بخطوطه الدقيقة وتفاصيل لوحاته العميقة؛ استطاع الفنان "بشار سليمان" رسم لوحته بأسلوب خاص مكّنه من صنع بصمة لنفسه في هذا المجال، مستعرضاً فيها مهاراته الفنية المتنوعة؛ باعتماده الحبر الجاف في رسوماته.

الرسم فنّ يعتمد الصور الحياتية التي يعيشها الإنسان ويختبرها وما يكوّن خلالها من أحاسيس ومشاعر وذكريات؛ هذا ما بدأ به كلامه لمدونة وطن "eSyria" الفنان "بشار مالك سليمان"، عندما تواصلنا معه بتاريخ 3 كانون الثاني 2017، ليحدثنا عن بداياته بالرسم بالقول: «نشأت وترعرعت بين البيئة الدمشقية التي ولدت وعشت فيها معظم طفولتي، والبيئة الساحلية التي هي بيئتي الأصلية، هذا التنوع بين البيئتين كان له أثر كبير في تنمية موهبتي في الرسم، إضافة إلى وجود محيط ساعد على صقل هذه الموهبة وإظهارها؛ فأخي الأكبر "هشام" فنان في مجال رسومات الأطفال، وخالي الفنان التشكيلي "أحمد خليل"، ولا شك أن دور أسرتي كان مهماً من ناحية التشجيع والدعم المعنوي، وتوفير كل ما يلزم من أدوات لتنمية هذه الموهبة، وعلى الرغم من ذلك، فقد فرضت علي ظروف دراستي لكلية التربية أن أبتعد عن هوايتي الجميلة لعدة سنوات، لتعود في عام 2013 وتحتل من جديد نصف حياتي المهنية، وتتكامل مع مهنتي الأساسية "التدريس"؛ فهناك تناغم بينهما؛ فبرأيي الفنّ تربية، والتربية فنّ».

شاب موهوب، امتلك عيناً أشبه بعدسة الكاميرا، فهو يرى التفاصيل بأدق مكوناتها والظل بأخف درجاته، ويستعمل قلم الحبر الجاف في أداء لوحاته بصبر وأناة من النادر أن يتحلى بها غيره، كما أنه شاب دؤوب يعمل على اللوحة حتى ينتهي منها، فقد برع بوجه خاص في رسم وجوه الأشخاص بأدق التفاصيل، حتى إنني في البداية ظننتها مجهزة عبر الحاسوب لما تتمتع به من دقة عالية، وله تجارب بالألوان المائية والزيتية أظنّ أنها ستضاهي أعماله بالحبر الجاف، وتنافسها في المستقبل

الرسم كأحد الفنون هو رؤية كل ما يحيط بنا بطريقة أجمل وأرقى؛ فهو بكل مجالاته مظهر من مظاهر الجمال الصريح في هذا العالم، وهو أساس وركيزة لأي حضارة تسعى إلى تخليد ذكراها عبر التاريخ؛ هذا ما قاله في حديثه، ويتابع: «من خلال رسوماتي أسعى للوصول إلى إنتاج تكوينات وتشكيلات فنية تحقق شروط الانسجام والبناء الصحيح للوحة، سواء كان موضوع الرسم موجوداً أمامي أم في مخيلتي، وسعياً مني إلى تطوير مهاراتي بالرسم أعتمد أسلوب الدمج بين موضوعين أو مشهدين في تشكيل معين لإبراز قصة أو فكرة أو دلالة، إضافة إلى أنني منذ عام 2016 ركزت في رسوماتي على اللون الأزرق الجاف لما يحمله من ميزات ودلالات؛ فهو لون البحر والسماء، ويعبر عن اللا محدود واللا نهاية، والرسم بالجاف يحد القدرة البصرية والعصبية والنفسية بآن واحد؛ فلا مجال لإصلاح الخطأ؛ لذلك يحتاج إلى الثقة والصبر والهدوء والتحدي ليخرج العمل الفني بالصورة المثلى».

