بأنامل نمت على حب الفن والإبداع، وبأدوات متواضعة وبسيطة دخل عالم النحت من بابه الجميل، إثر صدمةٍ كان للأفعى فيها دورٌ محوري وغريب.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "أكرم مصطفى" بتاريخ 30 تشرين الأول 2014؛ ليحدثنا عن بدايات عمله في النحت، فبدأ قائلاً: «منذ طفولتي وأنا أحب الرسم والطبيعة التي تسحرني بألوانها الزاهية المنسجمة، سواء في البحار أو في الصحارى، فالطبيعة هي من اكتشفت موهبتي ولست أنا، وذلك عندما كنت أعمل في حديقة منزلي وأعتني بشجر الزيتون، وأنا ألتقط حباته من الأرض هرعت فجأة حين ظننت أن أفعى مرت بقربي وكادت تلدغني، فرجعت إلى الوراء، وبعد وهلة أدركت أنه جزع شجرة بطم، وهنا كانت بداية انطلاقتي في مجال النحت، فقررت أن أقطع الجزع وأحوله إلى منحوتة خشبية على شكل أفعى، وهذا ما حدث فعلاً، وقد أعجب بها كل من رآها، فكانت الدافع الأقوى لأكمل مسيري على طريق النحت؛ كان ذلك قبل سنة ونصف السنة فقط».

لا تقتصر رسالتي على زمن معين، وليست حكراً على شخصيات فقط، بل هي رسالة شاملة واسعة باتساع خيال الفنان، تسلط الضوء على الإيجابي والسلبي من تفاصيل الحياة، فكل منحوتة تحتوي موضوعها الخاص؛ فمنها الاجتماعي والسياسي، لكن غلب عليها الطابع الوطني؛ كمنحوتة الشيخ "صالح العلي"، و"صلاح الدين الأيوبي"، و"شكري العسلي" أحد شهداء 6 أيار ضد الاحتلال العثماني، فأنا لا أقيد نفسي بمدرسة فنية واحدة، بل أتمرد على التخصص وأطلق لمخيلتي العنان لترسو على أي برٍ تجد نفسها فيه

وعن إقبال أهالي المنطقة والزوار على معرضه، حدثنا متابعاً: «لم أتوقع أن يشهد معرضي المتواضع هذا الإقبال منقطع النظير رغم حداثة ولادته، وهذا ما شجعني بشدة لأتابع مشواري الفني الذي لاحت بشائر خيره حين حققت البانوراما "كنا سوا وسنبقى" نجاحاً كبيراً، وكان للإعلام بنوعيه المرئي والمقروء وجوده في معظم المعارض التي شاركت بها، مثل المعرض الذي أقيم في المركز الثقافي بمدينة "الدريكيش"، ومهرجان الساحل بعنوان "رسائل وطن" في العام الماضي مع ابنتي الرسامة "سيزار" بأفكار وعناصر جديدة وبكافة أنواع الخشب من بطم وزيتون وسنديان وزعرور وبلوط وليمون وغيرها، لأن الفن والإبداع لا يتوقف عند حد ويتحدى كل الظروف ويتأقلم معها، وهنا تكمن موهبة الفنان الحقيقي في تسخير الطبيعة لخلق أجمل المنحوتات».

الأفعى؛ سر الموهبة

وعن الرسائل التي تتضمنها منحوتاته، يضيف: «لا تقتصر رسالتي على زمن معين، وليست حكراً على شخصيات فقط، بل هي رسالة شاملة واسعة باتساع خيال الفنان، تسلط الضوء على الإيجابي والسلبي من تفاصيل الحياة، فكل منحوتة تحتوي موضوعها الخاص؛ فمنها الاجتماعي والسياسي، لكن غلب عليها الطابع الوطني؛ كمنحوتة الشيخ "صالح العلي"، و"صلاح الدين الأيوبي"، و"شكري العسلي" أحد شهداء 6 أيار ضد الاحتلال العثماني، فأنا لا أقيد نفسي بمدرسة فنية واحدة، بل أتمرد على التخصص وأطلق لمخيلتي العنان لترسو على أي برٍ تجد نفسها فيه».

ولرؤية "مصطفى" بعيون محيطه؛ كان لنا لقاء مع ابنه "شعيب مصطفى" (19 عاماً) ليقول: «عندما بدأ والدي يعمل في النحت شعرت بالسعادة والتميز، خاصة بعد أن بدأت أعماله الفنية تنتشر وتأخذ صيتاً طيباً في المنطقة، وبدأ الزوار يتوافدون إليه من جميع المناطق، ومن ناحية أخرى كان إبداع والدي في نحت الصخر انتقالاً طيباً لمسيرته ونجاحاً آخر أفتخر به، وكان عمله الصخري الأخير درساً ثميناً لي؛ فقد كنت حينها أدرس للشهادة الثانوية، وأراه يعمل ليلاً نهاراً في منحوتته، وبأدوات بسيطة دون أي تذمر وتحت أشعة الشمس الحادة، فكنت أعود إلى كتابي بعزيمة وإصرار أكبر».

في مشغله

كما التقت المدونة أيضاً الفنان "حسان عزيز" ليخبرنا عن رؤيته لمنحوتات "مصطفى"؛ فقال: «عند زيارتي لأول مرة لمشغله ومنزله ضمن الطبيعة الخلابة تفاجأت بكثرة المنحوتات الخشبية الجميلة، فكل منحوتة لها حكايتها ورموزها ودلالاتها، فرأيته مشغلاً مملوءاً بالحب والعطاء والعفوية الصادقة، فالفنان يرضخ لهواجسه وأحاسيسه ليستعجل ترجمتها وقولها كمنحوتة تدهش الناظرين، وفوجئت حينها بقدرته على نحت الصخر بأدوات بسيطة كالإزميل والمطرقة، وكانت أعماله مميزة بالنسبة لنحات ذي تجربة جديدة على مادة قاسية خلال مدة قصيرة من عمره الفني، فقد تميز الفنان "أكرم" ببساطة منحوتاته وعفويتها وقوة إحساسه الداخلي الصادق المحب والوطني، فهنا مكامن القوة والإصرار على إظهار إنسانيته الرائعة، وأرى أن تجربته مهمة وتستحق الاهتمام، وأتمنى له كل التوفيق والنجاح».

الفنان "أكرم مصطفى" من مواليد مدينة "الدريكيش" عام 1960، متزوج وله من الأولاد شابان وفتاة.

من معرضه الدائم بجوار منزله