على واحدة من هضاب "جرد القدموس" توجد شجرة "جباب" في منطقة محاطة بالتضاريس المتنوعة، وآثار تعود إلى عصور قديمة جداً جعلت منها مقصداً لمحبي الاستكشاف والاستمتاع بالطبيعة.

مدونة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 17 نيسان 2017، موقع شجرة "جباب"، والتقت "عبد اللطيف معلاّ" مدرّس العلوم، ومدير المدرسة الثانوية في قرية "الدي" ليحدثنا عن الشجرة، فقال: «هي من نوع السنديان المعمر دائم الخضرة، ويزيد عمرها على ثلاثمئة عام، ترتفع نحو سبعة أمتار للأعلى. أما جذعها، فيتكوّن من أربعة فروع تشكل ما يشبه مظلة طبيعية تغطي مساحة كبيرة. وتبعد الشجرة عن مدخل قرية "الدي" مسافة تقدر بستمئة متر فقط، وهي موجودة في أعلى هضبة مرتفعة، حيث تقل فيها الأشجار والغطاء النباتي عموماً. وتعرف تلك المنطقة وما يجاورها باسم "جرد القدموس"؛ وهذا ما جعل من الشجرة نقطة مرئية من مسافات بعيدة. وتتميز منطقة السنديانة هذه بإطلالاتها على عدة اتجاهات، فمن جهة الغرب تطلّ على "وادي جهنم"، حيث يظهر من خلال الوادي البحر، وأيضاً جزء من مدينة "بانياس" وريفها. أما من جهة الشرق، فهي تطل على جبل "المولى حسن" الذي يرتفع ألف ومئة وأربعين متراً عن سطح البحر، وجبل "زغرين" البركاني في قرية "كاف الجاع" الذي يرتفع ألف ومئة وعشرين متراً، إضافة إلى إطلالاتها على أجزاء من ريف مدينة "جبلة" وأطراف من ريف مدينة "حماة"».

المنطقة بأكملها تسمى "الجباب"، حيث يوجد على بعد أمتار قليلة من السنديانة وعلى القمة القريبة المقابلة لها عدد كبير من الآبار "الجباب" المحفورة في الصخر، وهي آبار قديمة كانت تستخدم كمخازن لتعتيق الخمر في الفترة "الكنعانية"، حيث كانت المنطقة ملأى بكروم العنب التي يصنعون منها مؤونة الخمر، ويدل على ذلك أيضاً وجود معاصر عنب قديمة؛ وهي عبارة عن "بواطيس" حجرية قديمة جداً، وقد سميت "باطوس" نسبة إلى إله الخمر "باخوس"

وعن سبب التسمية، أوضح بالقول: «المنطقة بأكملها تسمى "الجباب"، حيث يوجد على بعد أمتار قليلة من السنديانة وعلى القمة القريبة المقابلة لها عدد كبير من الآبار "الجباب" المحفورة في الصخر، وهي آبار قديمة كانت تستخدم كمخازن لتعتيق الخمر في الفترة "الكنعانية"، حيث كانت المنطقة ملأى بكروم العنب التي يصنعون منها مؤونة الخمر، ويدل على ذلك أيضاً وجود معاصر عنب قديمة؛ وهي عبارة عن "بواطيس" حجرية قديمة جداً، وقد سميت "باطوس" نسبة إلى إله الخمر "باخوس"».

آثار قريبة من الشجرة

وعن ميزات المكان، يقول "عماد إبراهيم"؛ وهو مرشد نفسي من أهالي قرية "النواطيف" المجاورة: «إضافة إلى الآبار القديمة تكثر في المنطقة المجاورة لسنديانة "جباب" الصخور الكلسية ذات الأشكال المتعددة، التي أكسبت المنطقة جمالاً وتميزاً عما يجاورها، ومن هذه الصخور صخرة تسمى "المائدة"، أو "موائد الشيطان". كما تكثر أيضاً الجروف والشقوق والخدوش، إضافة إلى وادٍ سيلي تجري مياهه شتاءً، وهو لافت للنظر بروعة أشكال التضاريس الموجودة فيه، وعلى بعد أمتار قليلة من الشجرة توجد "هوّة جباب" الناتجة عن انهيار لسقف إحدى المغارات الكارستية التي تكثر في "ريف القدموس" بوجه عام، وأكثر ما يميز هذه المغارة أشكال الصواعد والنوازل فيها. والحقيقة إن الآبار والهوّة وأشكال التضاريس في تلك المنطقة جعلت منها مقصداً لمحبي المسير ورحلات استكشاف الطبيعة، وقد كانت شجرة السنديان نقطة تجمع واستراحة للاستمتاع بجمال ما يحيط بها من مناظر طبيعية، وهنا أذكر أنه في إحدى المرات قابلت أحد الأشخاص من زوار المنطقة، وقد شبه تلك الشجرة المنفردة بأنها تقف كحارسة للآبار والمغارة والوادي، وحتى الآن مازال يطلق عليها لقب "الشجرة الحارسة"».

إذاً تعدّ السنديانة نقطة تجمع واستراحة لأهالي القرى المجاورة أيضاً، وفي هذا الخصوص يقول "إياد عيسى حسن" من الزائرين الدائمين للمنطقة: «بنيت تحت فروع وأغصان الشجرة شرفة كبيرة مطلة على طبيعة خلابة؛ وهو ما جعلها مقصداً للكثيرين من الزائرين، وأصبحت مركزاً للقاءات واجتماعات العائلات والأصدقاء في أجواء من الألفة والمحبة، حيث يتناولون وجبات الإفطار والغداء، وبعض المشروبات الشعبية المعروفة في المنطقة، كما أصبحت مقصداً للمزارعين من أصحاب الأراضي أثناء ذهابهم إليها وعودتهم منها، خاصة في مواسم الحصاد وزراعة التبغ، فكانت السنديانة مكان استراحتهم تغنيهم عن العودة إلى منازلهم وقطع مسافات بعيدة موفرة بذلك الجهد والوقت».

هوة جباب القريبة من السنديانة
حجر المائدة