بالبحث العميق للوصول إلى تفاصيل تغني المنجز الفكري، أنتج الدكتور "زهير سعود" الرواية والدراسات النقدية والحكمة "الهراديبية" التي أسّسها واشتهر بها، وأنتج أبحاثاً طبية طبقها على مرضاه بنجاح، فحصل على براءاتها التقديرية.

الباحث "زهير سعود" طبيب اختصاصي بالتوليد والجراحة النسائية، وكاتب في مجالات أدبية وفلسفية وحكمية، تطرّق إلى الشعر والقصة القصيرة جداً، يرى الإنسان ابن بيئته على الرغم من اختلاف الظروف، كان ضيف مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 23 شباط 2017، فقال: «يمكن أن تتنوع نشاطات الإنسان تبعاً لتعلّمه وممارسة هواية معينة قد تكون نتيجة تشجيع شخص ما، واهتمامي بموضوع الأدب يرجع إلى مدرّسي "زاده زاده" حين طلب مني كتابة ملخصات عن مجموعة كتب للأديب "مصطفى لطفي المنفلوطي"، وكنت حينئذٍ في الصف الرابع، فعشقت الأدب، وتأثرت بالأدب الاجتماعي لاحتكاكه المباشر بحياة الناس ومبررات وجودهم في ظروف معينة، ونتيجة التراكم الثقافي الذي حصلت عليه من القراءات الكثيرة، بدأت التوجه نحو الكُتّاب الذين لهم ذات النزعة الإنسانية الاجتماعية كـ"جبران خليل جبران"، و"نجيب محفوظ"، و"يوسف السباعي"، فتكونت لدي ذخيرة ثقافية عالية، وبدأت الكتابة لتفريغها».

لقد خدمتني تقانة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي في الكتابة مع قلة أوقات الفراغ، فرحت أكتب ما يجول بخاطري، وأتوقف نتيجة العمل وأتابع فيما بعد لحين الانتهاء من مخاض الأفكار، ومن ثم أقوم بالنشر الإلكتروني

مارس الأديب "زهير" نشاطاته الأدبية مستعيناً بتقانة الاتصالات نتيجة ضغط الوقت والعمل المهني، وقال: «لقد خدمتني تقانة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي في الكتابة مع قلة أوقات الفراغ، فرحت أكتب ما يجول بخاطري، وأتوقف نتيجة العمل وأتابع فيما بعد لحين الانتهاء من مخاض الأفكار، ومن ثم أقوم بالنشر الإلكتروني».

من منجزاته الأدبية

من أبرز أعماله الفلسفية "الحكمة الهراديبية"، وقال عنها: «هي منطوقة على "الفيسبوك" منذ أربع سنوات وحتى الآن، ولها صيغة جديدة غير مسبوقة على هيئة أربعة أركان: الأول منها استخدام حكمة عالمية لكاتب أو فيلسوف أو حكيم ما، والثاني يكون حكمة مرادفة أو مطابقة أو مناقضة للأولى، وهي لكاتب أو حكيم أو فيلسوف عربي، ليأتي الركن الثالث وهو الحكمة الخاصة بي، وفيها مقاربة أو مطابقة أو مناقضة للحكمتين السابقتين مترافقة مع صورة معبرة لتكون الركن الرابع.

والتسمية جاءت من الموقع الذي نطقتها منه، وهو موقع منزلي الريفي في قرية "بارمايا"، الذي يسمى شعبياً وتراثياً "موقع الهراديبية"، وهذه التسمية من "الهردوب"؛ ويعني الحجر، وهي لفظة آرامية ساحلية قديمة منذ ستة آلاف عام، ورغبت بها كتأكيد على انتمائنا السوري العتيق».

من منجزاته العلمية الطبية

ويتابع: «نطقتها على مواقع التواصل لعدة أسباب، منها: أن اهتمام ونشاط المتلقي بوجه عام على مستوى العالم بدأ يعتمد هذه التقانات الحديثة أكثر من اعتماده على الكتاب الورقي، والأمر الثاني طبيعة حياة الإنسان في العصر الحالي الذي يمكن تسميته بالإنسان المعولم، الذي يعتمد ما يمكن تسميته الوجبات السريعة في كل شيء، ومنها القراءة السريعة للمنشورات والتفاعل معها، فهو لا يكمل قراءة المنشورات الطويلة إلا إن كان يبحث عن جذور المعلومة وتفاصيلها».

