قدّم الكاتب "يونس إبراهيم" شعراً ونثراً من روح بيئته الاجتماعية الظريفة، فجذب الشباب الذين أطلقوا عليه "شاعر النكتة". ولم يكتفِ بذلك، فكتب المقالات السياسية والأدبية وجذب رواد الأدب الشباب.

هو مدرّس اللغة العربية الذي نهل من القرآن الكريم مبادئ اللغة السليمة، مذ كان فتى صغيراً يجول في البيئة الطبيعية المحيطة به، ليرتشف منها ما يغذي فكره. المدرّس والأديب "يونس إبراهيم"، قال في هذا لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 كانون الثاني 2017: «عندما كنت صغيراً، كنت أقرأ الأدب والقرآن الكريم بنهم كبير، وحفظت غيباً نحو 2000 آية قرآنية؛ وهذا رفد ينبوع الفكر لديّ بالبلاغة من جهة، واستقامة اللسان وحسن تركيب الجملة ووزنها من جهة أخرى. وفي الصف التاسع أخذوني إلى دار المعلمين في "يبرود"، وهناك أُلّفت لجنة لاختيار الطلاب بحسب ميولهم العلمية والأدبية، وحينئذٍ كنت في اللجنة الأدبية بنوعيها الشعر والنثر، وأعدّوا لنا صحيفة مدرسية لكتابة المواضيع الأدبية؛ وهذا زاد من تعلقي ونهمي للأدب وصقل قدراتي بهدوء، ومن المواضيع التي كتبتها "السفافة ودلالاتها"، وبعد يومين طُلبت إلى الإدارة بسبب ما كتبته، حيث سألني المدير من أين أحضرت الأفكار؟ فأجبته: مما أكتنزه في عقلي. كما سألني إن كنت ابن قرية ريفية أو ابن مدينة؟ وما الفرق بينهما؟ فأجبته وأعجب بأجوبتي، وأهداني كتاباً للكاتب "حسين عبد القدوس"؛ وهذا كان تشجيعاً كبيراً بالنسبة لي، وحافزاً ما زلت أعمل به لتحصيل المزيد».

أن الكاتب "يونس إبراهيم" يتمتع بحضور عالٍ وراقٍ، وخصوصاً في مجال الطرفة المرتجلة، ويهدف إلى إضحاك من يسمعه، وإجلاء الكرب عن نفوس من يجالسونه، وتسليتهم لينسيهم همومهم في هذه الظروف الكئيبة

التشجيع أثمر وبدأت الثمار تنضج، وهنا قال: «خلال انتسابي إلى "الجامعة اللبنانية" قسم اللغة العربية، وجدت كتاباً على إحدى "بسطات" البيع يعنى بالماسوينة ما لها وما عليها، فقرأته خلال أيام وتبعته بكتب أخرى عن ذات الموضوع، فتطورت حالة الفكر لدي وتوسعت معلوماتي؛ وهذا دفعني إلى التأليف البحثي الثقافي، وكان أول منتج لي في هذا المجال بعنوان: "المتاهة الماسونية".

الكاتب "أحمد يوسف داود"

أما منتجي الفكري الثاني، فكان دراسة فكرية أدبية لأشعار "حامد حسن" الذي أحبه كثيراً، وهو بعنوان: "حامد حسن باحثاً وشاعراً"، وطبع مرتين. وبعد تطور شخصيتي الأدبية والفكرية كتبت بحثاً ثالثاً عن السمو الروحي والأخلاقي للإمام "علي بن أبي طالب"، فهو كما قال عنه الكاتب "شبلي الشميل" لبناني الأصل "عظيم العظماء".

ولو عدت إلى ما قبل ذلك، لقلت إن بدايات كتاباتي كانت عام 1963 في مجلة "الخمائل" الصادرة في "حمص"، وغلبت عليها الخواطر والقصص والشعر والمقالات السياسية والأدبية، وهنا اهتممت بالثقافة ونشرها والدراسات الأدبية لشخصيات أدبية، أمثال: "طه حسين"، و"حامد حسن"، و"الكواكبي"، وقد شدّني هذا؛ لأنني أدرك أنّ من يرغب أن يكون أديباً وباحثاً عليه أن يدرس هؤلاء العظماء، وهي قيمة مضافة يصل إليها الباحث تلقائياً».

المتاهة الماسونية من كتاباته

الكتابة على صفحات التواصل الاجتماعي المنصة الافتراضية، لم تكن أقل من سواها اهتماماً على الرغم من السنوات المتقدمة، بل كانت متميزة وجاذبة، حيث قال عنها: «التصريح بالشعر أو الخواطر أو المقطوعات النثرية على صفحتي الشخصية في التواصل الاجتماعي شيء كان له أثر جميل بالنسبة للمتابعين، ولي أيضاً؛ لأنه يوصل الكلمة إلى كل مهتم بمعناها؛ فكل إنسان يمكنه أن يطرح وجهة نظره أو رأيه على هذه المنصة الافتراضية، لكن من خلال متابعتي لما ينشر رأيت أن ما يكتب حول الفكاهة و"النكتة" والطرفة هو الذي يعجب الآخرين، وإن الأمور الجدية وما يتعلق بالقومية العربية الرسالة التي أحمل، لا تشد الكثيرين، وهنا مكمن الخطر والهدف بالنسبة إلى الآخرين؛ لذلك بين الحين والآخر أنشر بعض القضايا والرسائل الجدية التي أؤمن بها كرسالة، ضمن منشورات أدبية طريفة».

ويتابع: «الطرفة والفكاهة المبطنة أو الصريحة في الشعر والنثر غذاء للروح، ويجب أن يتغذى المتلقي منها باستمرار، فبها أزيل عن كاهله الكثير من الهموم وأريح أعصابه، وخاصة الأجيال الشابة. إذاً، أحاول توظيف الأدب بوجه عام؛ وهو البيئة الطبيعية التي تغذي روح الأديب، في مجالات الحياة التكنولوجية التي يُشبع بها الشباب، ويعود هذا برأيي إلى أن في قريتنا "تخلة" المطلة والمكشوفة على الجهات الأربع أصبحنا كما بيئتنا الجميلة الظريفة الممتعة لكل زائر؛ فالظرافة والنكتة سمة من سماتنا، وهي مكون في رحمنا الفكري وحالة ثقافية إبداعية، وأنا أحاول توظيفها بشفافية».

الكاتب "يونس إبراهيم"

الكاتب والأديب "أحمد يوسف داود"، أكّد: «أن الكاتب "يونس إبراهيم" يتمتع بحضور عالٍ وراقٍ، وخصوصاً في مجال الطرفة المرتجلة، ويهدف إلى إضحاك من يسمعه، وإجلاء الكرب عن نفوس من يجالسونه، وتسليتهم لينسيهم همومهم في هذه الظروف الكئيبة».

أما المدرّس "علي خضر"، فقال: «امتلك الكاتب "يونس" سرعة بديهة أدبية مكنته من تجاوز الكثير من الصعوبات والهموم في مختلف المجالس، وذلك عبر البسمة التي يرسمها على وجوه الحضور، كما أن دراسته التي قدمها عن الأديب "حامد حسن" كانت موفقة، لكن ظنّ لو أعاد البحث لأدرك الكثير بعد نتيجة تطور أدواته بسرعة وكثافة. وفيما يخص شعره، فقد تميز بالإبداع اللفظي، وجمال الصور».

يشار إلى أنّ الكاتب والأديب "يونس محمد إبراهيم" من مواليد قرية "تخلة" التابعة إلى مدينة "الدريكيش"، عام 1939.