قرية قديمة مأهولة منذ العصر الروماني والبيزنطي، يميّزها ارتفاعها الذي أكسبها اسمها، وإطلالاتها على مساحات واسعة من ريفي "القدموس" و"بانياس"، وطبيعتها القاسية، لكنها نقية انعكست إيجاباً على ساكنيها.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "العلية" بتاريخ 5 أيلول 2017، والتقت "سهيل عروس"، وهو موظف من أهالي القرية ليحدثنا عن الموقع والسكان، حيث قال: «تقع القرية في الريف الغربي لمدينة "القدموس" وتتبع لها من الناحية الإدارية، حيث تبعد عنها مسافة تقدر بأحد عشر كيلو متراً، وهي واقعة على الحد الفاصل بين المنطقتين الإداريتين "القدموس" و"بانياس"، تحيط بها مجموعة من القرى، فمن الجهة الشرقية قرية "السميحيقة"، ومن الشمال أيضاً جزء من "السميحيقة" وقرية "مرشته"، ومن جهة الغرب قرية "تعنيتا"، ومن الجنوب جزء من "تعنيتا" وقرية "وادي السقي". ويبلغ عدد سكانها ستمئة نسمة، ويعيش في القرية حالياً نحو ثلاثمئة نسمة منهم، والباقي انتقل للعيش في مراكز المدن لأسباب متعددة كالعمل والدراسة والخدمات. أما عائلات القرية، فهي: "عروس"، و"الحامض"، و"ابراهيم"، وتوجد علاقات مصاهرة قوية مع قرى الجوار خاصة مع "السميحيقة". ومن الجدير بالذكر، أن القرية القديمة كانت تتألف من خمسة بيوت متلاصقة مازال بعضها يستخدم حتى الآن، كما يوجد فيها عدد لا بأس به من المعمرين ممن تقارب أعمارهم المئة عام».

هو اسم سرياني يعني الغرفة في الطبقة الثانية من الدار وما فوقها، وهو إشارة على ارتفاع الموقع لكونها ترتفع عن البحر نحو ستمئة وعشرين متراً، وقد كانت مسكونة منذ العصر الروماني والبيزنطي

وعن سبب التسمية، قال "بسام وطفة" رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار "طرطوس": «هو اسم سرياني يعني الغرفة في الطبقة الثانية من الدار وما فوقها، وهو إشارة على ارتفاع الموقع لكونها ترتفع عن البحر نحو ستمئة وعشرين متراً، وقد كانت مسكونة منذ العصر الروماني والبيزنطي».

جرف صخري شديد الانحدار

وعن طبيعتها الجغرافية، قال المهتم بالبحوث الجغرافية "سامي حسن": «هي قرية واقعة على الحافة الشمالية المرتفعة للحوض الانهدامي الذي شكل كل من قريتي "وادي السقي" و"كرم التين"، وتتوضع معظم بيوتها على هضبة مثلثية الشكل تحيط بها ثلاث قمم جبلية تصل أعلاها إلى ستمئة وعشرين متراً عن سطح البحر، تنتهي في الجهة الجنوبية بجرف صخري شديد الانحدار قد تصل انحداراته أحياناً إلى تسعين درجة، وارتفاع قد يتجاوز أربعين متراً عما يجاورها من الأراضي؛ وهذا أكسبها تنوعاً تضريسياً مذهلاً تشرف من خلاله القرية على مناظر طبيعية جميلة جداً».

وفيما يتعلق بطبيعة المناخ والمياه والنبات فيها، يقول: «تتبع المنطقة المناخ المتوسطي الجبلي المتميز باعتداله وجفافه صيفاً، وبرودته وأمطاره التي قد تصل إلى ألف ميليمتر شتاء؛ وهذا جعل أهلها يركزون على الزراعات البعلية الشتوية أكثر، كما تعاني القرية قلة المياه الجوفية بسبب طبيعتها الصخرية المتشققة وارتفاعها عن المناطق المجاورة؛ وهو ما أدى إلى تسرب المياه إلى المناطق الأكثر انخفاضاً في القرى الواقعة ضمن الحوض الانهدامي المجاور، منها: "كرم التين"، و"وادي السقي"، وتتميز أيضاً بغطاء نباتي طبيعي وأحراج من البطم والسنديان والرياحين وغيرها من النباتات ذات الفوائد الطبية، كالزوفا والزعتر والطيون، وغيرها».

القرية عبر غوغل إيرث

تعاني قرية "العلية" مشكلة نقص بالمياه، خاصة بعد أن أصبح النبع الوحيد الذي كانت تستفيد من مياهه سابقاً غير صالح للاستخدام، ومع أنه تم مد شبكة مياه للشرب، إلا أن المياه لا تصل إلا مرة واحدة في الشهر، ويتابع "سهيل" في حديثه عن الوضع الخدمي والمعيشي: «بعض الأهالي يعتمدون تجميع مياه الأمطار في خزانات لسقاية مزروعاتهم، وغير ذلك يعتمدون على ينابيع القرى القريبة لتأمين مياه الشرب خاصة من "السميحيقة"، ولا توجد في القرية شبكة صرف صحي أو مركز صحي يقدم خدمات طبية، وفيها طريق رئيس واحد معبد، لكنه ضيق تم حفره بالصخر وبجهود أهلية، والطرقات زراعية غير معبدة، مع توافر بعض الخدمات كوجود شبكة كهرباء وهاتف آلي ومدرسة تعليم أساسي حلقة أولى، أما باقي المراحل، فيضطر الطلاب للذهاب إلى مدارس منطقة "الصليب" على الرغم من الظروف المناخية القاسية شتاء».

ويضيف: «يعتمد الأهالي في معيشتهم على الزراعة البعلية، كزراعة القمح والشعير وبعض الخضراوات المنزلية وأنواع من الأشجار المثمرة، إضافة إلى زراعة التبغ وهو محصول رئيس، إلى جانب تربية الدواجن والأبقار والأغنام والاستفادة من منتجاتها في سد حاجات الأسر وبيع الفائض من الإنتاج».