تعدّ من القرى الاستثنائية في منطقة "القدموس" من حيث موقعها في ظل الجبال على سفح يتجه شمالاً، إضافة إلى ملاصقتها للطريق الواصل بين الساحل والداخل؛ وهذا أكسبها أهمية اقتصادية كبيرة.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "التناخة" بتاريخ 26 حزيران 2017، والتقت الشاب "رواد محمد إبراهيم" من أهالي القرية، ليحدّثنا عنها من حيث الموقع، حيث قال: «تقع إلى جهة الشرق من مدينة "القدموس"، وهي تابعة لها من الناحية الإدارية، وتبعد عنها مسافة تقدر بـ2كم فقط، ولا يتجاوز عدد سكانها ألف نسمة. تحيط بها مجموعة من القرى، فمن جهة الشمال ناحية "الطواحين"، ومن الجنوب قرية "السعدانة"، ومن جهة الشرق "الحاطرية"، ومن الجنوب الشرقي قرية "كاف الجاع"، أما من الجهة الغربية، فتحدّها مدينة "القدموس". كما تتكوّن القرية من حارتين إحداهما "الفوقانية"، وهي ملاصقة لطريق (القدموس - مصياف)، وأبرز عائلاتها: "ميهوب، والعلي، وصقور، وإبراهيم"».

"التناخة" كلمة عربية من الفعل تنخ؛ أي أقام في المكان، وهي قرية مسكونة منذ العصر الروماني، ويدل على ذلك المدافن الجماعية التي تعود في تاريخها إلى تلك الفترة

ويضيف عن أهم الزراعات التي يعمل بها الأهالي بالقول: «تقوم في القرية عدة زراعات رئيسة، أهمها زراعة مادة التبغ، وهو المحصول الرئيس الذي يعتمد عليه الأهالي كمصدر دخل مساعد للأسرة إلى جانب محاصيل رئيسة أخرى، كالقمح، والحمّص، والثوم الذي تشتهر به القرية بوجه خاص، وأيضاً زراعة بعض الخضار حول المنازل كالبندورة والخيار والبصل والبطاطا وغيرها، وأنواع من الأشجار المثمرة، كاللوز والجوز والخوخ والعنب والتين والمشمش، ويعتمدون في سقايتها على النبع الوحيد الموجود في القرية، وحصاد الأمطار عن سطوح المنازل عن طريق تجميعها في خزانات خاصة بذلك».

القرية عبر غوغل

وعن قدم القرية ومعنى التسمية، قال رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار طرطوس "بسام وطفة": «"التناخة" كلمة عربية من الفعل تنخ؛ أي أقام في المكان، وهي قرية مسكونة منذ العصر الروماني، ويدل على ذلك المدافن الجماعية التي تعود في تاريخها إلى تلك الفترة».

ولطبيعة المنطقة وجغرافيتها تميزاً خاصاً حدثتنا عنه مدرّسة الجغرافية "غنوة كامل عباس"، حيث قالت: «تمتد القرية بين ارتفاع سبعمئة وأربعين متراً في أخفض نقاطها، وارتفاع ألف ومئة وأربعين متراً كأعلى نقطة فيها؛ وهذا أكسبها مناخاً شديد البرودة وغزير الأمطار في الشتاء، ومعتدلاً صيفاً، حيث تقع على سفح بين جبلي "زغرين" من الشرق، و"المولى حسن" من الغرب، ويتجه هذا السفح نحو الشمال، ويعدّ هذا استثناء في مثل هذه المنطقة الجبلية، حيث تتوضع معظم القرى على السفوح الجنوبية المشمسة، ونادراً ما نجد قرية تقع بما يسمى محلياً باسم "الميسرة" لما تتميز به من برودة في الشتاء لوقوعها في ظل الجبال. وموقع القرية يدلنا على أهمية الممرّ الجبلي بين مدينة "حماة" والساحل السوري، الذي كان أحد أهم جسور الاتصال بين طريق الحرير البري وتكملته البحرية. وحتى يتكيف السكان مع البرودة الشديدة في الشتاء، نجد أن أكثر من تسعين بالمئة من البيوت حالياً قد بنيت باستخدام حجارة ثخينة اقتطعت من المنطقة نفسها لتكون عازلاً من البرد والرطوبة المرتفعة شتاءً، التي تمتاز بها منطقة "القدموس" وريفها بوجه عام».

تنوع المحاصيل

وتكمل: «تتميز القرية أيضاً بتربتها الناعمة والخصبة، فقد استفادت من وجودها بين ثلاث قمم بركانية، وهي: "زغرين"، و"المولى حسن"، و"النبي شيث"؛ وهذا أغناها بالرماد البركاني وبعض العناصر المعدنية لتصبح من أهم الترب، خاصة لزراعة محصول الثوم الذي تشتهر به وغيره من المحاصيل.

ويوجد فيها بقايا لغابة سنديان دائمة الخضرة، وتعود بعض أشجارها إلى مئات السنين، إضافة إلى غناها بشجيرات الحور والبطم وبعض النباتات المتسلقة عليها كـ"الباطور"، ويوجد فيها أحراج ما يعرف ببقايا الغابة المتدهورة، إضافة إلى غابة "المولى حسن" المحمية، التي تمثّل مقصداً مهماً للسياحة لما تتميز به من ضخامة أشجار الصنوبر، وتنوعها الحيوي الطبيعي، وكثرة السناجب، إضافة إلى سحر الإطلالات».

استخدام الحجارة في البناء

تطل على قرية "التناخة" وعلى بعد أمتار قليلة منها على الطريق الرئيس (مصياف - القدموس)، جامعة "الأندلس"؛ وهذا أدى إلى وجود عدد من المطاعم والمحال التجارية والاستراحات وأفران التنور على جانبي الطريق. وتضيف "كاترين سليم" من المقيمين في القرية عن باقي الخدمات بالقول: «يوجد فيها مدرسة تعليم أساسي حلقة أولى، أما طلاب التعليم الأساسي حلقة ثانية والثانوية، فيكملون تعليمهم في مدارس "كاف الجاع" المجاورة أو مدارس مدينة "القدموس"، ولا يوجد في القرية مركز صحي، وفيها طريق رئيس واحد معبد، وبعض الطرق الزراعية التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام لتسهيل وصول الأهالي إلى أراضيهم، وفيها شبكة صرف صحي، وشبكة لمياه الشرب».