كما لكل شيء خصوصيته، لنبع "عين السنديانة" تميزه، فمن داخل سراديب مغارة صخرية نضحت مياه معدنية تتأقلم مع طبيعة مناخ قرية "البساتين" في الصيف والشتاء، ووظفت المغارة للجلسات الشبابية، والمياه للشرب.

الاستقرار والتجمع السكاني بجانب نبع "عين السنديانة" كان نتيجة طبيعة المياه الصالحة للشرب، واعتماد الأهالي الزراعة كمصدر رزق أساسي لهم منذ قدم الاستيطان السكاني في قرية "البساتين" جنوب شرق مدينة "بانياس"، فكثير من ينابيع القرية وظفت للري، وقليل منها حمل خصوصية اجتماعية بالنسبة للأهالي، وكان أقرب إلى حياتهم الشخصية اليومية، وحقق قدسية المكان وخصوصيته، وخصص للشرب، وهنا قال مختار القرية "عمر حلوم" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 تشرين الثاني 2017: «ثلاثة ينابيع في القرية حملت خصوصيتها، وهي: "عين الرجال"، و"عين النسوان" أو نبع "الداودية"، و"عين السنديانة"، وهي موزعة جغرافياً ضمن حيين، وبالنسبة لنبع "عين السنديانة"، فقد حمل اسم شجرة سنديان كبيرة وضخمة كانت موجودة بجواره، لكنها فنيت نتيجة قدمها، ومياهه دائمة الجريان وتستخدم للشرب باستمرار وعلى مدار السنة؛ فمصدرها الجبل المرتفع خلف كنيسة القرية أو ما يعرف بجبل المصيف».

قبل سبعين عاماً، أذكر أننا كنا نقصد نبع "عين السنديانة" للشرب من مياهه العذبة، وهذا لم يكن عبثياً، وإنما لطبيعة ولذة مياهه، علماً أنه كان هناك ينابيع أخرى أقرب منها إلى أماكن سكننا، لذلك حمل الكثير من ذكريات أيام الشباب ولقاء الأحبة، واللافت أنه لم يستخدم أبداً للغسل أو الاستحمام في العقود الماضية، بخلاف بقية الينابيع

"إبراهيم طربيه" من أهالي وسكان القرية، قال عن النبع: «تميزت مياهه ببرودتها صيفاً ودفئها شتاءً، وتنبع من داخل مغارة صخرية متوسطة الحجم، كانت تستخدم في السابق بحسب المعلومات المتناقلة كسكن لإحدى العائلات، وذلك بما لا يؤذي النبع ولا يقترب منه، لكون مصدر المياه ومجاريها عبر سراديب صخرية تمتد تحت الأرض لمسافات غير معروفة، وهي متفرعة ضمن بهو المغارة إلى قسمين؛ الأول باتجاه الجنوب، والآخر باتجاه الشمال، ليصل الأخير كما قال أحد الذين دخلوا لاستكشاف تفاصيل هذه السراديب، إلى أسفل كنيسة القرية "العجائبية" أو "سيدة الانتقال"؛ وهو ما منحه خصوصية ساهمت بالمحافظة عليه من أي تلوث.

إبراهيم طربيه

في مرحلة زمنية معينة تم جرّ مياه النبع يدوياً عبر أنابيب مدت تحت الأرض من داخل المغارة إلى خارجها بطول خمسة عشر متراً؛ وهو ما سهّل عملية استثمار بهو المغارة من قبل بعض شباب القرية، فنظموه وألقوا مدخلها بحجارة إسمنتية، ووضعوا له باباً معدنياً، وراحوا يقضون فيه جل أوقاتهم متمتعين ببرودة الأجواء صيفاً ودفئها شتاءً».

المعمّر "عبد القادر خليل" من أهالي وسكان القرية، قال: «قبل سبعين عاماً، أذكر أننا كنا نقصد نبع "عين السنديانة" للشرب من مياهه العذبة، وهذا لم يكن عبثياً، وإنما لطبيعة ولذة مياهه، علماً أنه كان هناك ينابيع أخرى أقرب منها إلى أماكن سكننا، لذلك حمل الكثير من ذكريات أيام الشباب ولقاء الأحبة، واللافت أنه لم يستخدم أبداً للغسل أو الاستحمام في العقود الماضية، بخلاف بقية الينابيع».

موقع النبع

أما الزجّال "جان يعقوب"، فقال: «المغارة متوسطة الحجم مقارنة مع مغارات أخرى، وقد تم توسيعها من أجل النبع بسهولة نتيجة طبيعة الصخور بسيطة التعامل، وقد تم العمل بها من أجل تأهيل أفضل للنبع، من حيث تمديد الأنابيب الخاصة بنقل المياه من الداخل إلى الخارج، وهذا في المرحلة الحديثة من حياتنا.

وأظن أن سردابي المغارة ليسا طويلين؛ فالأول بطول يصل إلى خمسين متراً تقريباً وهو إلى اليسار من مدخلها، والثاني نحو 250 متراً باتجاه اليمين، ويمتد إلى أسفل الكنيسة. وفيما يخص المياه، فهي ترشيح من الجبال البازلتية المحيطة بالقرية».

داخل المغارة