بطريقة غير مألوفة في تجميل الفخار، وإدخال إكسسوارات تزيينية إليه، تقدم الحرفية "عائدة جندي" منتجات متفردة، لاقت رواجها الخاص في الأسواق، وخاصة الإلكترونية، فتلقت عروض العمل والشراء.

من الفنون النسوية كانت الانطلاقة والشغف بالعمل وتوظيف الأفكار في أعمال قد يراها بعضهم بسيطة بشكلها العام، لكن الدقة التي تحتويها جعلت منها قطعاً متميزة بحسب حديث الحرفية "عائدة جندي" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 23 نيسان 2017، وأضافت: «لكل شخص هواية ينشغل بها في مراحل الطفولة، وقد يبقى شغفها بين أفكاره لتجد مجالاً للظهور في الواقع، وهذه أنا أيضاً، فقد حاولت الاستفادة من سنوات الدراسة في اختصاص الفنون النسوية بطريقة جدية، والمهم بالنسبة لي أن لا أبقى في مرحلة وخط الصفر مهما كانت النتائج، ومن أوقات الفراغ وحب العمل انطلقت للإنتاج ذي الجدوى الاقتصادية.

ساعات العمل الطويلة دفعتني إلى الحديث مع القطع التي أتعامل معها، فبتّ أنشد القصائد النثرية لكل قطعة وأحتفظ بها ورقياً لترافقها أينما حلت

فصنعت علب الجواهر كبداية، وبطريقة تختلف عما هو موجود في الأسواق؛ وهذا أدى إلى تصريف كامل لما صنعته، فتشجعت على تقديم المزيد من الأفكار المختلفة تماماً، وحاولت التوجه نحو إعادة الفعالية للأحذية المستعملة أو المتضررة، وخاصة مع ارتفاع أسعار كل شيء وعدم توافقها مع القدرات الشرائية للناس، فقمت برتي حذاء ووضعت عليه الإكسسوارات غير المألوفة بالنسبة للأحذية وبطريقة عملية تجعله قابلاً للاستعمال الفعلي مرة أخرى، ونال إعجاب كل من شاهده حتى طلب مني العمل بهذا الاختصاص، وفعلاً تمكنت من هذا على الرغم من الحرج الذي يتمخض عن الموقف بوجه عام، لكني تخطيته؛ لأن هدفي أكبر وأعمق من هذا».

من مشغولاتها الفخارية

التطور الدائم سيد الموقف بالنسبة للحرفية "عائدة"، والقدرة على التكيف والتأقلم مكنها من تخطي الصعاب التي ترافق كل مرحلة خططت لها مسبقاً، وهنا قالت: «أحاول أن أعمل بمراحل أدرسها مسبقاً؛ وهذا مكنني من تجاوز كل شيء وتطوير المهارات بوجه دائم ومتوافق مع صعوبة الظروف التي نعيش فيها وصعوبة تأمين مستلزمات العمل؛ وهذا انعكس إيجاباً على الرغبة بالاقتناء لدى الناس. وتجميل الفخاريات كان له نصيب جيد في هذا التطور، ويمكن أن يستفيد منه أغلب الناس في تزيين منازلهم.

فمادة الفخار مادة لها قيمتها بين الناس، وقدمتها بطريقة مختلفة تماماً عما هو معهود، وأساس العمل عليها الصبر ودقة التعامل مع مفردات ومراحل العمل، حيث إن البداية تكون مع عملية طلاء الفخار بالأصبغة والمثبتتات التي تجعل من قوامه أكثر تماسكاً وسهل التعامل، وهنا أختار الشكل وفق فكرة معينة، وأبدأ اختبار الإكسسوارات التي تتناسب وشكلها وتؤسس لما أريده في النهاية، وأضعها قطعة تلو الأخرى، وأختار مكانها وفق طريقة القص، ويمكن أن تحتوي كل قطعة فخار ما يقارب الألف قطعة من مصفوفات حب اللؤلؤ وغيرها من الإكسسوارات الناعمة. وما يجعل العمل متفرداً؛ صعوبته وعدم تطرق أي حرفي للعمل به بذات الطريقة والأسلوب، وهذا بشهادة أصدقاء على صفحات التواصل الاجتماعي داخل وخارج البلاد، يطلبون منتجاتي، ويقولون إنهم لا يجدون مثلها في الأسواق».

الحرفية عائدة ومشغولاتها الفخارية

وتتابع: «ساعات العمل الطويلة دفعتني إلى الحديث مع القطع التي أتعامل معها، فبتّ أنشد القصائد النثرية لكل قطعة وأحتفظ بها ورقياً لترافقها أينما حلت».

وبالنسبة للمشاركات الجماعية والبازارات والمعارض، قالت: «أصنع كل ما يجول في ذهني من أفكار، وأحولها إلى واقع يمكن الاستفادة منه؛ وهذا شكل أرضية قوية مكنتني من المشاركة في المعارض والبازارات الجماعية، وفتحت أسواق تصريف كانت خافية عليّ، فأمنت من خلالها ثمن المواد الأولية بصورة دائمة ومستمرة، وهنا تكمن أهمية المشاركات في المعارض والبازارات، إضافة إلى عملية التعريف بهذه الحرفة التي أجدها متفردة عن بقية صناعة الإكسسوارات، وذلك من حيث التوظيف وآلية التعامل مع القطع والمنتجات، وتقديم منتج غير موجود في الأسواق، ومن يرغب به يجب أن يبحث عنه في البازارات بدلاً من المحال التجارية».

المدرسة ليديا صالح

وفي لقاء مع الفنان "عاصم تقلا"، قال: «ما تقدمه الحرفية "عائدة" أعمال حرفية منافسة بدقتها وإتقانها وتميزها عما هو معروف بالحرف اليدوية، فأعمالها أقرب إلى الإبداع منها إلى الحرفة؛ لأنها تمكنت من توظيف "الستراس" على خامات فخارية تحتاج إلى جرأة كبيرة للتعامل معها».

أما المدرّسة والحرفية "ليديا صالح"، فقالت: «دقتها في العمل تسجل لها كتميز، وأظن أنها سباقة بالتعامل مع الفخار وفق هذه الطريقة، فقد قدمت هيكلاً تزيينياً منسجماً ومدروساً وبعيداً عن الفوضى، لأنها مهتمة وواثقة ولا تعمل لمجرد العمل فقط، وإنما لتقدم منتجاً متميزاً».

يشار إلى أنّ الحرفية "عائدة يحيى جندي" من مواليد حي "الميناء"، عام 1975.