شخصيته الفيزيولوجية أدخلته عالم السينما بعدما صقل خبرته وملكاته بالمسرح، فقدم مشاهد توازي مشاهد الأكاديميين، لكنه بقي عاشقاً للمسرح؛ فهو من مؤسسي فرقة مشروع حلم، وكاتب بعض نصوصها.

الممثل "علي إبراهيم" خريج كلية الآداب، قسم التاريخ، لم يجد نفسه يوماً المدرّس المولع بهذه المهنة المقدسة، لذلك كان التمثيل المستقبل الذي يرسم خطوطه بهدوء وصبر، وهنا قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 كانون الثاني 2017: «التمثيل بالنسبة لي هواية وليس حرفة وواجباً لإنتاج دخل مادي؛ وهذا ساعدني على العطاء والتميز فيه، والبداية كانت من "المسرح القومي" في "طرطوس"؛ لأن الحركة المسرحية في مدينتي "بانياس" كانت شبه معدومة في تلك المرحلة، وهذا انطلاقاً من أنني أجد نفسي بالتمثيل وليس بالتدريس، علماً أنني لست من أسرة فنية، ولم أتلقّ الدعم من بيئتي الاجتماعية؛ وهو ما أدى إلى وجود صعوبات، وخلق لدي حافز التحدي للعمل فطرياً بما أملك من حب وموهبة في هذا المجال، وهنا لا أنكر أن الدراسة الأكاديمية مهمة، لكن لم يحالفني الحظ لصقل مواهبي وتأطير قدراتي فيها، لذلك كان التحدي لإثبات الوجود صعباً جداً ومازال».

"علي" شاب موهوب، امتلك الصبر كأهم مقومات التمثيل الناجح والمثمر، فلا يكترث لصعوبات العمل ومعوقاته بل يتحدّاها، كما امتلك حب التعلم من كل فرد يصادفه أو يتعامل معه؛ وهذا شيء مهمّ للممثل ليكون ملمّاً بكل شيء، لأنه بالعموم لا يدرك طبيعة الأدوار التي يمكن أن تعرض عليه لتجسيدها، لذلك هو يجهز نفسه لها وبهدوء

ويتابع: «في "المسرح القومي" التحقت بالعديد من ورشات إعداد ممثل والتدريب الاحترافي، من دون أن يكون هدفي الوصول إلى "دمشق" عاصمة الفن والتمثيل، وشاركت بالعديد من الأعمال المسرحية العالمية والشعبية، وعملت على تطوير ذاتي ضمن كل عمل انطلاقاً من حماسي للعمل الذي تفوق على قلة الخبرة لدي في البداية؛ وهو ما وسّع مداركي وخبرتي مع العمل المستمر، حيث كانت غرفتي الصغيرة مسرحي الخاص للتدريب، وكنت فيها أقرأ الكتب العالمية الخاصة بالتمثيل وإعداد الممثل، وأشاهد الكثير من الأعمال المسرحية والسينمائية، وأقوم بتقمص الشخصيات فيها، وحاولت تجسيد هذا الأمر في حياتي الواقعية بين أصدقائي وفي تنقلاتي اليومية، لكسر الحواجز التي تقف عائقاً أمام تطوير ذاتي».

خلال أحد أعماله السينمائية

إذاً، التمثيل بالنسبة للممثل "علي" صدق المشاعر وإيمان بالحالة المجسدة بكل معنى الكلمة، وهذا أشعره بأن لديه شيئاً يجب العمل عليه، وهنا كانت انطلاقة المسرح، حيث قال: «قدمت مسرح الطفل وشاركتهم حياتهم اليومية؛ وهذا ساعدني كثيراً على تنمية بعض المهارات، وصقل قدرات صوتي؛ لأن التحكم بالصوت مهم جداً لإيصال الإحساس الحقيقي بما يخدم الشخصية والحالة، وكذلك أسست مع الصديق "ماهر أمين" فرقة مسرحية "مشروع حلم" ضمن مدينة "بانياس"؛ بهدف تأسيس حركة مسرحية تنفض الغبار عن هذه المدينة الحية، وتستقطب المواهب والشباب، وقدمنا العديد من الأعمال من كتاباتي وإخراج "ماهر"، أول عمل كان بعنوان: "بين الحلم والكابوس"، وكان لدينا خوف من الحضور، لكنه سرعان ما تبدد مع الحضور الكبير الذي شاهد العرض واقفاً لامتلاء الصالة في المركز الثقافي العربي، الذي دعمنا وشجّعنا».

