في منطقة تتوسط سبع قمم جبلية بنيت قرية "خربة عامودي" على أنقاض عدد من الخرائب الأثرية العائدة إلى عصور قديمة؛ وهو ما جعل منها واحدة من القرى المتكاملة سياحياً وزراعياً.

مدونة وطن "eSyria" زارت القرية بتاريخ 10 آذار 2017، والتقت المختار "أحمد حمود"، وقال: «تقع قرية "خربة عامودي" إلى الجنوب من مدينة "القدموس"، حيث تتبع لها إدارياً، وتبعد عنها مسافة تقدر بسبعة كيلو مترات، كما أنها تعدّ إحدى القرى التي تفصل منطقة "القدموس" عن منطقة "الشيخ بدر". يحيط بها عدد من القرى، منها قرية "المنصورة" المعروفة لدى أهالي المنطقة باسم "الدنبية" من جهة الشمال، وناحية "حمام واصل" من جهة الشمال الغربي، وقرية "الشماميس" من الجنوب الغربي، إضافة إلى قريتي "كاف الحمام" و"عامودي" من جهة الجنوب. أما من جهة الشرق، فتحيط بها قرية "نعنو". وتعدّ قرية "خربة عامودي" من القرى الكبيرة من حيث المساحة التي تقدر بثمانين هيكتاراً، لكن مساحة المنطقة المأهولة ليست كبيرة، فهي تتكون من حارتين فقط، هما: "الحارة الشرقية"، و"الغربية"، وبعدد سكان لا يتجاوز الخمسمئة نسمة.

توجد في القرية بقايا غطاء نباتي طبيعي من أشجار السنديان والبطم والبلوط والغار، كما تكثر فيها أشجار الزيتون، ويوجد عدد لا بأس به من أشجار الزيتون "الكفرية" القديمة التي تعود إلى ما قبل ميلاد السيد "المسيح"؛ أي الفترة الكنعانية، وبالقرب منها آثار النواغيص**، ومدافن حجرية تعرف باسم "السرايا" تعود إلى الفترة نفسها

تعود أصول العائلات فيها إلى ناحية "حمام واصل"، ففي الماضي انتقلت عائلتا "حمود" و"منصور" للعيش والاستقرار في هذه الأرض، التي كانت في الأساس مجموعة خرائب أثرية قديمة عائدة إلى عصور متعددة، ولهذا السبب عرفت القرية باسم "خربة عامودي". أما لفظ "عامودي"، فهو مشتق من عمّد أو التعميد، حيث كان سكان المنطقة القدماء من المسيحيين».

الشاب غيث منصور

وعن جغرافية القرية، يقول المهتم بالبحوث الجغرافية ومدرّس الجغرافية "سامي علي حسن": «تمتد بيوت القرية على منطقة تلاقي سبع قمم جبلية؛ أعلاها جبل "عامودي" الذي يرتفع سبعمئة وخمسين متراً عن سطح البحر، وتتميز هذه القرية بانحداراتها الشديدة في مختلف الاتجاهات، وفي القسم الجنوبي منها يوجد وادٍ سيلي تجف مياهه في فصل الصيف. أما الصخور الموجودة بأراضي القرية، فهي من النوع الرسوبي، كالكلس والدولوميت؛ وهذا ما يفسر قلة الجريانات المائية السطحية، ووجود بعض الينابيع الكارستية* التي تتسرب مياهها من مسافات بعيدة من المناطق المجاورة الأكثر ارتفاعاً عبر قنوات كارستية باطنية، حيث يوجد عدد من الينابيع التي يستفيد أهالي القرية منها في ري بعض المحاصيل الصيفية التي يمكن أن تساهم في زيادة الدخل.

أما بالنسبة للتربة، فيمكن تمييز نوعين منها؛ الأول هو تربة كلسية بيضاء غير ناضجة وفقيرة بالمواد العضوية، ويحتاج المزارعون إلى إضافة السماد والمواد العضوية إليها أثناء زراعتها. أما منطقة الوادي في القسم الجنوبي من القرية، فتربته بنية أكثر خصوبة؛ وهذا ما يفسر تركز الزراعات المروية في تلك المنطقة».

بستان زيتون في القرية

وعن النباتات الطبيعية الموجودة في القرية، يقول: «توجد في القرية بقايا غطاء نباتي طبيعي من أشجار السنديان والبطم والبلوط والغار، كما تكثر فيها أشجار الزيتون، ويوجد عدد لا بأس به من أشجار الزيتون "الكفرية" القديمة التي تعود إلى ما قبل ميلاد السيد "المسيح"؛ أي الفترة الكنعانية، وبالقرب منها آثار النواغيص**، ومدافن حجرية تعرف باسم "السرايا" تعود إلى الفترة نفسها».

أما من الناحية المعيشية، فيقول "غيث عدنان منصور"؛ طالب جامعي من أهالي القرية: «يوجد فيها عدد لا بأس به من الينابيع، وكلها ساهمت في قيام زراعات متنوعة، تأتي في مقدمتها زراعة التبغ، حيث يعدّ من المحاصيل التجارية الرئيسة التي يعتمد عليها الأهالي سنوياً كمصدر دخل أساسي، وتنتشر زراعته بكثرة في المنطقة، إضافة إلى أنواع أخرى من الزراعات المروية، منها: الباذنجان بأنواعه، والكوسا، والملفوف، والبصل، والثوم، والبطاطا. ومن المحاصيل الأخرى التي يعتمد الأهالي على زراعتها اعتماداً كبيراً محصول القمح، وتتنوع الأشجار فيها، وتأتي في مقدمتها أشجار الزيتون، ثم الرمان والتفاح والجوز واللوز والتوت والتين والكرمة وغيرها، هذا إضافة إلى اعتماد الأهالي على تربية بعض أنواع الدواجن والمواشي للاستفادة من منتجاتها وبيع الفائض منها، ويوجد فيها أربع مداجن ومعصرة زيتون تخدّم أهالي القرية والقرى المجاورة».

القرية عبر غوغل إيرث

تعاني قرية "خربة عامودي" عدم توافر بعض الخدمات، فلا يوجد فيها شبكة صرف صحي، أو مقسم آلي وخدمات الإنترنت، إضافة إلى سوء تغطية شبكة الاتصالات الخلوية، لكن بالمقابل تتوافر فيها خدمات أخرى، هذا ما قاله "غيث" عن الوضع الخدمي، ويكمل: «حالة الطرق الرئيسة في القرية ممتازة، وجميعها معبدة إلى جانب وجود عدد من الطرق الزراعية التي تؤمن وصول الأهالي إلى أراضيهم، إلى جانب الينابيع الصالحة للشرب تم مد شبكة مياه للشرب تؤمن حاجة ومستلزمات المنازل، أيضاً يوجد في القرية روضة أطفال ومدرستان؛ حلقة أولى، وثانية، ونسبة كبيرة من شباب وشابات القرية هم من الطلاب والخريجين الجامعيين في مختلف الاختصاصات».

  • صخور نسبت إلى منطقة كاريست في يوغوسلافيا السابقة.
  • ** النواغيص عبارة عن قبور قديمة.