على الرغم من تميزها التاريخي والمكاني والمناخي الذي يؤهلها لتكون من أهم المصايف في الساحل السوري، إلا أن إهمال الجانب الخدمي فيها يمثّل العائق الأكبر والهمّ المؤرق لساكنيها.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "شكارة البحري" بتاريخ 22 كانون الثاني 2018، والتقت "بسام وطفة" رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار "طرطوس"، ليحدثنا عن سبب التسمية وتاريخ القرية، حيث قال: «الفلاحون في ريف "طرطوس" يستخدمون كلمة "شكارة" بمعنى الحصة من الأرض التي ربما تكون مزروعة بأنواع مختلفة من الأشجار، أو الحصة من سنابل القمح التي تجمع على ما يسمى البيدر قبل عملية استخراج الحب من السنابل، ثم اتخذت الكلمة معنى عاماً وهو الأرض التي تخص فلاناً من الناس، وبهذا المعنى تكون "شكارة البحري" هي الأرض التي يمتلكها آل "البحري"، أيضاً الشكارة تعني في السريانية قطعة الأرض التي تزرع، وفي السومرية تعني قطعة الأرض التي يهب مالكها موسمها للفلاح الذي يعمل بها، وأصلها "شكارو"، والبحري هو الملّاح والأصل فيها البحار، والقرية تسمى أيضاً باسم آخر، وهو "خربة الرام"، و(خربة) تسمية أصلها سرياني تعني المكان المقفر والخرب، أما الرام، فهو جذر سامٍ مشترك يعني العالي والمرتفع، وبهذا يكون معنى التسمية الثانية للقرية الخربة المرتفعة».

موقعها على ارتفاع يزيد على ألف متر في منطقة يمكن رؤية البحر منها، ومناخها المعتدل صيفاً والبارد المثلج شتاءً بإمكانه أن يحولها -في حال توفر لها الاهتمام اللازم من مختلف الخدمات- إلى واحدة من أهم المصايف في المنطقة، هذا إضافة إلى قربها من غابة جبل "المولى حسن" من جهة، ومدينة "القدموس" التي تمثل هذه القرية بوابة لها إلى ما يعرف بـ"جرد القدموس"

ويتابع: «والقرية أثرية بامتياز؛ وذلك لطبيعتها الصخرية ووقوعها على الطريق الذي يربط مدينة "القدموس" وقرى الريف الشمالي والشرقي مع مناطق الداخل "مصياف"، وهي مسكونة خلال العصرين الروماني والبيزنطي، وفيها عدد كبير من المدافن العائلية المنحوتة في الصخر الطبيعي، وكذلك عدد من الآبار ومعاصر العنب والزيتون، ولا تزال بقايا الأبنية والأساسات قائمة تحت البيوت السكنية حالياً، التي بني معظمها من الحجارة الأثرية أو العائدة إلى تلك العصور».

من الآثار القديمة

وفيما يخص الموقع والسكان، قال "ريان القاضي" من أهالي القرية: «تتبع "شكارة البحري" التي تعرف أيضاً باسم "خربة الرام" إلى بلدية "القدموس"، وتبعد عن هذه المدينة مسافة لا تزيد على ثلاثة كيلومترات، تحيط بها مجموعة من القرى، مثل: "بستان الحلاوة" و"الدويلية" من جهة الغرب، ومن الشرق قريتا "وطى الراس" و"الحاطرية"، ومن جهة الشمال قرية "الدّي"، و"القدموس" من الجنوب. أما عدد سكانها، فيبلغ نحو سبعمئة نسمة فقط، وفيها عدة عائلات، وهي: "القاضي"، و"علي"، و"أحمد"، و"خضور"، و"داؤود"، تعتمد في معيشتها على زراعة بعض أنواع المحاصيل، كالقمح والتبغ المحصولين الرئيسين، إضافة إلى بعض أنواع الخضراوات الحقلية وأنواع متعددة من الأشجار المثمرة، كالزيتون والجوز واللوز والعنب والتين والكرز وغيرها، وهي فقيرة بالمصادر المائية؛ فلا يوجد فيها إلا نبعان صغيران بعيدان تشح مياههما صيفاً، وعلى الرغم من وجود شبكة لمياه الشرب، إلا أنه لا يتم ضخ المياه إلا كل عشرة أيام، لمرة واحدة، لعدة ساعات فقط؛ الأمر الذي انعكس سلباً على واقعها الزراعي».

وبخصوص الخدمات، يتابع: «للقرية طريق رئيس معبد، وطريق آخر مهم يصلها بقرية "الدويلية"، لكنه غير معبد وتنقصه الكثير من الخدمات، إضافة إلى عدد من الطرق الزراعية الوعرة والشاقة، وشبكة صرف صحي تحتاج إلى الصيانة لكونها مهترئة في بعض الأماكن، وتسبّب الكثير من المشكلات، خاصة بعد تساقط الأمطار، حيث تتسرب المياه الملوثة إلى الأراضي الزراعية؛ وهذا قد يؤدي إلى ضرر كبير بالمحاصيل، وفيها خط هاتف وخدمات الإنترنت متوفرة. أما التعليم، ففي القرية مدرسة ابتدائية فقط، ويضطر الطلاب إلى متابعة تحصيلهم العلمي في مدارس مدينة "القدموس" والقرى المجاورة، وفي كثير من الأحيان يقطعون عدة كيلومترات سيراً على الأقدام».

باتجاه المولى حسن

للقرية موقع جغرافي متميز، عنه يقول المهتم بالبحوث الجغرافية المدرّس "سامي حسن": «موقعها على ارتفاع يزيد على ألف متر في منطقة يمكن رؤية البحر منها، ومناخها المعتدل صيفاً والبارد المثلج شتاءً بإمكانه أن يحولها -في حال توفر لها الاهتمام اللازم من مختلف الخدمات- إلى واحدة من أهم المصايف في المنطقة، هذا إضافة إلى قربها من غابة جبل "المولى حسن" من جهة، ومدينة "القدموس" التي تمثل هذه القرية بوابة لها إلى ما يعرف بـ"جرد القدموس"».

شكارة البحري عبر غوغل إيرث