وأيضاً عمله الروائي "الحلم في ليلة القدر" هو عمل فلسفي أدبي، حيث أوضح ذلك بالقول: «أناقش فيه وجهات النظر التاريخية والأحداث التاريخية والسلوك الاجتماعي القائم بلغة نقدية، وتدور أحداثه في حلم اخترقت فيه السماوات السبع لملاقاة الرب، واختراقي لها هو اختراق لعوالم موجودة في الواقع ومرتبة تبعاً للمعيش الحالي في الزمان والمكان، فمثلاً في السماء الأولى وضعت العرب وتشكيلتهم وعلاقاتهم، وفي الثانية وضعت عالم الحيوان، وبعدها الدول المتطورة والإنسان الذي وصل إلى مرحلة تطور فكري بحثي ارتقت بحياته الاجتماعية. وفي أخرى خصصت للفلاسفة والحكماء ضمن حوار خاص معهم حول كل شيء موجود، وصولاً إلى آخرها، حيث موضوع الحيرة والاتصال بالخالق الذي تحدث عنه "لابلاس". وأناقش في العمل التفاصيل الحياتية والاجتماعية والفكرية والتطورية والسلوكية، والرواية ضمن ثلاثين فصلاً على عدد أيام شهر رمضان الذي كتبتها فيه».

أما عن الدراسات التاريخية، فقال: «لدي كتاب جاهز للطباعة بعنوان: "الصراع على الله"؛ وهو سرد تاريخي لعلاقة الإنسان بربه على مستوى العالم والمستوى العربي، وأتطرق إلى السلوكيات والممارسات الدينية المعتمدة على عزل الآخر الذي سبّب شرخاً بالعقلية البشرية الحالية».

لم يغب عنه إنتاج القصة القصيرة، فلديه اثنان وعشرون منها، مستوحاة في أغلبها من حياته الشخصية والمهنية، ولها غاية بالعبر والتوظيف، كقصة "صراع الدببة"، ويتابع حديثه عن منتجه الأكاديمي المهني: «منتجاتي العلمية بهيئة بحوث طبقتها واقعياً على مرضاي بعد التوصل إليها فكرياً، وتابعتها معهم، منها "الإنضاج الجنيني داخل الرحم"، وتهدف إلى التدخل عبر الأدوية لإيصالها إلى الجنين داخل الرحم لتسريع عملية إنضاجه، حيث يقبل الحياة بعمر زمني مبكر، وأيضاً بحث لتدبير "الانسمام الحملي" وطبقته على أكثر من 300 مريضة تعاني ارتفاع ضغط التوتر الشرياني، الذي يمثل أحد أطراف الثالوث المميت للسيدات الحوامل، وهنا تدخلت معه بداية الحمل عبر الأدوية التخصصية لإعاقته ومنعه، ونجحت وسلمتْ النساء الحوامل، وقد حصلت على براءات تقدير من وزارة الصحة نتيجة هذه الأبحاث وغيرها».

وبالعودة إلى الأدب والدراسات النقدية ورأيه في الحالة العامة على الساحة السورية للأدب، قال: «واقع الأدب الراهن والاعوجاج الذي أصابه دفعني إلى الاهتمام بالنقد الأدبي، خاصة أن النقد الأدب العربي عفوي غير ملتزم لغوياً أو منضبط موسيقياً وفكرياً، فدرست المدارس النقدية العالمية، والاتجاهات النقدية العربية، واكتشفت أن النقد ليس تجريحاً، إنما هو لإظهار المنجز الأدبي عندما يمتلك قيمته، فقدمت دراسات أوجدت حالة شك وصدمة عند كتاب القصة القصيرة جداً، واستدعت الكثير من المقابلات الصحفية العربية معي، منها دراسة لقصة "رجل الثلج"، وقصة "موءودة"».

وفي لقاء مع الأديب "أحمد فتوح" المطلع على منجزات الباحث الطبيب "زهير سعود"، قال: «من خلال معرفتي الفكرية والاجتماعية بالدكتور "زهير" أجزم أنه موسوعة فكرية وإنسانية تسير على قدمين، فهو عالم باختصاصه الطبي، وباحث في موهبته، ويتمتع بثقافة شمولية لكتابته في مختلف الأجناس الأدبية والنقدية والفلسفية، ومنها الحكمة "الهراديبية" سابقة العصر والزمان، وأيضاً يومياته الطبية القصصية الغنية بالعبر الاجتماعية، فهو رجل تنويري، وصاحب مشروع فكري يرتقي بالعقل البشري».

أما الأديب الدكتور "محمد قجة"، فقال: «الدكتور "زهير" حالة استثنائية في اهتماماته المتنوعة كالقصة القصيرة جداً والمقالات والنقد، وقد لفتت نظري ثقافته الواسعة العميقة في محطته الفكرية "الهراديبية" بما فيها من غزارة ومرونة وسعة اطلاع وحسن توظيف لتلك المعرفة الجمّة الثرّة».

يشار إلى أنّ الباحث الطبيب "زهير إبراهيم سعود" من مواليد عام 1960 "القطيفة"، ومقيم في منشأ أسرته قرية "بارمايا" في "بانياس".