بقلمه خطّ حبه للوطن، وبقصائده تَطرّق إلى مواضيع إنسانية واجتماعية عدة؛ فمن قريته الجبلية يصدح الشاعر "صابر إبراهيم" بأشعار وأغانٍ مفعمة بالحب، ويشارك بسجالات عدة، فحصد الكثير من الجوائز وشهادات التكريم.

«الشعر سيد فنون القول؛ باب يطرق ولا يفتح إلا لمن ملك الحس والذائقة والعلم؛ مكانته بين باقي الفنون الأدبية مكانة الرائد المتقدم، يبدأ من قوة الصياغة، وينتهي بالأثر لدى المتلقي». هذا ما بدأ به الشاعر "صابر إبراهيم" حديثه لمدونة وطن "eSyria"، التي التقته بتاريخ 27 نيسان 2018، وعن بدايته بنظم الشعر يقول: «ربما لم تكن بداياتي بالشعر مبكرة؛ ففي المرحلة الإعدادية بدأت أنظم بضعة أبيات على إيقاع الموسيقا السمعية، ثم بعد اطلاعي على البحور الشعرية في المرحلة الثانوية، بدأت محاولات شعرية منوعة، لكنها ظلت مجرد محاولات لم ترقَ لتكون قصيدة، ولم أدوّنها أو أحتفظ بها. كل ذلك كان ضمن وسط عائلي أحاطني بالحب والاهتمام على الرغم من ظروف الفقر المحبطة للأحلام، لكنهم كانوا السند الأول ضمن بيئة اجتماعية وثقافية كوّنت الركيزة الأساسية في انطلاقتي.

الشعر سيد فنون القول؛ باب يطرق ولا يفتح إلا لمن ملك الحس والذائقة والعلم؛ مكانته بين باقي الفنون الأدبية مكانة الرائد المتقدم، يبدأ من قوة الصياغة، وينتهي بالأثر لدى المتلقي

وبعد المرحلة الثانوية، اخترت دراسة الحقوق؛ وهي أبعد ما يكون عن كتابة الشعر، هنا ابتعدت قليلاً عن كتابته، لكنه ظل هوايتي المفضلة؛ تظهر عند أي مناسبة أو حالة معينة أمرّ بها. وبعد انقطاع لأكثر من عشر سنوات عاودت الكتابة، وخاصة بعد الحرب الظالمة على "سورية"، فكانت القصيدة أداتي الوحيدة للتعبير عما يجري من دمار وقتل، وكان للوطن والشهيد الحصة الأكبر من قصائدي».

ديوانه "صوت الحنين"

وعن الأنماط والمدارس الشعرية التي ينتمي إليها، والمواضيع التي يعالجها، يتابع القول: «كنت كباقي الشعراء، ففي البداية كان هناك تخبط بالفكرة، والأسلوب حتى نضج الموهبة والرؤية، وأغلب الأحيان أرى نفسي بين رياض الشعر العمودي، مع أنني أجيد كتابة القصة والزجل، كما أكتب القصائد المغناة، ولي مجموعة تنتظر اللحن والصوت الجميل، ومعظمها تدعو إلى الحب، حيث تناولت بها مواضيع اجتماعية، وغزلية، ووطنية، ووجدانية، إضافة إلى التغزل بالمرأة والوطن؛ فهما الحضن الدافئ وملجأ الأمان. ولي مجموعة شعرية بعنوان: "صوت الحنين"، صادرة عن دار "الغانم" للثقافة في "صافيتا"، معظمها تتغنى بحب المرأة والوطن، إضافة إلى عدد من القصائد التي تتكلم عن جمال الطبيعة وبعض المواضيع الإنسانية والاجتماعية».

وهنا نقتبس بعض ما جاء في قصيدة "عطر الغزل":

فوزه بلقب فارس السجال

"أحبيبتي لا تحزني إن كنت أقللت الغزل

عيناك خضرة موطني وبوجهك البدر اكتمل

من عزفه على آلة العود

أنت التي ألبستني يوم اللقا ثوب الأمل

لما فؤادك ضمني واخترت حراسي المقل

حلو الرحيق يشدني ويلذ لي شهد العسل"

وأخرى عن الوطن بعنوان: "البركان"، يقول فيها:

"من كل صوب طغاة الأرض قد جمعوا... من كـافر مجرم أو حـاقد حـقدا

هذي الوحوش التي اجتاحتك يا بلدي... ظنت ستنهل عذب الماء من بردى

خـالت دمـشـق عرين العرب خـاوية... أو قد تخـاف بما أحصوا لها عــددا

هذي الشــآم وكل الكـون يـعرفــها... فيها الوفـــاء وفيها الخــير قـد وجـدا

عاشــت بها سنوات الأمن حـالـمة... طــول البقاء وبعض الحــلم قـد وئـدا

لا تسـألوا موعداً فالشمس مشـرقة... والنــصر آت يـراه المؤمنــون غــدا"

وعن رأيه بالنقد ومواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للتعريف بقصائده، يتابع: «القصيدة مرآة الشاعر وبيت مكنونه، أما النقد، فهو النور المنسكب ليضيء الدرب ويصفي الشوائب؛ فكلنا خطاؤون على الرغم من ظنّنا بصوابية رؤانا، وأنا أتعامل به مع المواقف التي تتطلب ذلك. ومع حداثة عهدي بالتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، وملاحظاتي الكثيرة عليها، إلا أنني وجدتها طريقا مختصراً يحملنا إلى قلوب الكثيرين، وينقل إلينا رؤاهم، فنختصر بذلك المسافة والزمن، خاصة في ظل الحرب الدائرة وصعوبة اللقاء».

عنه يحدثنا الكاتب والباحث الاجتماعي "إسماعيل ديب"، قائلاً: «يمتلك "صابر إبراهيم" ناصية الشعر بما لديه من حس وجداني، وشعور جمالي، إضافة إلى مخزون لغوي وموهبة شعرية مميزة؛ فهو يتكئ على حسه الشاعري وايحاء الصورة ودلالة الرمز. تنوعت مواضيعه، وتعددت أدواته الفنية في نتاجه، نذر نفسه وإمكانياته للتغني بحب الوطن في غمرة الحرب الظالمة؛ وهو من شعراء القصيدة العمودية المرتبطة بالإيقاع الذي يحقق اللحن بالكلمة والقصيدة، ولا سيما أنه مبدع في العزف، وهنا يحقق سمفونية الخلق الفني والإبداعي في عالم الشعر والموسيقا. كما تميز بمجال السجال؛ دائم البحث من خلال قصائده عن حب الوطن، والمرأة، والسلام».

يذكر أن الشاعر "صابر إبراهيم" من مواليد قرية "جرينات" إحدى قرى منطقة "صافيتا" عام 1966، حائز على شهادة في الحقوق، إضافة إلى عمله كمدرّس، وإلى جانب نظمه للشعر يجيد الموسيقا والعزف على آلة "العود"، إضافة إلى موهبة الغناء. مشارك دائم في الملتقيات الأدبية والشعرية؛ حائز على عدد من الجوائز في السجالات الشعرية، والملتقيات الأدبية، ويحضّر اليوم لطبع مجموعته الشعرية الثانية.