الرسم بالأزرق الجاف

الإبداع كمفهوم هو إنتاج الجديد أو إعادة إنتاج الشيء الموجود بطريقة جديدة أو مبتكرة؛ هذا ما أضافه الفنان "بشار"، ويكمل حديثه: «أحببت رسم البورتريه وفضّلته على العديد من الأنواع الفنية؛ لأن رسم الأشخاص يحتاج إلى استغراق بدرجة عميقة وإحساس داخلي يمكّن الرسام من تمثيل الحالة النفسية والذهنية للشخص المرسوم؛ فليس المهم أن نرسم وجه شخص بنسب صحيحة، بل على الفنان أن ينقل حالة الشخص الذي يرسمه وانفعاله لحظة التقاط المشهد، ويعدّ هذا اختباراً صارماً لقدرة الرسام ومهارته، وكان هو الدافع للخوض في هذا المجال أكثر من غيره، كما أنني رسمت العديد من اللوحات التي تعبر عن الطبيعة والمعالم الأثرية والأبنية، وأسعى دائماً إلى التنويع بمواضيعي التي أرسمها، وفي استخدام الأدوات المستخدمة بالرسم لإبداع أجمل اللوحات».

وعن الرسالة التي يريد إيصالها من خلال رسوماته، يقول: «الرسم فنّ عظيم لدرجة أنه يحوّل المشهد الأليم إلى لوحة تستهدف أعمق مكنونات النفس لتوقظ فيها أرقى المشاعر، وهنا تكون اللوحة الفنية قد فعلت فعلها في النفس الإنسانية بقدر ما فعلت في بصر الإنسان ورؤيته، فأنا كفنان سوري في هذا الزمن المظلم والمؤلم أحاول نشر رسالة الجمال التي حملها الإنسان السوري منذ بدء تكوّن الحضارة إلى يومنا هذا.

بورتريه بالأسود الجاف

والموهبة كالنبتة تحتاج إلى عناية ورعاية، فيمكن لأي شخص أن يصبح فناناً في مجال معين عندما يتوفر لديه الشغف بمجال فني معين والإرادة والتصميم على الخوض فيه؛ فالممارسة والتدريب والدراسة جميعها كفيلة بتحقيق نتائج باهرة، وخصوصاً في أيامنا هذه بسبب توفر الإنترنت يمكن لمن يجد لديه الموهبة في مجال معين أن يطوّر مهاراته ويصقل موهبته، فوجود الموهبة يوفر الكثير من الوقت والجهد».

الفنان التشكيلي "محمد هشام الخياط"، حدّثنا عن "بشار" بالقول: «شاب موهوب، امتلك عيناً أشبه بعدسة الكاميرا، فهو يرى التفاصيل بأدق مكوناتها والظل بأخف درجاته، ويستعمل قلم الحبر الجاف في أداء لوحاته بصبر وأناة من النادر أن يتحلى بها غيره، كما أنه شاب دؤوب يعمل على اللوحة حتى ينتهي منها، فقد برع بوجه خاص في رسم وجوه الأشخاص بأدق التفاصيل، حتى إنني في البداية ظننتها مجهزة عبر الحاسوب لما تتمتع به من دقة عالية، وله تجارب بالألوان المائية والزيتية أظنّ أنها ستضاهي أعماله بالحبر الجاف، وتنافسها في المستقبل».

الجدير بالذكر، أن الفنان "بشار مالك سليمان" من مواليد "دمشق" عام 1984، ومقيم في "طرطوس"، له عدة مشاركات بمعارض وفعاليات على المستويين المحلي والعالمي؛ فقد شارك بمعرض "أناقة روح"، الذي أقيم في المركز الثقافي في مدينة "صافيتا"، كما شارك بالمهرجان العالمي لفنون الخشب في جمهورية "نيبال"، وشارك في عدة ملتقيات فنية ومعارض في "طرابلس" و"الشويفات" و"بيروت" و"الجنوب اللبناني"، وتم تكريمه خلالها، وحصل على جائزة أفضل عمل فني في مجال الرسم برعاية "مشروع دمشق 2020" وفريق "لمسة سورية".