تمكّنت القاصة "محاسن حسن" من تحويل قصصها المكتوبة إلى نصوص مسرحية تخاطب بها الأطفال بغية تحقيق أهداف تنموية وتحفيزية، حيث جسّد الأطفال أدوارها ببساطة انعكاساً لطريقة سردها السهلة وألفاظها القريبة منهم.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 2 نيسان 2018، القاصة "محاسن حسن" لتحدثنا عن البدايات مع الكتابة بوجه عام، ودور البيئة الاجتماعية فيها، فقالت: «لا علاقة للبداية بتكوين الكاتب، لأن الكتابة مع الإنسان مولودة، لكن هل هناك رغبة أو دافع شخصي؟ هنا السؤال الصحيح الذي يستمد منه الجواب، فالأسرة يمكن أن تدفع الكاتب إلى مواقع قد لا يريدها، ومن خلال تجربتي، لو استمعت إلى أسرتي، لكنت درست فروعاً مختلفة عن اللغة العربية؛ لأن دراستي للفرع العلمي رغبتهم التي حققتها.

لدي قصة للطفل بعنوان: "عرس الريف"، وقصة أخرى بعنوان: "رحلة إلى المشتل الزراعي"، وقصة ستصدر قريباً للكبار بعنوان: "امرأة غير مهمة"

ففي البداية يمكن أن تدمر الظروف الكاتب ليصبح كفاقد البصر، فلا يكتب أي حرف، وهنا تخلق حالة التمرد، ويجب أن يقول لها الكاتب "لا"».

من أعمالها

وعن العناوين القصصية الصادرة لها، قالت: «لدي قصة للطفل بعنوان: "عرس الريف"، وقصة أخرى بعنوان: "رحلة إلى المشتل الزراعي"، وقصة ستصدر قريباً للكبار بعنوان: "امرأة غير مهمة"».

وبما أن التعامل مع الأطفال له حساسية خاصة، ويحتاج إلى ألفاظ مدروسة، حرصاً على الانعكاسات بمختلف أنواعها، فقد كان لها رؤى خاصة بها، قالت عنها: «خلال عملية الكتابة للأطفال أحاول النظر إلى الأعلى، وإلى كائن راقٍ ومدرك ومتأثر، متمسكة بعدة مقومات، منها المؤثرات السمعية والبصرية والأهداف والأمل، فأنا أمام عالم متكامل وصعب جداً، وهنا أحاول ألا أعطي انطباعاً سيئاً، بل أعطي شيئاً من الترفيه مع حس الدعابة الممزوجة بالفائدة، فلو عملنا استطلاعاً وسألنا الأطفال ماذا تحبون أن تقرؤوا؟ ستكون الإجابات مدهشة وصادمة من الكم الهائل للآراء، لكن السؤال هنا: هل لدينا جمهور من القراء الأطفال المهتمين بالمطالعة، أم أن هؤلاء الأطفال مهتمون بالتلفاز والتقنيات الحديثة كالهواتف الخلوية؟»

القاصة محاسن مع الكاتب نزار غانم

وتتابع: «مع هذا لدي تلاميذ كثر يقرؤون كتاباتي، وهذا يتطلب مني جهداً مضاعفاً؛ لأن المهمة هنا بالنسبة لي مضاعفة وتورث لجيل قادم قيماً ومعارف، وهنا كتبت نصوصاً عدة قام بتجسيد أدوارها التلاميذ على مسرح المركز الثقافي العربي بـ "طرطوس"، وهذا لا يعني أن الجهد يجب ألا يكون مضاعفاً، وتتجسد خلاله الجهات المعنية بدورها الأساسي في التنشئة».

وعن سؤال أين وجدت نفسك، في كتابة القصة أم النصوص المسرحية، ولماذا؟ أجابت: «كتبت القصة وهي ما حولته إلى مسرح للنشر، لأن شغفي كتابة القصص، بينما المسرح يحتاج إلى تكتيك أكثر وتوزيع الأدوار، وأحياناً يكون هناك تعب مضاعف، لأن تحويل النصوص القصصية إلى نصوص مسرحية ليس بالأمر البسيط.

والتشخيص يأتي أمراً بعد الكتابة، ويمكن أن أكتب ما أفكر به، لكن هل أستطيع تشخصيه على أرض الواقع؟ هنا أقول: يجب أن نحاول».

أما عن كيفية اختيار المفردات طالما أن الشريحة المستهدفة هي الأطفال، فقالت: «اللغة الفصحى مع التنقيط والترقيم هي اللغة الأساسية، والمعلومة الصحيحة أيضاً؛ لأنها ستعلق في أذهان التلاميذ ويحفظونها، وهنا أركز على وضع قيم اجتماعية نبيلة، كالكرم، والصدق، والتعاون، والمحبة».

وتضيف: «يحمّل أدب الأطفال الكثير من المسؤولية للكاتب، وهنا أعتمد تقديم الفكرة بعفوية عن طريق لعبة مثلاً، أو حوار، أو رسم معبر عنها، وأبتعد عن المشاعر السلبية المضعفة لخيال الطفل، وألقي الضوء على جوانب مثيرة للبحث والاستكشاف، فحسب علم النفس التربوي يفضّل لو نشعره بأنه فرد من أفراد القصة، يتقن الدور ويجسّده في سلوكه اليومي».

وفي معرض حديثها أوضحت بعض تفاصيل قصة "رحلة إلى المشتل الزراعي"، فقالت: «هذه القصة فريدة جداً، كالأيقونة في حياتي، فهي نتاج عمل أصدقائي الرسام المهندس الزراعي العامل النشيط، والجدة المتفانية الصحية الطبيعية، والحيوانات الأليفة، وحتى الأشجار أصدقائي؛ أتكئ عليها دائماً».

وباختصار حدثتنا عن بعض تفاصيل حياتها، فقالت: «درست فرع الهندسة البيئية في بداية حياتي العملية بعد حصولي على الشهادة الثانوية العلمية، وبعد ذلك درست الأدب العربي، وحصلت على شهادة دبلوم تأهيل تربوي».

وفي لقاء مع الكاتب "نزار غانم" قال: «المدرّسة والقاصة "محاسن" شخصية أدبية مقربة من الأطفال، لأن مجمل ما تكتبه هادف ويحمل قيماً وأبعاداً تنموية لهذه الشريحة من المجتمع، وتميزت بأسلوبها السردي الممتع البسيط والمتميز في إيصال الفكرة والهدف، كما أنها مثقفة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وكذلك مفرداتها مستوحاة من قربها من تلك الشريحة، فهي تخاطبهم بلغتهم البسيطة؛ وهذا جذبهم إلى تجسيد الأدوار المسرحية بكل بساطة وجرأة».

ويتابع: «أظن أن ما قدمته في مسرحية "رحلة إلى المشتل الزراعي" كان نموذجاً جميلاً، وقد كان له صدى كبير في التنمية وتحقيق الهدف؛ وهذا ما ننشده في جيل المستقبل».

يشار إلى أن المدرّسة "محاسن حسن" من مواليد محافظة "حمص" عام 1973، ومقيمة في "طرطوس".