناني فإنتاجه أكبر هناك وأسعاره أكثر ارتفاعاً، فعلى سبيل المثال أسعاره في أسواقنا هي ما بين 125-150 ناضجاً عند تاجر المفرق بينما يبيعه المزارع بحوالي 50-75، وتكون أسعار الأنواع المتأخرة أفضل عموماً لعدم توافرها بكثرة في السوق.

وتدريجياً يزداد الطلب على هذه الفاكهة حيث إنه قبل أربع سنواتٍ مثلاً كان الصندوق يبقى عند البائع حوالي أربعة أيام لبيعه أما الآن فيباع خلال يومٍ واحد».

eSyria التقى أيضاً المهندس "وليم قنيزح" مهندس زراعي الذي حدثنا عن ميزات هذه الفاكهة قائلاً: «يتميز الأفوكادو، بارتفاع نسبة الدهون فيه، إلا أن معظمها من الدهون غير المشبعة المفيدة، والخالية من الكولسترول، وهي فاكهة غنية بالألياف الغذائية، إضافةً إلى العديد من الفيتامينات والأملاح المعدنية الهامة».

«يتم تنضيج الثمرة بعد قطفها عن الشجرة (وتخميرها) وأكثر الطرق المنزلية لتخميرها تغليف الثمرة بواسطة ورق نظيف وجاف وتترك لعدة أيام حتى تصبح طرية، وتختلف فترة التخمير من ثمرة إلى أخرى حسب حرارة المكان والصنف».

وعن أهم فوائد تناول الأفوكادو قال: «التخفيف من التوتر، وتخفيف أعراض الشيخوخة المبكرة لاحتوائه على مضادات الأكسدة بوفرة، كما يستخدم كعلاج خارجي مضاد للجراثيم والفطريات».

«أما زيت الأفوكادو المستخرج من الثمرة، فهو غني بالفيتامينات مما يجعله مغذياً جيداً للبشرة، ولهذا تدخل مكوناتها بما فيها البذرة في صناعة مواد التجميل».

وعن بداية ظهور الأفوكادو وكمياته في قطرنا أضاف: «هذه الفاكهة موجودة في سورية منذ حوالي عام 1916 حيث أدخلها أحد مزارعي منطقة "صافيتا" من دولة "تشيلي"، وأشجاره كبيرة يبلغ ارتفاعها حوالي عشرين متراً، الثمرة ذات أشكال مختلفة، وإن كان أكثرها انتشاراً الشكل الإجاصي، ويختلف الحجم والشكل حسب السلالات والأصناف.

يقدر عدد أشجار الأفوكادو في سورية بـ 8900 شجرة تزرع في مناطق زراعة الحمضيات نفسها منها 6200 شجرة مثمرة أما في محافظة "طرطوس" فعدد الأشجار الكلي 3200 شجرة منها 2000 شجرة مثمرة، وإنتاج محافظة "طرطوس" هو حوالي 104220 كغ». ‏

ازدياد الطلب على فاكهة الأفوكادو يتزايد بشكلٍ تدريجي، مما يجعل منها صنفاً تجارياً هاماً، ومما يساهم في ذلك، إضافةً إلى قيمتها الغذائية كغذاءٍ شبه كامل، فترة تخزينها الطويلة التي تجعلها متوفرة على مدار العام.