امتلك الممثل "علي" شخصية فيزيولوجية سينمائية قوامها الطول والبشرة والطلة، فقادته إلى السينما التي يحلم بها، وأضاف: «بالمصادفة تعرّفت إلى المخرج "نجدت أنزور"، وشاركت معه بأول عمل سينمائي بعنوان: "فانية وتتبدد" بشخصية "المثنى"، وكانت هذه المشاركة تحدياً كبيراً بالنسبة لي مع امتلاكي المقومات الفيزيولوجية المناسبة، فكانت نقلة نوعية في مجال كنت أحلم به، إضافة إلى أنني شاركت مع ممثلين مخضرمين أكاديميين، مثل الممثل "فايز قزق"، وكانت مساحتي في العرض جيدة؛ وهي خمسة مشاهد وأربع لقطات، وهي توازي أدوار ممثلين أكاديميين، وكانت هذه البداية جميلة، وخطوة ثابتة نحو مستقبل أرسم له خطوطه العريضة بكل هدوء.

الممثل المسرحي ليث عباس

أما الفرصة الثانية، فكانت ضمن عمل آخر مع المخرج "نجدت" بعنوان: "ردّ القضاء"؛ لأنني أثبت جدارتي في العمل الأول، وحصلت على شخصية الشرطي "عمار" المناقضة تماماً للشخصية الأولى، وهذا تحدٍّ بالنسبة لي، وقدمت خمسة عشر مشهداً، وهنا لا أخفي أنني درست الحالة النفسية لشخصية الشرطي المحاصر لعام ونصف العام في سجن "حلب" عبر سؤال المحررين منه، والبحث في الإنترنت عن تلك المشاهد الواقعية المأخوذة من داخل السجن خلال فترة الحصار، حتى إنني بدأت أشعر وكأني فرد من هؤلاء الأبطال».

فالعمل مع شخصيات أكاديمية واحترافية اكتساب للخبرة بحسب قوله، مضيفاً: «مشاركة عمالقة السينما والدراما مكّنتني من امتصاص الخوف من رهبة الوقوف أمام الكاميرا، وأكسبتني المزيد من الخبرة النوعية وبناء العلاقات الاجتماعية الصحيحة، ناهيك عن الإحساس العالي بالمسؤولية الذي دفعني إلى التطور وتنمية المهارات في الحياة العامة، حيث أتقمّص الشخصية حتى خارج مواقع التصوير، ضمن المنزل والسيارة وبين الأصدقاء».

الممثل علي إبراهيم

وعمل أيضاً الممثل "علي" في المجال التطوعي لاكتساب المزيد من الخبرة والتجهيز لأدوار سينمائية خاصة ومعقدة، حيث قال هنا: «أنا كمتطوع في "الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية" ضمن قسم ذوي الاحتياجات، حيث كان خياري للتعايش مع هذه الحالات وإدراك طريقة تفكيرها وحياتها الشخصية، لأتمكن من العيش فيها فيما لو طلب مني تقديمها سينمائياً، فهي شخصية فريدة واستثنائية، وتحتاج إلى عمل متواصل للنجاح فيها، وهنا لا أنكر أن هؤلاء الأطفال أكسبوني الكثير من الأشياء ونمّوا مداركي أكثر، وصقلوا نفسيتي فكرياً واجتماعياً وتوعوياً».

وفي لقاء مع المخرج المسرحي "ماهر أمين"، تحدث عن موهبة الممثل "علي"، فقال: «"علي" شاب موهوب، امتلك الصبر كأهم مقومات التمثيل الناجح والمثمر، فلا يكترث لصعوبات العمل ومعوقاته بل يتحدّاها، كما امتلك حب التعلم من كل فرد يصادفه أو يتعامل معه؛ وهذا شيء مهمّ للممثل ليكون ملمّاً بكل شيء، لأنه بالعموم لا يدرك طبيعة الأدوار التي يمكن أن تعرض عليه لتجسيدها، لذلك هو يجهز نفسه لها وبهدوء».

أما الممثل المسرحي "ليث عباس"، فقال: «اشتغل الممثل "علي" على ثقافته العامة كثيراً، وتزود بمختلف المعارف لتكون رديفة لأي دور يطلب منه تجسيده، كما أن هذه الثقافة أهلّته ليكتب نصوصاً مسرحية جميلة، منها "بين الحلم والكابوس"، ولاقت استحسان الجمهور المتابع للمسرح، ومجمل هذا أهلّه لدخول السينما والنجاح بالأدوار الموكلة إليه، ناهيك عن الشخصية السينمائية التي امتلكها كالطول والبشرة وغيرهما، والعطاء الذي عرفناه منه عن قرب».

يشار إلى أنّ الممثل "علي عهد إبراهيم" من مواليد عام 1993، مدينة "بانياس".