بعد أن أشبع "مهدي إبراهيم" موسيقاه من بيئته، أطر فطريته أكاديمياً، وأسّس الفرق الموسيقية، وقوّم المناهج التدريسية، وقدّم عشرة مؤلفات تغني الذائقة، لتخطو الخطوة الأولى على الطريق الصحيح.

مدونة وطن "eSyria" التقت الموسيقي "مهدي إبراهيم" بتاريخ 24 آذار 2017، ليحدثنا عن بداياته مع الموسيقا العربية، فقال: «الإنسان ابن بيئته، وأنا ولدت وترعرعت في كنف أسرةٍ تولي اهتماماً بالجانب الموسيقي الغنائي الشرقي، من خلال استماعها إلى أعمال كبار الموسيقيين، أمثال: "محمد عبد الوهاب"، و"أم كلثوم"، و"فيروز"؛ وهذا دفعني -إلى جانب الموهبة الفطرية- إلى تعلم الموسيقا في سنّ مبكرة، حيث تعلمت على آلة "العود"، وكان لي حينئذ بعض المحاولات البسيطة في مجال العزف والتلحين والكتابة، وكنت في الصف السابع، وتجسد هذا بمشاركاتي في الحفلات المدرسية على مستوى المنطقة، فلقيت التشجيع والدعم من الأهل والمحبين، الأمر الذي دفعني إلى الاهتمام بالموسيقا أكثر والبحث والتعلم الممنهج».

بالنسبة لفرع نقابة المعلمين، كوّنت فرقة نالت الجوائز المتقدمة في مشاركاتها المتعددة على مستوى "سورية"، وكلفت مشرفاً موسيقياً على "فرقة عمريت" التابعة لمسرح "طرطوس" القومي منذ إحداثها، وما زالت تقدم أعمالها المميزة حتى الآن

وكانت الانطلاقة العملية للموسيقي "مهدي" من معهد "صلحي الوادي"، عنها أضاف: «بعد حصولي على الشهادة الثانوية تابعت دراستي في معهد التربية الموسيقية في "دمشق" عام 1983، ولم يكن في "سورية" حينئذٍ أي أكاديمية موسيقية أخرى، ولأنني كنت عازفاً مميزاً على آلة "العود"، تفضل عليّ أستاذي الذي أجلّه وأحترمه "عدنان أيلوش"، مؤسس "الفرقة الشرقية للعود الحديث" في معهد "صلحي الوادي" والمعهد "العربي" للموسيقا، وسجلني في فرقته، وكان لي معه عدة مشاركات في "دمشق" و"الجزائر" و"تونس" كعازف ضمن الفرقة التابعة لوزارة الثقافة، وهذا الأمر فتح لي آفاقاً جديدة للخوض في القوالب الموسيقية الأصلية الغنائية، وكانت البداية الحقيقية لعملي الفني كعازف وملحن».

من دروع التكريم

وعن تجربته الإذاعية ومشاركاته في المهرجانات، قال: «قدمت أعمالاً غنائية وموسيقية لمصلحة "إذاعة دمشق" تزيد على 180 عملاً لأهم الأصوات السورية، مثل: "سمير سمرة"، و"محسن غازي"، و"وضاح اسماعيل"، و"علاء الصالح"، و"فاتن صيداوي"، و"إيناس لطوف"، وأخرى موسيقية (سماعيات، لونغات) ومقطوعات موسيقية منوعة، كما شاركت في "مهرجان الأغنية السورية" في كافة دوراته، وحصلت على جائزة "الأورنينا الذهبية" بدورته الرابعة، ناهيك عن تمثيل بلادي في "مهرجان الأغنية العربية"، حيث حصلت على "الميكرفون الذهبي" عن قصيدة "امرأة شرقية" للشاعر الكبير "نزار قباني"، وأداء "ميراي مصطفى"، وهي من ألحاني وتوزيعي».

