رجل في الستين من عمره في منطقة "مشتى الحلو" ومحيطها الجغرافي بمحافظة "طرطوس"، اشتهر بمعالجة الحروق وشفائها من خلال دواء طبي خاص قام بصنعه؛ فالمصاب بالحروق في هذه المناطق لا يتذكر سوى هذا الاسم حين يتألم.

مدونة وطن "eSyria" زارت "ميخائيل عيد" بتاريخ 21 تشرين الثاني 2016، ليبدأ حديثه عن مشواره في معالجة الحروق الذي امتد لخمسة وثلاثين عاماً بالقول: «البداية كانت في عام 1981 عندما أصيبت ابنتي ذات الستة أعوام بحرق شديد في جسمها، فأسعفتها إلى مستشفى في منطقة "محردة" بمحافظة "حماة"، لكن بعد أيام من المعالجة لم نتوصل إلى النتائج المرادة، وخلال سعيي في البحث عن أدوية أو مواد تساعدها في الوصول إلى الشفاء من الحروق والتشوهات الجلدية الناتجة عن الحرارة المرتفعة والالتهابات؛ تعرفت إلى أحد الأشخاص هناك وتعاون معي للوصول إلى مجموعة من المواد التي تضاف بكميات محددة، وصنعت منها هذا المركّب وعالجت ابنتي به فكانت النتائج إيجابية وسريعة في زوال الالتهاب وشفاء الجلد، فمن وجع ابنتي وألمها امتلكت إصراراً كبيراً لإيجاد العلاج لها».

معالجة الحروق تحتاج إلى استمرارية ومتابعة من ذوي الخبرة في تنظيف الحروق وإزالة الالتهابات منها وإعادة ترميمها؛ من خلال وضع المادة الصحيحة بالكمية والأسلوب الصحيح، ويعتمد ذلك درجة الحروق؛ بسيطة أو متوسطة أو مرتفعة. فالعمل ليس فقط مادة نضعها ونتركها للزمن؛ وإنما كيفية تطبيق الإجراء الصحيح للعلاج الذي يتطلب وقتاً وصبراً وخبرة لنصل إلى الشفاء المطلوب

ويتابع: «بعد هذه التجربة واختبارها مرات عدة، بدأ الأصدقاء والمعارف وأبناء المنطقة يأتون إليّ ليتعالجوا من حروقهم أو تشوهاتهم الجلدية الناتجة عن مختلف الحوادث والأزمات، فانتشرت المادة بسرعة في منطقتنا ومحيطها، ونلت ثقة الناس خلال لمسهم ورؤيتهم لنتائجها المضمونة والثابتة في نهاية مراحل الشفاء، وإما أن يأتي المصاب إلى منزلي، أو أذهب أنا إلى مكان إقامته لتلقي العلاج ومتابعته لأيام أو أسابيع حسب درجة الحروق إن كانت بسيطة أو متوسطة أو مرتفعة، كل هذا كان مجانياً لمدة تجاوزت ستة عشر عاماً. أما الآن، فهو متوفر بأسعار رمزية، أذهب في أي وقت لمعاينة المصاب وأعطيه العلاج المناسب كعمل إنساني لأبناء هذه المنطقة بمختلف حالاتهم وأوضاعهم».

المستحضر الذي صنعه ميخائيل لمعالجه الحروق

يوضح "ميخائيل عيد" عن المركّب قائلاً: «هو عبارة عن مزيج من مجموعة مواد طبية تحتوي بعض مضادات الالتهابات والمعقمات، إضافة إلى مرممات خاصة للخلايا الجلدية، وبعد خلط النسب الصحيحة بدقة يبدأ العلاج أولاً بتنظيف الحرق جيداً من الدم المجمد فوق سطح الجلد، وهذه مرحلة مهمة؛ لأن المركب لا يؤدي إلى النهاية الصحيحة والمطلوبة إذا لم يكن مكان الإصابة خالياً تماماً من أي جسم غريب، ثم أبدأ بوضع المركب على الحرق مباشرةً ونراقب تطوره وتحسنه كل يوم أو يومين؛ وذلك حسب درجة الاحتراق».

