شهدت القرية نشاطاً صناعياً واسعاً من عدة عقود، تبعه نشاط بشري عمراني متعدد الاتجاهات، وصولاً إلى الجانب التعليمي الذي جعل من القرية مركزاً لعدة كليات جامعية علمية.

تقع قرية "بيت كمونة" شرق مدينة "طرطوس" وجنوبها، ويفصلها عنها طريق "دمشق - اللاذقية"، في حين يفصل طريق عام "طرطوس - صافيتا" قسماً كبيراً من أراضي القرية -بما فيها المنطقة الصناعية- عن التجمع السكاني لأهلها، من هنا نلاحظ أن موقع القرية مميز جداً، لجميع الأنشطة البشرية، وهو ما ساهم بالاستقرار السكاني واتجاهه نحو النمو والازدهار الذي تتوج بإنشاء كليات جامعية تابعة لجامعة تشرين الثانية في "طرطوس"، حدثنا عنها الأستاذ "محمود عبد العزيز أحمد" مدرس في المدرسة الصناعية خلال لقائه بمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 تشرين الأول 2014، حيث قال: «إضافة لوجود مدارس لكافة المراحل التعليمية، فقد تم تحويل المعهد الزراعي في القرية إلى كليات جامعية تدرس "الاتصالات والمعلومات، العلوم، الرياضيات، والكيمياء"، وعادت بفائدة كبيرة للمنطقة عموماً، من حيث الحركة التجارية القائمة على طلاب الجامعة والعاملين فيها، ومن حيث حركة سوق العقارات بالنسبة لآجار الغرف والبيوت، إضافة إلى أن وجود الجامعة بحد ذاتها أمر جيد يفتخر به من الناحية المعنوية».

إضافة لوجود مدارس لكافة المراحل التعليمية، فقد تم تحويل المعهد الزراعي في القرية إلى كليات جامعية تدرس "الاتصالات والمعلومات، العلوم، الرياضيات، والكيمياء"، وعادت بفائدة كبيرة للمنطقة عموماً، من حيث الحركة التجارية القائمة على طلاب الجامعة والعاملين فيها، ومن حيث حركة سوق العقارات بالنسبة لآجار الغرف والبيوت، إضافة إلى أن وجود الجامعة بحد ذاتها أمر جيد يفتخر به من الناحية المعنوية

تعد "بيت كمونة" مركز بلدية لعدة قرى مجاورة استفادت بدورها من الحركة البشرية المزدهرة في القرية، يحدثنا عنها السيد "سلمان أحمد" مختار القرية بالقول: «يحد "بيت كمونة" من الشمال قرية "بيت عليان"، ومن الجهة الغربية "قرية العنابية"، وشرقاً "دحباش" وقسم من "النقيب"، أما قرية "المطاهرية" فتحدها من الجنوب، ونتيجة لأهمية موقعها وملاصقتها للمدينة فقد ربطتها بكافة المناطق المجاورة شبكة طرق حيوية تؤمن مستلزمات النقل الحديث، وتبلغ مساحة القرية وأراضيها حوالي 770 هكتاراً، اقتطع منها 130 هكتاراً للمنطقة الصناعية، والقرية مركز بلدية لعدة قرى: "بيت عليان، دحباش، بيت الجبل، حاموش سرسكة، بيت ناصر، العنابية"، وهي بلدية حديثة العهد منذ سبع سنوات، لذلك فإن المخطط التنظيمي لا يزال قيد الدراسة، ورغم ذلك فإن حركة البناء والنشاط الصناعي التجاري وصلت بين مدينة "طرطوس" والقرية بوجه شبه كامل، في حين سيعمل المخطط فور صدوره على تنظيم حركة البناء والاتجاه بها عمودياً، ويذكر هنا أننا طالبنا ونطالب دائماً بنقل خطوط التوتر العالي التي تمر وسط القرية بسبب عدم ملاءمتها للنشاط والتعداد السكاني الكثيف، ويصل عدد سكانها إلى 3500 نسمة، تزيد عليهم أعداد أخرى من الوافدين للعمل والتعليم الجامعي من مناطق "طرطوس"، ومن خارج المحافظة».

وفي جانب آخر تميزت قرية "بيت كمونة" باعتبارها أقامت أول دوري لكرة القدم الشعبية في "طرطوس"، في سبعينيات القرن الماضي، ولا يزال الدوري العريق يقام سنوياً على ملعب القرية، إضافة إلى أن معظم رجال القرية حتى المعمرين منهم لاعبون قدماء ومؤسسون لهذا الدوري الشعبي المعروف على مستوى محافظة "طرطوس".

بالعودة للأستاذ "محمود أحمد" فإنه يتابع حديثه في السياق الاقتصادي بالقول: «تراجعت الزراعة كثيراً في القرية على حساب التمدد الصناعي بوجه خاص، حيث اقطتعت المنطقة الصناعية في "طرطوس" أجزاء كبيرة من الأراضي شرق أوتستراد "دمشق - اللاذقية"، في ثمانينيات القرن الماضي، وحالياً مع صدور المخطط التنظيمي الجديد لتوسع المنطقة الصناعية سيتم اقتطاع مساحات واسعة من الأراضي الزراعية لمصلحة المنطقة الصناعية، بالتالي أصبحت طبيعة القرية وأعمالها صناعية تجارية بامتياز، وعلى ذلك فإن ما تبقى من مساحات صغيرة انحصرت بزراعة الزيتون وبعض المزروعات المحمية والموسمية الصغيرة، وقام كثيرون من شباب القرية بفتح ورشات صناعية على الطريق العام "طرطوس - صافيتا"، إضافة للقادمين من خارج المحافظة ممن افتتحوا ورشات صناعية وتجارية في القرية وجوارها، وعلى الطريق العام الذي يقع بين المنطقة الصناعية والقرية».

"بيت كمونة" جانب السهم الأحمر على خرائط غوغل

وباعتبار قرية "بيت كمونة" ملاصقة لمدينة "طرطوس" من الجهة الجنوبية الشرقية؛ فإن ذلك يشجع على النشاط العمراني الواسع، إلا أن حركة البناء متواضعة مقارنة بموقعها ومكانتها التجارية والصناعية، ومرد ذلك لكون عقارت القرية قائمة على أساس حصص سهمية، دون أي فرز عقاري، وهو ما يعرقل عمليات البيع والشراء وسحب القروض، وهذا الأمر منوط بالبلدية حديثة العهد.

وفي لقاء آخر يقول الشاب "سامر أحمد" صاحب متجر وسط القرية: «بدأ النشاط البشري الواسع يغزو قريتنا منذ عدة سنين خلت، وكثيرون من القادمين إلى القرية هم مهجرون بسبب الحرب في البلاد، ومعظمهم من محافظة "حمص"، قدموا إلى هنا، وبنوا منشآت وورشات صناعية "صناعات بلاستيكية، معمل للأدوية البيطرية، ورشات تغليف،..."، أما الجامعة فهي جانب مهم للغاية في تطوير الأعمال التجارية بمختلف أنواعها.

الأستاذ "محمود عبد العزيز أحمد"

لكن وضع القرية الحالي سيتطور أكثر عند صدور المخطط التنظيمي، من حيث النشاط العمراني الأفقي والعمودي الكبير، الذي سيجر بدوره مزيداً من الاستثمارات بمختلف أنواعها، باختصار؛ إن كل شيء في القرية قادر أن يكون مصدراً للدخل المادي بسبب موقعها المهم».