شجرة زيتون معمّرة، روت الأحاديث المتناقلة بالتواتر أنها أقدم أشجار القرية، ووثق هذا القدم سماعياً إذاعة "لندن"، فصنفتها ثالث أقدم شجرة زيتون في الوطن العربي ومحيطه بعد "تونس" و"تركيا".

الأجزاء الباقية منها والموزعة على مساحة كبيرة من الأرض، خير دليل للخبير وغير الخبير بالزراعة، على حجم جذعها الأساسي، وهنا يقول مختار قرية "العديمة" "خالد عبيد" القرية الموجودة فيها زيتونة "الكسارة"، لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 تشرين الأول 2017: «"زيتونة الكسارة" من أقدم أشجار الزيتون الموجودة في الوطن العربي ومحيطه، وفق ما سمعته على إذاعة "لندن" قبل عشرين عاماً، حيث قالوا في برنامج خاص بهذه الأمور لم أعد أذكر أسمه، أنها ثالث أقدم زيتونة بعد شجرة زيتون موجودة في "تونس" وأخرى موجودة في "تركيا"، وهذا إن دلّ على شيء، فهو دلالة على موثوقية المعلومات التي اعتمدوها في هذا التصنيف، وأظن أنها معلومات موثقة من مديرية الزراعة أو وزارة الزراعة، وإلا لما كانوا علموا بها، حيث حددوا مكانها بالتحديد في "سورية" جنوب مدينة تسمى "بانياس" وضمن قرية تسمى "العديمة"، وأيضاً دلالة على أن هذه المعلومات رسمية مأخوذة من عدة دول وجدت فيها الأشجار المعمرة.

بالنسبة لنا لا يوجد أي معلومات موثقة عن هذه الشجرة أو حتى معرفة بها، لكن ما نقل إلينا عبركم يحفزنا لإجراء دراسة متكاملة عن صحة الرواية عن قدمها وعمرها، والبرنامج الإذاعي الذي تحدث عن تصنيفها على مستوى الوطن العربي ومحيطه

وسميت زيتونة "الكسارة" نسبة للموقع الذي وجدت فيه، وهو موقع "الكسارة"، وهي تسمية عادية كباقي التسميات القروية من ضمن مختلف المسميات العقارية المعتادة لدى جميع الفلاحين، وهي دلالة على استصلاح الأرض وتكسير الصخور فيها، وجعلها صالحة للزراعة».

المختار خالد عبيد

ومن أهم الدلائل على قدمها أيضاً مساحتها الزراعية وبقايا جذعها، وهنا يقول المعمّر "مروان عبيد": «نتيجة قدمها وضخامتها في موقع تقدر مساحته بعشرين متراً مربعاً، فرغ جوف جذعها وأصبح مفتوحاً لمختلف العوامل الجوية؛ وهو ما أدى إلى تخشب كبير في الجذع، أثر بنموها وفروعها العليا، فقام مالكها "مصطفى محمد عبيد" وربما جدّه، بإزالة الأجزاء المتيبسة منها وإبقاء الأجزاء الفاعلة، وعددها ثلاثة أجزاء متوزعة على كامل مساحة الموقع المشغول، لتبقى دلائلها قائمة حاضرة تشير إلى عراقتها وقدمها، لكن مع مرور الوقت بدأت تنمو من جزعها الأساسي فروع كثيرة نتيجة ردم الجذع في التربة المغذية والمفيدة له؛ وهو ما أدى إلى تزايد عددها إلى أن وصلت في الوقت الحالي إلى عشر أشجار قطر كل منها نحو خمسة وثلاثين سنتيمتراً؛ أي إنها أشجار بالغة ومنتجة في زمن قصير نتيجة قوة الجذر والجذع المتبقي من الشجرة الأم، ليغدو المشهد يحكي قصة الأم والأبناء في موقع واحد».

معلمة المدرسة "دهمة خدوج" تروي ذكريات قديمة جداً ارتبطت بزيتونة "الكسارة"، وتقول بداية: «موقع الشجرة بجانب مدرسة القرية، وتبعد عنها نحو خمسين متراً تقريباً من الجهة الجنوبية، وهنا يجب الإشارة إلى أنه من المعروف أن نمو شجرة الزيتون بطيء ويتناسب طرداً مع موقعها وقوة النمو الجذري لها، وهذا إذا ربط بعمرها، فسيدل على مئات السنين وربما الآلاف، وإذا ربط بنمو أبنائها، فسيدل على ضخامته وكثافة نموه وقوته.

من الأجزاء الباقية المنتشرة على كامل مساحة جذعها الأساسي

وأذكر أننا حين كنا أطفالاً كانت إدارة المدرسة تأخذنا في رحلات مدرسية إليها لكونها قديمة ومميزة بعمرها وحجمها، وجميع أبناء جيلي يتذكرون هذه الرحلات».

معقّب المعاملات ومن أبناء القرية "مجد الدين رسلان"، قال عن زيتونة "الكسارة": «في موقع الزيتونة ثلاثة أجزاء باقية من الشجرة الأم على ما أظن، وما يدل على ذلك القدم والعمر الكبير لها، وهي موزعة على مساحة متباعدة بعضها عن بعض بخمسة أمتار وتزيد، ودلالات ارتباطها بالشجرة الأم أيضاً شكلها وتخشبها وتجويفها نحو الداخل باتجاه مركز النمو، وأذكر أن مالكها الأساسي حاول المحافظة عليها، فقصّ أجزاءها اليابسة وردم جذعها في التربة لتعاود النمو من جديد».

المعمر مروان عبيد

مدير المدرسة السابق "جهاد عبيد"، أكد قدمها ورواية المختار حول إذاعة "لندن"، وأضاف: «في القرية أشجار زيتون أحدث منها بالعمر، ويقدر عمرها بمئات السنين بدلالة تسميتها "زيتون الميري"؛ وهي تسمية تعود إلى ضريبة فرضها الاحتلال التركي كانت تسمى "الميري" كما ضريبة "قرش الميري" المعروفة، ويمكن أيضاً ربط عمر الشجرة بعمر الاستيطان البشري في قرية "العديمة"، الذي يعود إلى مرحلة البيوت الطينية وما قبل».

بدورنا تواصلنا هاتفياً مع مديرية زراعة "طرطوس" ورئيس دائرة الإنتاج النباتي فيها المهندس "محمد حسن" لمعرفة عمر زيتونة "الكسارة" أو الاطلاع على أي معلومات موثقة عنها، وهنا قال: «بالنسبة لنا لا يوجد أي معلومات موثقة عن هذه الشجرة أو حتى معرفة بها، لكن ما نقل إلينا عبركم يحفزنا لإجراء دراسة متكاملة عن صحة الرواية عن قدمها وعمرها، والبرنامج الإذاعي الذي تحدث عن تصنيفها على مستوى الوطن العربي ومحيطه».