اجتهد الدّكتور "صلاح أحمد" في دراسة الرّياضيات ليصبح من علمائها، وفي تدريسها ليكون أستاذها في مجموعة من جامعات العالم، وكان له ما أراد، فحمل لواء الرّياضيات المعاصرة.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 أيار 2017، التقت المهندس "ياسر صلاح أحمد"، فقال عن والده: «ولد أبي عام 1927 في قرية "قلعة الشّيخ ديب" من أعمال "الدّريكيش" محافظة "طرطوس"، ومن عائلة من أكثر العائلات سمعة دينياً، وعلمياً، وأخلاقاً في جبال السّاحل السّوري، أبوه هو الشّيخ "كامل صالح ديب أحمد" عالم دين، وشاعر معروف، وجده الشّيخ "ديب أحمد" وهو علم من أعلام المنطقة دينياً، واجتماعياً، أما الأم، فهي "فاطمة سليمان الأحمد"، شاعرة معروفة نشرت وعرفت باسم "فتاة غسان"، وهي ابنة العلّامة الشيخ "سليمان الأحمد" العالم الدّيني واللغوي، عضو مجمع اللغة العربية في "دمشق"، وهي أخت الشّاعر الكبير "بدوي الجبل"، درس الوالد الابتدائيّة والإعداديّة في "طرطوس" في مدرسة "اللاييك"، وشارك بالنضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي. كان لتفوقه في الدّراسة الفضل الكبير في حصوله على منحة لإكمال دراسة الثّانوية في مدرسة "التّجهيز" في "دمشق". ثم أكمل دراسة الرّياضيات في كلية العلوم بـ"دمشق"، وأدى تفوقه إلى تعيينه معيداً في الجامعة، ثم أُرسل لإكمال دراسته لنيل شهادة الدّكتوراة في الرياضيات من جامعة "السّوربون" في "باريس"، فنالها بدرجة الشّرف وعاد إلى "دمشق"، ليبدأ العمل في كليته ويخوض جهوداً كبيرة في سبيل تطوير تعليم الرّياضيات في الجامعة والمدارس العامة في "سورية" والوطن العربي».

تمتع الدّكتور "صلاح" بالشّخصيّة الذّكية المتميزة العارفة لما تريد وتبتغي، قوية محبة لخدمة الجميع، تنوعت علاقته وتميزت، حب الشّعر لديه كان بالفطرة. فقد كان يحفظ الكثير منه وخاصة شعر خاله "بدوي الجبل" وأمه، وكان له في نظم الشّعر الحضور اللطيف، كما أن لبعض لقاءاته ومجموعات الأدب والشعر في البلاد العربية بصمات رسمها فتركت أثرها

بحديث فيه شجون الرّفقة الطويلة بالعمل والبحث يستذكر الدّكتور "موفق دعبول" أستاذ الرّياضيات، اختصاص ميكانيك السّوائل، صديقه ورفيق دربه، فيقول: «بداية معرفتي بالدّكتور"صلاح أحمد" حين كان معيداً في الجامعة، وتجددت بعد العودة من رحلة الدراسة، حيث تلاقت لدينا روح الحماس والاندفاع لما بعد الدّراسة وبداية خوض غمار العمل الجدي المفعم بالطموح لتحقيق الأهداف التي رسمناها للمستقبل.

المهندس ياسر أحمد

سعى الدكتور "صلاح" إلى تطوير طرائق تدريس الرّياضيات، واجتهد بالتعريف بالرياضيات المعاصرة، وتعمليها وتطبيقها، فأقام مجموعة من النّدوات لمدرّسي المرحلة الثّانوية عن كيفية التعامل مع هذا التوجه الجديد، كما شارك وترأس لجان كتابة مناهج الرّياضيات في الوطن العربي، وإدخال مفاهيم الرّياضيات المعاصرة إليها، شاركته والدّكتورة "إلهام الحمصي" بوضع معجم الرّياضيات المعاصرة، حيث قمنا بتعريب المصطلحات الرّياضية، وألف العديد من الكتب لقسم الرّياضيات في جامعة "دمشق"، ومازالت تعدّ المراجع المهمة في مجالها، وعمل مع صديقه الدّكتور "واثق شهيد" في تأسيس "المعهد العالي للعلوم والتّكنولوجيا" الذي لعب دوراً مهماً بتخريج كوادر من العلماء والمتميزين والاختصاصيين من المستوى العالي».

يتابع الدّكتور "موفق" عن الصديق: «تمتع الدّكتور "صلاح" بالشّخصيّة الذّكية المتميزة العارفة لما تريد وتبتغي، قوية محبة لخدمة الجميع، تنوعت علاقته وتميزت، حب الشّعر لديه كان بالفطرة. فقد كان يحفظ الكثير منه وخاصة شعر خاله "بدوي الجبل" وأمه، وكان له في نظم الشّعر الحضور اللطيف، كما أن لبعض لقاءاته ومجموعات الأدب والشعر في البلاد العربية بصمات رسمها فتركت أثرها».

الدكتور موفق دعبول

تحدث الدّكتور "راكان رزوق" دكتوراة في نظم المعلومات وأحد طلاب الدّكتور "صلاح أحمد" عما تجسد لديه عن أستاذه وتركه عنده من أثر، فقال: «عام 1979 كان من حظي أنني كنت أحد طلاب الدّكتور "صلاح أحمد"، ودرسنا مقرر الرّياضيات، حيث كنت وزملائي ندرس في المعهد العالي للعلوم واللغات، عمل بأسلوبه المتميز ليصل بنا إلى تلقي كمّ المعلومات الهائل التي أراد واجتهد في تمكيننا منها، وكان لتعامله مع عملية التّدريس ومتابعته لها والإشراف عليها الهاجس الحاضر دائماً لديه، علّمنا منهجيّة تفكير مازالت مستمرة في حياتنا حتى الآن، رسّخ فينا قيم الجد والمثابرة والانضباط، هذا وقد اهتم الدّكتور "صلاح" بالتراث العلمي العربي وخاصة المتعلق منها بمجال الرّياضيات، فله مع صديقه "رشدي راشد" كتاب "الباهر في الجبر" الحاوي على جملة من الوثائق التي تثبت إنجاز العلماء العرب لعدد من القوانين الرّياضية، مثل: "أبو بكر الكرخي"، و"شريف الدين الطوسي"».

عام 1998 في السابع من تموز وبعد مرض عضال، توفي الدّكتور "صلاح أحمد" تاركاً لنا العديد من الكتب بين التأليف والترجمة، وارتفع اسمه على إحدى قاعات كلية الفيزياء في جامعة "دمشق" تكريماً له ولعطائه.

الدكتور راكان رزوق