لكل امرءٍ من اسمه نصيب، ونصيب الشاعرة "نعمى" أن يكون اسمها ملهم كتاباتها الشعرية، فخطت كلمات وجدانية بصور ومفردات تسلسلية، جزلة ومكثفة وموجزة ومعبرة.

إن تجربتها في شعر "الهايكو" غِنى لمسيرتها الأدبية، وهذا باعتراف صريح منها، ومجموعتها الشعرية "قصائد في هيكل النون" منتجها الأول حتى الآن، وهذه خطوة في درب الأدب، ومدونة وطن "eSyria" كان لها موعد مع هذه الشاعرة "نعمى سليمان" بتاريخ 22 تشرين الأول 2014، حيث كان الحوار التالي:

لقد كتبت الشاعرة "نعمى سليمان" قصيدة واحدة في مجموعة نصوصها المعنونة "قصائد في هيكل النون"، قصيدة الأنثى بلغة أنثوية رقراقة، لغة موشاة بصور رسمتها ولونتها أنثى شاعرة، وهي وإن كبا الجواد بها أحياناً؛ كي يتأهب للانطلاق من جديد، في دروب تعبق بالجمال، وصور أحسست بأنها تخصها، فهي وحدها من صنعها، تناثرت في قصائدها بضع عثرات في اللغة وأخرى في الصياغة، وجلها في قفلات النصوص، وقصائد لا أدري إن كنا نظلم القصيدة إن أسميناها كذلك، فـ"نعمى" عنان جواد الشعر في يديك، رجلاك في الركاب، والجواد أصيل... أصيل... والدروب مفتوحة أمامك بلا عثرات

  • كيف كانت الانطلاقة الأدبية؟
  • مجموعتها الشعرية

    ** لأنني أؤمن بأهمية المحيط في تشكيل شخصية أي إنسان، وهي من تؤثر في انطلاقاته في أي مجال، أرى أنّ انطلاقتي كانت من هنا، من البيت الذي تربيت فيه، وأسس لانفتاحي المعرفي والحياتي، هي ثقةٌ وقوةٌ منحني إياها أبي مع عشقٍ للأدب والجمالِ والوطن.

  • لكل شاعر ملهم في كتاباته، فما هو الملهم في كتاباتك؟
  • من قصائدها

    ** حيث يكون الجمال يكونُ الملهم، ابتسامة طفلٍ تفتحُ أبواب القصائد، وردة يتكىء عليها الندى تخبرني كيف يكون الحبّ، وجباه الفلاحين تقول بالعمل نحيا.. كل تفصيل من الممكن أن يكون ملهماً لي، لكن هناك ملهماً أساسياً يميزني في كتابتي، ألا وهو النون بداية اسمي، وبداية النور والندى، حتى إنّ هناك من أطلق عليّ ملكة النون وأحياناً سيدة النون، لكنني بكل بساطةٍ "نعمى" من دون ألقاب، نعم اسمي أعطاني تفرداً وعشقاً من نوع خاص، كيف لا وهو الاسم الذي أطلقه والدي عليّ، اسمٌ كان في مخزون أبي الفكري، وهو العاشقُ لقصائد "بدوي الجبل"، والقارىء لـ"بدوي الجبل" لا يخفى عليه الاسم وتكراره، ومن هنا جاء التفرد والإلهام عندي، عشقٌ للكلمة حملني إياه أبي عندما أسماني "نعمى".

  • ما الذي جذبك لكتابة الشعر دون الكتابات الأدبية الأخرى؟
  • الشاعرة نعمى سليمان

    ** أنا أتذوق كل أنواع الأدب، وربما كان الشعر في الصياغة أقربها لي، لكون الشعر يتعاطى مع حالة سمو وعلو للكلمة.. من الكلمة أخيط رداءً ترتديه الأحلام، تنطقُ الغيوم.. هذه الصور والحالات الوجدانية يقدمها الشعر لي بطريقةٍ سلسة، ووجدت نفسي بعفوية أكتب الشعر دون سابق تخطيط.

    لكني الآن ومن مدة دخلت غمار تجربةٍ جديدة ألا وهي كتابة "الهايكو"، والهايكو هو أحد أنواع الشعر الياباني، ومشهورة قصيدة الهايكو بأنها قصيرة فيها إيجاز وتكثيف، وقد بدأت تجربة الهايكو العربية تتوسع، وفيها كتاب مبدعون ومسرورةٌ بتجربتي فيها، لأنني اكتشفت جوانب أخرى في شخصيتي وفي قدرتي على الكتابة.

    "رطبةٌ

    رسالتهُ الأخيرة

    بين يدي أمه

    وقد دخلت حديثاً جداً غمار القصة القصيرة جداً، لكن يبقى الشعر هو ساحتي وسمائي".