وعن أصعب حالة حروق واجهته خلال عمله، يقول: «أصعب حالة كانت لفتاة بعمر ستة أعوام من قرية "جنين" القريبة من "مشتى الحلو"، وصلت إليها بعد اتصال من والدتها، وعندما رأيتها كانت مطروحة أرضاً وفاقدة لوعيها نتيجة احتراقها بمدفأة حطب، وفي ذات الوقت سكبت عليها بعض المواد سريعة الاشتعال، فالتهمتها ألسنة النار، وكانت هذه الحادثة قبل عشرين يوماً من وصولي إليها، خلال هذه المدة حاول ذووها معالجتها ببعض المراهم الجلدية من دون أي جدوى، فكانت صعوبة الحالة نتيجة التصاق الدماء الجافة على الحروق، فأخذت معي وقتاً طويلاً لإزالة هذه المواد وكشف الحروق بعد تنظيفها تماماً من الدم، ثم وضع المادة التي صنعتها على مساحات الحروق الكبيرة، وبعد يومين عدت إليها فوجدتها جالسة تأكل، وأخبرتني والدتها أنها قبل علاجي كانت غير قادرة على الحركة أو حتى النوم بسبب ارتفاع حرارتها وألمها، وبعد أربعة أسابيع شفيت الفتاة، وأصبحت صحتها جيدة».

يتابع مضيفاً: «معالجة الحروق تحتاج إلى استمرارية ومتابعة من ذوي الخبرة في تنظيف الحروق وإزالة الالتهابات منها وإعادة ترميمها؛ من خلال وضع المادة الصحيحة بالكمية والأسلوب الصحيح، ويعتمد ذلك درجة الحروق؛ بسيطة أو متوسطة أو مرتفعة. فالعمل ليس فقط مادة نضعها ونتركها للزمن؛ وإنما كيفية تطبيق الإجراء الصحيح للعلاج الذي يتطلب وقتاً وصبراً وخبرة لنصل إلى الشفاء المطلوب».

"عدنان ديوب" من الأشخاص الذين تعرضوا إلى إصابات وحروق مع زوجته نتيجة الأحداث الجارية في بلدنا، وعن الحادث الذي أصيب به بتاريخ 5 أيلول 2016، يقول: «تم إسعافي وزوجتي إلى مستشفى "الباسل" في محافظة "طرطوس"، وتلقينا العلاج على يد الطبيب المختص، وبعد خروجنا من المستشفى كنا نعاني التشوّهات الجلدية الناتجة عن الشظايا والحرارة المرتفعة من النار، حينئذ توجهنا إلى "ميخائيل عيد"؛ لأننا نعرف مسبقاً أن لديه دواء استعمله الكثيرون من معارفنا ونصحوا به، وفعلاً كانت نتائجه إيجابية وسريعة في ترميم الجلد وزوال الحروق وعودة اللون الطبيعي إلى الجلد. كما يُعرف عن "ميخائيل عيد" هدوؤه بالعمل وإصراره على دقة تنفيذ مراحل العلاج، ودراسة كل ما يتعلق بحالة المريض».

يضيف الدكتور "رفيق عيد" الاختصاصي في الجراحة التجميلية في مستشفى "المواساة" بـ"دمشق": «استطاع "ميخائيل عيد" بجهوده الخاصة أن يصنع مستحضراً يشفي من الحروق وتشوهاتها من خلال خبرته الخاصة لسنوات طويلة، وهذا المستحضر يحقق نتائج ممتازة عند استخدامه؛ فهو مركب من مواد صيدلانية وطبية أثبتت جدارتها وفعاليتها في تخفيف الأوجاع لدى المصابين، وتسريع عملية علاج البشرة والنسيج تحت الجلد والأدمة بصورة جيدة، ومع أنني اختصاصي في جراحة التجميل، إلا أنّني عندما أصبت بحروق وأنا في "دمشق" سافرت إلى منطقة "مشتى الحلو" لتلقي العلاج على يد هذا الرجل، وكانت نتيجة الشفاء غير متوقعة؛ حيث إن المساحات الجلدية المحترقة عادت إلى حالتها الأولى تحت متابعته وإشرافه، وكانت النتائج آمنة، والتجربة أكبر دليل على نجاحها».

يذكر أن "ميخائيل عيد" من مواليد عام 1948، منطقة "مشتى الحلو".