عندما قرر "أيمن ابراهيم" أن يبدأ رحلته إلى البرازيل منذ ثلاثة وعشرين عاماً وضع في اعتباره أن ينقل نموذجاً حياتياً سورياً معه، فكانت المأكولات العربية السورية هي الوسيلة، خاصة أنها غريبة عن المعتاد بالنسبة لسكان "ريو دي جانرو" البرازيليين؛ الذين أحبوها وباتت من تقاليدهم في الأعراس والحفلات.

مدونة وطن "eSyria" التقت وبتايخ 11 آذار 2015، السيد "أيمن ابراهيم"، وهو مغترب سوري يقيم في دولة "البرازيل" في مدينة "ريو دي جانيرو"، ليروي لنا قصة اغترابه ومهنته هناك قائلاً: «في تسعينيات القرن الماضي كنت شاباً في العشرينيات، فكرت بالسفر إلى "البرازيل" والعمل فيها من دون تحديد للمهنة، وشجعني أكثر معرفتي المبدئية بهذه البلاد، نظراً لأن أبي وجدّي من قبله، كانا قد استقرا فيها مدة من الزمن، ومنذ لحظة وصولي واستقراري، فكرت بالعمل في مهنة تكون لصيقة بالبلد الذي نشأت فيه وثقافته وطقوسه، وكانت البداية في المطاعم الشرقية؛ حيث بدأت تعلم طهو "الكبب" والفطائر الشامية والحلبية، التي لاقت وما تزال رواجاً لدى البرازيليين، ولكن مع مرور الوقت، وبعد أن كثر عدد المطاعم العربية ذات الطابع الشرقي، فكرت في شيء خاص لم ينتشر بعد، وكانت فكرة تعلم إعداد الحلويات الشرقية وخصوصاً السورية».

أشعر بأنني حققت حلمي وهدفي؛ ألا أتحول إلى مغترب يعمل بأي مهنة عادية، لا تلتصق بطابع بلدي السوري الأصيل، وعندما يأتي زبون برازيلي ليشتري من محلي، أشعر بسرورِ وخصوصاً حين يبدي إعجابه ويهتم بمعرفة معلومات مبدئية عن كيفية إعداده وما إلى ذلك، هنا أشعر بأنني أعرّف بلدي بطريقة ما، ورغم بساطتها، تعني لي الكثير

الحماسة التي تجلت على وجه "أيمن" وهو يتحدث عن بدايات إتقانه مهنته، بيّنت لي كم يعشق هذا الرجل عمله، موضحاً: «لم أعدّ من قبل أي صنف من الحلويات في حياتي، لذلك ورغم صعوبة الفكرة قررت البدء مع أحد المحال اللبنانية التي كانت تعد الحلوى الشرقية كـ"المعمول" والكعك، وبالفعل بدأت تعلم إعداد الحلوى، والعمل بجد إلى أن تمكنت من افتتاح محل خاص بي، وحينها طورت أنواع الحلوى الشرقية، بأن أدخلت إليها الحلوى السورية كـ"البقلاوة والوربات والنمورة"، التي لاقت إقبالاً من سكان "ريو دي جانيرو"، الذين لم يكونوا قد تذوقوا نوعاً مماثلاً من الحلوى من قبل، وهو ما شجعني على تصديرها إلى باقي مدن البرازيل».

أحد الصناع يرحب بنا في مطبخه

معمل الحلوى الشرقية الذي يمتلكه "أيمن" اليوم، يعمل فيه سوريون وبرازيليون، تعلموا كيفية إعداد هذه الحلويات التي باتت مشهورة ومطلوبة جداً في "البرازيل"، وما تزال تحافظ على اسمها السوري العربي.

يختتم "أيمن" لقاءه قائلاً: «أشعر بأنني حققت حلمي وهدفي؛ ألا أتحول إلى مغترب يعمل بأي مهنة عادية، لا تلتصق بطابع بلدي السوري الأصيل، وعندما يأتي زبون برازيلي ليشتري من محلي، أشعر بسرورِ وخصوصاً حين يبدي إعجابه ويهتم بمعرفة معلومات مبدئية عن كيفية إعداده وما إلى ذلك، هنا أشعر بأنني أعرّف بلدي بطريقة ما، ورغم بساطتها، تعني لي الكثير».

العمال يعملون بجد

يتجلى قبول الحلويات الشرقية من قبل البرازيلين من خلال طلبهم لها بعد وجباتهم، وهو ما أكده لنا السيد "نيكولا حبري" الذي يمتلك مطعماً في منطقة "كوباكابانا" قائلاً: «أصبح تقديم الحلوى الشرقية عادة في مطعمي وبناء على طلب الزبائن بعد وجباتهم، وبالفعل البرازيليون يحبون هذا النوع بل يفضلونه معظم الأحيان على حلوياتهم التقليدية، وبالأخص "البقلاوة والهريسة"، لذلك أقوم بشراء كميات من الحلوى من محل السيد "أيمن" الذي بدوره يتفاعل مع ملاحظات ورغبات زوار المطعم فيضيف أحياناً نكهات أو يقلل أخرى، وأنا بدوري من أصول لبنانية تعشق الأكل العربي، وهذه الحلوى تذكرني دائماً بأصلي العربي».

نيكولا حبري