  • تميز شعرك بلغته الخاصة الغنية بالمرادفات الجزلة والبسيطة، فكيف أغنيتِ هذه اللغة وطورتها باستمرار؟
  • ** لغة الكتابة تحتاج إلى مخزونٍ كبير، وهذا يقدمه شيء واحد، وهو المطالعة والقراءات الأدبية، بذلك تبقى الكلمة في حالة تطور دائم ولا تشيخ، فأنا على تواصل مع اللغة ومع الشعر ومع كل أنواع الأدب، وهذا التواصل يغنيني ويغني مرادفاتي بشكل كبير وبشكل ملحوظ.

  • ما العلاقة بين مهنتك كمدرسة لغة إنكليزية وكتابة الشعر؟
  • ** ما كل أستاذ شاعر، وما كل شاعرٍ أستاذ، وصادف أن تكون مهنتي مدرسة ولا علاقة إطلاقاً لها بكتابة الشعر، صدف واجتمعت أشياء أحبها، فأنا أهوى عملي كمدرسة، وبنفس الوقت أعشق الكلمة وأعشق الحالة الشعرية، ومزيج جميل أن أكون مدرسة لغة إنكليزية وعاشقة كلمة.

  • ما العلاقة بين الصورة الشعرية والفكرة التي تنسجين عليها القصيدة؟
  • ** العلاقة بين الصورة والفكرة علاقة هيامٍ وحب، فالصورة الشعرية تعطي الفكرة جماليةً، وجمال الشعر في صوره وتراكيبه، وهذا ما يميزه عن الفنون الأخرى.

  • لكل منا رسالة يسعى إلى تقديمها في حياته، فهل تحاولين إيصال رسالتك عبر الشعر أم التدريس؟ وما هي هذه الرسالة؟
  • ** الشعر يصلُ إلى شريحةٍ -برأيي- محددةٍ، لذلك لا أجد أنّ رسالتي في الحياة يضمنها الشعر وحده، فالتدريس يجعلني أتعاطى مع فئة عمرية من السهل التأثير فيها إيجاباً أو سلباً، لذلك تكون مهمتي الحقيقية في التقرب منها، وبث الحب والأمل والفرح فيها، ووضعها في طريق الحياة السليم، فرسالتي إنسانيةٌ في زمنٍ غدا الإنسان مثقلاً بالبشاعة والحروب.

  • ماذا لو منعتِ من كتابة الشعر؟
  • ** هل نستطيع منع عصفورٍ من التغريدِ؟ أو منعَ نسرٍ من التحليق؟ فهذا أنا.

    والشعر بالنسبة لي عشق خفي تشربته منذ صغري، ويشاركني تفاصيلي الصغيرة، وأنا لا أمتهنهُ بل أتنفسهُ مع الهواء، لذلك لا أستطيع التفكير في الابتعاد عنه.

  • في قصائدك نقرأ عشقاً للوطن، فما مرد هذا، وهل هي المرحلة الحالية، أم ماذا؟
  • ** لا نحتاجُ مرحلةً ليكون الوطن سيداً، هو الوطن انتماؤنا الحقيقي، هو الأب والأم، هو الحضن الذي نرتمي فيه، و"سورية" وطني، وجرحها زادني حباً وتعلقاً بها، زادني إيماناً بأنّ الشمس ما هي سوى وطني.

  • قدمت شعراً له رمزية خاصة، حدثينا عنها؟
  • ** الطرح الشعري لديّ ألبسهُ في كل مرة رداء مختلفاً برمزيةٍ خاصةٍ بي، ولا أعتقد أنني مباشرة في طرح أفكاري، فأحملُ الكلمات مدى بعيداً ولا أشرحه.

  • ماذا كتبت عن بيئتك الطرطوسية؟
  • ** أؤمن بالشمولية، لذلك تجد من بيئتي كل جميل في كتابتي، وهو يدل على البيئة السورية ككل؛ فالبحر والسماء والياسمين سوريون.

  • كيف تصوغين موسيقاك الشعرية، وهل تنال أهميتها الوافية منك؟
  • ** أنا أكتب بعفويةٍ، وهذا أحد عيوبي في الكتابة، أي إنني لا أعطي القصيدة مدةً للمعاينة، وهذا أيضاً فيما يخص الموسيقا، وأعتقد أنّي لا أزال في درجات السلم الأولى نحو الجمال.

    وفي لقاء مع القاص والناقد "محمد عزوز" قال: «لقد كتبت الشاعرة "نعمى سليمان" قصيدة واحدة في مجموعة نصوصها المعنونة "قصائد في هيكل النون"، قصيدة الأنثى بلغة أنثوية رقراقة، لغة موشاة بصور رسمتها ولونتها أنثى شاعرة، وهي وإن كبا الجواد بها أحياناً؛ كي يتأهب للانطلاق من جديد، في دروب تعبق بالجمال، وصور أحسست بأنها تخصها، فهي وحدها من صنعها، تناثرت في قصائدها بضع عثرات في اللغة وأخرى في الصياغة، وجلها في قفلات النصوص، وقصائد لا أدري إن كنا نظلم القصيدة إن أسميناها كذلك، فـ"نعمى" عنان جواد الشعر في يديك، رجلاك في الركاب، والجواد أصيل... أصيل... والدروب مفتوحة أمامك بلا عثرات».