كما كان للموسيقي "مهدي" جهد لتكوين الفرق الموسيقية لقناعته بأهمية تنشئة الكوادر التخصصية، وعنها قال: «كوّنت مجموعة من الفرق الموسيقية والغنائية على مستوى المحافظة لمصلحة "منظمة طلائع البعث"، وكان لي كتابة وتلحين وتدريب الأطفال على أعمال من "الأوبريت"، وقد سجلت في "إذاعة دمشق" لمصلحة المنظمة، ونالت الجوائز الأولى في المهرجانات القطرية، وكذلك الأمر بالنسبة لـ"اتحاد شبيبة الثورة"، حيث كنت مشرفاً فنياً على أعمال "فرع طرطوس"، وقدمت الكثير من الأعمال الغنائية والموسيقية، إضافة إلى تدريب فرقة "شباب سورية" التابعة لقيادة الاتحاد، وكلفت رئيساً لقسم الموسيقا في مكتب التربية الفنية المركزي، وقدمت الفرقة أهم حفلاتها على مسرح "معرض دمشق الدولي". أما الفرق الخاصة التي كوّنتها، فهي "فرقة أطفال طرطوس" من خمس سنوات وحتى الثانية عشرة، ضمت المواهب الموسيقية والغنائية في المحافظة، وقدمت أعمالها على مستوى المحافظة، و"فرقة أورنينا للموسيقا العربية"، وضمت مواهب من مختلف الأعمار، وما زالت حتى هذا اليوم تقدم الأعمال الموسيقية والغنائية المفعمة بالأصالة».

الفنان علاء الصالح

ويتابع: «بالنسبة لفرع نقابة المعلمين، كوّنت فرقة نالت الجوائز المتقدمة في مشاركاتها المتعددة على مستوى "سورية"، وكلفت مشرفاً موسيقياً على "فرقة عمريت" التابعة لمسرح "طرطوس" القومي منذ إحداثها، وما زالت تقدم أعمالها المميزة حتى الآن».

أما في مجال البحث والتأليف الموسيقي الذي قدم فيه العديد من المؤلفات التي تغني الذائقة الثقافية والتعليمية، فقال: «في هذا الجانب أعددت وألفت ما يزيد على عشرة كتب في مجال البحث الموسيقي والتعليم، ضمن "سلسلة العلوم الموسيقية" التي بدأت إصدارها عام 1995، وأهمها: "مبادئ العلوم الموسيقية"، و"الأصول والفروع في الموسيقا العربية"، و"تعليم العود والكمان"؛ وهذا انطلاقاً من نظرتي إلى الموسيقا التي تعتمد على أن العمل الموسيقي عمل معنوي إبداعي له هدف، وركن من أركان الحضارة الإنسانية، ولا يمكن أن يكون غير ذلك، أما الذين يقدمون الحالة المادية على المعنوية، فلهم ظروفهم».

الموسيقي مهدي إبراهيم

يحمل الموسيقي "مهدي" صفتين فنيتين ضمن "نقابة الفنانين" فرع "طرطوس"، وهما: عازف، وملحن، وله نظرة خاصة في العمل الموسيقي، أوضحها قائلاً: «العمل الموسيقي هو عمل جماعي، ولابد من تعاون وتضافر جميع الجهود للارتقاء والنهوض بمستواه الفني، وعليه يجب التعاون مع كل المحبين لهذا المجال، ومن هنا كان مشروعي الموسيقي خارج حدود الزمان والمكان، لذلك عملت مدرساً في "معهد التربية الموسيقية" كلية الموسيقا، و"المعهد العالي للموسيقا"، وموجهاً اختصاصياً لمادة التربية الموسيقية، ومؤلفاً ومقوماً لمنهاج وزارة التربية "التربية الموسيقية"، وحالياً كلفت بإدارة "المعهد العربي للموسيقا" في "طرطوس"».

وفي لقاء مع الفنان "علاء الصالح"، قال عن "مهدي": «هو قامة في عالم الموسيقا، لما قدمه لهذا الفن وما أغنى به الحركة الموسيقية السورية، وقد كان له أيضاً باع طويل في تأسيس كوادر موسيقية تعدّ حالياً قامات كبيرة، كما قدم المؤلفات والأبحاث المفعمة بالحداثة والغزيرة بالمعلومات المفيدة، وتميز بتمكنه من جميع المقامات والفنون الموسيقية، ولي تجربة غنية معه قدمت من خلالها غناءً قصيدتين للأطفال ضمن سلسة مسرحة المناهج».

وفي اتصال مع الفنانة "كنانة القصير"، قالت عن تجربتها مع الموسيقي "مهدي": «لي تجربتان مع الموسيقي "مهدي" تكللتا بالنجاح، فهو موسيقي مبدع وليس عفوياً، ويعتمد دراسة خامة الصوت للفنان قبل أن يتعامل معه فنياً، ليقدم له ما يتناسب ومقوماته الصوتية والفنية، وهذا الأسلوب اعتمده كبار الموسيقيين والملحنين في الزمن الجميل، أمثال: "عبد الوهاب"، و"أم كلثوم"».

يشار إلى الموسيقي "مهدي إبراهيم" من مواليد "حكر مقعبرية"، عام 1963.