اجتماع العوامل الطبيعية والتاريخية والجغرافية جعلت منها موقعاً سياحياً مهماً، ومقصداً لمحبي الجلسات الهادئة والإطلالات المتميزة على البحر من جهة، والجبال من جهة أخرى.

مدونة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 6 حزيران 2018 مزرعة "الدريكية"، والتقت النحات "عيسى سلامة" ليحدثنا عنها من حيث الموقع والحدود، حيث قال: «على هذه الأرض قامت العديد من الحضارات، ويدل على ذلك وجود البيوت القديمة والمدافن الحجرية المنحوتة في الصخر وبعض المعاصر القديمة. أما تاريخ المزرعة، فيعود إلى مئات السنين، وفيها عائلة واحدة فقط، هي عائلة "سلامة"، حيث يبلغ عدد سكانها نحو خمسمئة نسمة. والمزرعة تابعة إلى قرية تجاورها هي قرية "فارش كعبية"، التي هي بدورها تتبع إدارياً إلى مدينة "بانياس"، كما تحيط فيها مجموعة من القرى، أذكر منها قرية "كعبية فارش" من جهة الشمال، ومن جهة الغرب قريتي "فارش كعبية" و"بارمايا"، ومن جهة الجنوب قريتي "التون المرقب"، و"العنينيزة"، أما من جهة الشرق، فتحدها كل من قريتي "اسقبله" و"البلوطية"».

تتميز بإطلالة كبيرة واسعة وممتدة، فتشرف على كل من مدينتي "جبلة" و"بانياس"، وإطلالة رائعة للبحر وقلعة "المرقب" المعروفة من جهة، والجبال والوديان والقرى المجاورة من جهة أخرى. وتشتهر "الدريكية" أيضاً بغابة طبيعية من أشجار السنديان المعمرة والضخمة، وغابة اصطناعية من أشجار الصنوبر، وجرف صخري كبير وممتد يشرف على ممر جبلي يربط بين الساحل والداخل

ويكمل: «اعتمد السكان في معيشتهم على الزراعة بوجه أساسي، ومن أهم المحاصيل الزراعية التي ينتجونها محصول التبغ والقمح والشعير والزيتون والتين والكرمة والرمان، وأنواع من المحصولات الحقلية التي تزرع حول المنازل، كما يعتمدون على تربية بعض أنواع الدواجن والماعز والأبقار للاستفادة مما تقدمه من منتجات، كالبيض، والحليب ومشتقاته. ولطالما اشتهر السكان هنا بكرمهم اللا محدود وطيبتهم، وعلى مر السنين لا تزال المزرعة محافظةً على كل مظاهر الريف البسيط، لكن ينقصها بعض الخدمات كالمدارس».

جانب من طبيعة المزرعة

وعن أكثر ما يميز المزرعة طبيعياً، قال: «تتميز بإطلالة كبيرة واسعة وممتدة، فتشرف على كل من مدينتي "جبلة" و"بانياس"، وإطلالة رائعة للبحر وقلعة "المرقب" المعروفة من جهة، والجبال والوديان والقرى المجاورة من جهة أخرى. وتشتهر "الدريكية" أيضاً بغابة طبيعية من أشجار السنديان المعمرة والضخمة، وغابة اصطناعية من أشجار الصنوبر، وجرف صخري كبير وممتد يشرف على ممر جبلي يربط بين الساحل والداخل».

موقع المزرعة وإشراف الجرف الصخري على الممر الجبلي، أكسب المنطقة أهمية تاريخية واستراتيجية، وفي هذا الخصوص يقول: «الموقع المطل على السهل الساحلي الممتد من مدينة "جبلة" حتى مدينة "بانياس"، والحاكم لطريق الإمداد الجبلي بين كل من "بانياس" و"حماة"، أيضاً الجرف الصخري المشرف على هذا الممر دفع الشيخ "صالح العلي" إلى تحويلها لقلعة طبيعية محصنة أوقفت تقدم الحملات الفرنسية، ومنعها من التوغل إلى معاقل ثورته في منطقة "القدموس" وريفها، وقطعت طريق إمداد قوات الاستعمار الفرنسي الموجودة في الساحل وقلعة "مصياف"، ولم يستطع الفرنسيون السيطرة عليها إلا بعد تدخل سفن الأسطول التابع لهم في البحر، الذي قام بتوجيه المدافع وقصفها، وقد خاض الأهالي ورجال الشيخ "صالح" حينئذٍ أعنف معارك العز والشرف».

النحات عيسى سلامه

وعن التميز الجغرافي يقول المهتم بالبحوث الجغرافية والمدرّس "سامي حسن": «هذا الموقع المشرف على السهل الساحلي والارتفاع الذي يبلغ أربعمئة وخمسين متراً عن سطح البحر، جعلها تتميز بغزارة الأمطار ودفء مناخها أيضاً؛ وهو ما كوّن ظروفاً ملائمة لنمو غطاء نباتي طبيعي وغابات السنديان والبلوط، التي يبلغ عمر الأشجار فيها مئات السنين.

وتتميز المزرعة أيضاً بالصخور الكلسية المتنوعة الأشكال، وجرفها الذي يشبه القلعة، لكن من صنع الطبيعة، وهذه جميعها عوامل أعطتها كل مقومات السياحة الطبيعية».

صورة "الدريكية" على الخريطة

وعن معنى التسمية يقول "بسام وطفة" رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار "طرطوس": «"الدريكية" وهي الدريكة؛ أي الطريدة، وجمعها درائك، والدركة هي المنزلة السفلى من الدرجة، ويقال الجنة درجات، والنار دركات، فيكون معنى التسمية المنطقة المنخفضة، أيضاً "الدريكية" كلمة سريانية، ودرك تأتي بمعنى مشى أو تجاوز الشيء. أما الياء في الكلمة، فهي للنسبة، والتاء لاحقة للتأنيث أو الجمع، وهنا يكون المعنى المشاة الذين يقومون برياضة المشي، أو الماشين إلى غاياتهم، ومجازاً إذا كانت التاء للتأنيث، يكون المعنى الرياضية البطلة أو المنتصرة في السباق».