ما زالت شجرة "الشيخ علي" -على الرغم من سنوات عمرها الطويلة- محافظةً على رسوخ جذورها وصلابة جذعها، وشاهدةً على الكثير من الحضارات التي تعدّدت بتعدّد فروعها، التي مازال بعضها قائماً حتى اليوم.

في أرض تنحدر باتجاه وادٍ سحيق من وديان قرية "السميحيقة" توجد شجرة "الشيخ علي" على بعد يقارب كيلو متر واحد من بيوت القرية القديمة. مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 2 كانون الثاني 2017، "محسن محمد غنام"؛ وهو رجل معمّر من قرية "السميحيقة"، حيث قال: «توجد في الجهة الجنوبية الغربية من القرية شجرة بلوط قديمة جداً يعود تاريخها إلى ألفي عام أو ربما أكثر من ذلك؛ فمنذ أن أسّست القرية القديمة قبل 322 عاماً كانت هذه الشجرة موجودة ومعروفة بضخامتها؛ وهذا ما تناقله الأبناء عن الأجداد، وقد توالت على هذه الأرض حضارات كثيرة ربما من العصر الحجري. والآثار الموجودة في المنطقة تدل على ذلك، كما تدل على أن لهذه الشجرة قدسية معينة لدى جميع الحضارات، والدليل هو وجود نواغيص ومدافن آرامية ويهودية وإسلامية و"خشاخيش" كلها في منطقة الشجرة العتيقة، سواء كانت تحتها أو بجوارها».

هي شجرة بلوط معمّرة، وقبل عدة أعوام كان ارتفاعها خمسة عشر متراً عندما كانت فروعها موجودة وبحالة نمو، وتغطي مساحة حول الشجرة تقدر بـ"دونم ونصف الدونم". أما الآن، فيبلغ ارتفاع الشجرة نحو عشرة أمتار أو ما يزيد على ذلك بقليل، ومحيط جذعها يتجاوز الخمسة أمتار ونصف المتر. أما جذورها، فتغطي مساحة أكبر من ذلك بكثير، وبسبب عوامل الطبيعة، وفي الربيع الماضي تحديداً، انهار أكبر وأقدم فرعين فيها

وعن سبب تسمية الشجرة، يقول: «منذ أن أسّست القرية قبل مئات السنين أطلق عليها شجرة "الشيخ علي" نسبةً إلى وجودها ملاصقة تماماً لضريح الشيخ "علي" في "السميحيقة"، ومازالت محتفظة بهذا الاسم إلى يومنا هذا، لكن لا بد من الإشارة إلى أن دائرة المساحة في مدينة "القدموس" تطلق عليها اسم شجرة "الشيخ غنام"؛ وهو مؤسس قرية "السميحيقة" وجدّها الأول. وتعتمد هذه التسمية عند إعداد خرائطها المعتمدة، وتعد ّبلوطة "الشيخ علي" نقطة علّام؛ لكونها ضخمة ويمكن مشاهدتها من مسافات بعيدة».

محمد الخطيب

أما عن صفات وأبعاد شجرة "الشيخ علي"، فيقول الدكتور "رائد علي غنام"؛ وهو من أبناء القرية والمهتمين بالحفاظ على معالمها الطبيعية والأثرية: «هي شجرة بلوط معمّرة، وقبل عدة أعوام كان ارتفاعها خمسة عشر متراً عندما كانت فروعها موجودة وبحالة نمو، وتغطي مساحة حول الشجرة تقدر بـ"دونم ونصف الدونم". أما الآن، فيبلغ ارتفاع الشجرة نحو عشرة أمتار أو ما يزيد على ذلك بقليل، ومحيط جذعها يتجاوز الخمسة أمتار ونصف المتر. أما جذورها، فتغطي مساحة أكبر من ذلك بكثير، وبسبب عوامل الطبيعة، وفي الربيع الماضي تحديداً، انهار أكبر وأقدم فرعين فيها».

ويضيف: «تمثّل البلوطة العتيقة ملاذاً لأنواع نباتية أخرى؛ ففي ظاهرة مميزة، كانت تنمو في أحد الفروع الضخمة قبل انهيارها شجيرتا تين ودلب. أما الآن ومنذ مدة، فقد نمت شجيرة سنديان صغيرة داخل الجذع الرئيس للبلوطة وعلى ارتفاع يقارب الـ 6 أمتار؛ وهذا أعطاها منظراً جميلاً ولافتاً. ولكوني من المهتمين بالحفاظ على الثروة الحراجية في منطقتي، أؤكد على ضرورة قيام دائرة الحراج في المنطقة بتوثيق مثل هذه الأشجار؛ لكونها تعدّ أيقونة متوارثة جيلاً بعد جيل».

ضخامة الجذور

تعدّ شجرة "الشيخ علي" الوحيدة المتبقية من الأشجار المعمّرة في قرية "السميحيقة"، ولكل شخص من الأهالي ذكرياته المرتبطة بها، ومنهم المتقاعد "محمد مالك الخطيب"، الذي يعمل حالياً سائق حافلة، ويقول: «بحكم عملي أقوم باستمرار بإيصال الزائرين إلى هذه المنطقة، حيث تمثّل البلوطة المعمرة ملتقى واستراحة للشبان والشابات خاصة في أيام الربيع والصيف، حتى إنها لا تخلو من الزائرين في الشتاء. وقد بنيت بجوارها شرفة واسعة يجتمع عندها مرتادو المكان لممارسة طقوس الشواء والجلسات الريفية المميزة، كما أنها تعدّ استراحة للمزارعين أثناء ذهابهم إلى أراضيهم المجاورة وعودتهم منها؛ خاصةً في مواسم جني المحاصيل».

شجيرة سنديان داخل البلوطة